لزين العابدين ومبارك .. هذه ليست النهاية
2011-03-25
منذ الأسبوع الماضي قررت أن أبتعد عن السياسة، فموقع ألف ليس له موقف سياسي محدد، وهو ليس موقعا إخباريا، ولم يشتر أسهما يتداول بها في سوق البورصة السياسية. بيعا وشراء، مواقفه العامة هي ما تفرضه الساحة العربية من مقولات وعناوين كبيرة تفرض بين الحين والآخر التكلم عنها. ولكنه في العموم موقع ثقافي، والثقافة في العموم تنتجها السياسة إلى جانب مجموعة هموم إنسانية، ومقولات ليس مهم الحديث عنها هنا.
من هذا المنطلق لا نستطيع أن نغرد خارج السرب، ولا نستطيع أن نقف مكتوفي الأيدي، أمام ما نرى ونسمع ونقرأ. فايا منا لن يستطيع أن يستريح كمحارب وهو وسط المعركة لابد من وجود لحظة أمان تستطيع أن تكون فيها صادقا مع نفسك لتكتب في أمور أخرى، هذه اللحظة ومن حسن الحظ لم تتوفر حتى الآن، فتواتر الأحداث يأتي متسارعا إلى حد لا يدعك تلتقط فيه أنفاسك، وما تسمعه من أخبار يجعلك وسط المعركة، ولا تستطيع الخروج منها.
ما جرى حتى الآن، من تونس إلى مصر فليبيا فالبحيرن فاليمن، لا يدع للمتابع مجالا ليكتب عن التاريخ أو الدين أو الحب أو حتى عن نفسه، لابد أن يكون داخل المعركة، ولا بد أن تكتب عنها.
أرقتني أحاديث سمعتها هنا وهناك تعطي لزين العابدين بن علي، وحسني مبارك، شهادة حسن سلوك لأنهما لم يطلقا النار على شعوبهما. وهي أحاديث يتداولها الناس شفاهيا أو كتابة، ومختصرها يقول أن زين العابدين بن علي، وحسني مبارك كزعيمين تركا السلطة للشعب دون إراقة الكثير من الدماء، ودون مجازر، وهم بذلك يعطونهم حقا لا يستحقونه، فهما معا ما كانا ليختلفا عن القذافي وصالح بشيء بل ربما كانا يمكن أن يفعلا ما هو أقسى ، وأكثر دموية، ولكن ما ترك هذا الانطباع هو تركهما للسلطة دون إراقة للدماء، ولم يشرح أحد من الإعلاميين ولم ينقل حقيقة ما جرى ربما بسبب تلاحق الأحداث أو ربما يريدون لهما هذه السمعة.
حسني مبارك على سبيل المثال ساهم في إراقة دماء الفلسطينين، وحاصرهم في غزة، وأكل أموال المصريين، ولكن أيضا حسني مبارك الذي يتعامل مع الغرب كان مكتوف اليدين فهو صنيعة الغرب والغرب لا يستطيع أمام شعوبه التي ستحاسبه، أن يتعامل مع سفاح. ما قيل عن حسني مبارك يمكن أن يقال عن زين العابدين بتغيرات بسيطة تتعلق بفلسطين والفلسطينين، ولكن مع ذلك كل ما كان يمكن أن يردعهما لم يفكرا به، وأعطيا الأمر لقواتهما بضرب المتظاهرين، وحتى إبادتهم، ولكن من حسن حظ مصر وتونس أن الجيش لم يتفق مع الرئيس في موضوع إبادة الثوار، فالاثنان أعطيا الأمر باستخدام السلاح وإبادة المتظاهرين ولكن أوامرهما لم تطع من قبل الجيش الذي كان مفروضا أن ينفذها، وهذا الخلاف الجوهري الذي جعل زين العابدين، يغادر تونس بصمت، ومبارك يغادر إلى شرم الشيخ. دون أن يتعرض إليه أحد.
ولكن هل من الممكن أن ينسى الشعبان ما فعله بهما كل من الرئيسين؟ الشعبان الآن يعيدان ترتيب بيتهما الداخلي، وبيتهما الداخلي في خراب تام تركه لهما رئيسيهما، ولكنه ليس خرابا عصيا عن الإصلاح، وما أن يتم هذا الإصلاح وتستتب الأمور، وتستعيد الدولة كيانها وتنتخب رئيسا لها على أساس الدستور الجديد. سيعودون لفتح ملفات كل منهما، وهي ملفات قذرة بشكل لا يكفي إعدامهما فقط، أو لمرة واحدة، بل يكفي لإعدام أي رئيس يتعامل مع شعبه بهذه الطريقة دون محاكمة.
لهما أقول لستما في أمان، حتى لو اختبأتما في بلاد الواق واق .. ستحاسبان على كل ما ارتكبت أيديكما من فساد، وظلم وتعسف ضد شعوبكما، ستحاسبان على كل قرش سرقتماه من شعوبكما، ومن كل لقمة عيش منعتماه منها.
وحتى ذلك الحين، إذا لم يقض عليكما رعب انتظار هذه اللحظة، ستريان أن كل الشعوب ستستطيع في النهاية القيام ضد جلاديها، حتى ولو بمرور مئات السنين.
تحية لبوعزيزي الذي سيبقى خالدا، فيما سينسى الناس كل القادة الذين ظلموهم، وبينما ينتصب تمثال البوعزيزي في وسط تونس ليذكر الناس بما ارتكبه الجلادون في أي مكان في العالم.
أخيرا هي دعوة لإقامة تمثال لبوعزيزي في كل ساحة كبرى في كل دولة من دول هذه المنطقة.
وهي دعوة أيضا ليتعظ من لم يزل من الحكام يمارس القمع ونهب شعبه أن يتراجع، فلعل بتراجعه يسامحه شعبه. على أساس أن الاعتراف بالخطأ فضيلة.
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |