ديمقراطية مصاصي الدماء
2011-04-15
دم الدول التي يسمونها العالم الثالث أرخص بكثير من البترول الذي يتدفق من أراضي تلك الدول، ومن الاستثمارات التي يقوم الغرب وإسرائيل بها بالاتفاق مع أصحاب القرار . فالغرب لا يعنيه كم يموت من سكان ليبيا، وغيرها من الدول التي تنتفض مطالبة بالحرية، وبزوال الفساد وبرحيل الحكام، ما يعنيه تأمين ما بعد هذا الرحيل، ومادامت هذه الغاية ما تزال غائمة، أي لم يعرف بعد كيف سيتم التعامل مع تلك الحكومات الناشئة، فلن يتوقف حمام الدم. إنها طريقتهم في ممارسة الديمقراطية؟؟
الغرب عموما باستثناءات قليلة منها الدول الاسكندنافية والدول غير الصناعية من جاراتها، يهمه أن يبدو أمام شعبه بأنه مهتم بما يجري لشعوب العالم، وبالدم المراق هنا وهناك في المنطقة، ولكنه في الوقت نفسه يجد المبررات التي تجعل استمرار الحرب القائمة خصوصا على الأرض الليبية أطول مدة ممكنة لعدة أسباب:
أولها إن كل قذيفة تطلق باتجاه قوات معمر القذافي يدفع ثمنها الشعب الليبي، أخطأت هدفها أم أصابته، وإطلاق عدة قذائف متعددة الأشكال والأنواع على الهدف نفسه، بعيدا قليلا، قريبا قليلا المهم أن تتم الإصابة، الني هم قادرون حتما على أصابتها من المرة الأولى، بأكبر عدد من القذائف فالثمن سيرتفع، والأموال التي سيقبضونها ستكون عشرة أضعاف أو عشرين ضعفا.هي في النهاية ستصيبه بأكبر عدد من القذائف و"تفوتر" على الليبيين قيمة تلك القذائف.
والغرب بالنهاية وعلى رأسه أمريكا ، مدعومة ببعض دول العالم الثالث الخاضعة لنفوذها، هو الأمم المتحدة، وبالتالي فلا رقيب على ما يجري ولا تفسير لماذا استمرت قوات التحالف بقذف أهداف غير استراتيجية بالنسبة للثوار وتركت قوات القذافي تضرب المقاومة ضربات موجعة ، وتسيل من الدماء ما يزيد من قيمة البترول المخضب بدماء الليبيين. فالأمريكان يحبون مشهد الدماء، ويحبون أكله. ثمة بعض الأطعمة في الغرب تأتي ممتلئة بالدم الطازج ويقبل عليها متذوقوها بشراهة ما بعدها شراهة.
وثانيها لا أحد يجهل أن القذافي قد وزع أموال النفط على بعض دول الغرب دون حساب ليسكتوا عنه وعن تصرفاته الرعناء، وهؤلاء لهم حساباتهم أمام شركائهم الآخرين من أمثال القذافي في المنطقة العربية، الذين سيحسبون ألف حساب لسلوك تلك الدول المتحالفين معها، حين يثور شعبها ويطالب برحيل زعمائه، لذلك جاء تصرفهم بهذا الشكل المخزي ففي حين يعرف الجميع أنهم قادرون على القضاء على قوات القذافي يأيام، بدأوا يماطلون، ويضربون في الأماكن التي لا تمنع جيش القذافي من استمرار عملياته وإنما في أمكان قد تدمر بعض قواته وأسلحته ولكنها تسمح له بالحرب ضد الثوار. هو أسلوب تُعلم به شركاءها الآخرين بأنها مضطرة لفعل ما تفعل ولكنها تتعامل مع الأمر بلين ودون قسوة وتسمح للقذافي بل وتعطيه فرصة الانتصار إذا استطاع، وساعتها لا يعود للثوار الحق بالمطالبة بشيء. ولولا ضغط الثوار الإعلامي لما قامت القوات الغربية ببعض الضربات الموجعة للقذافي في الأيام الأخيرة ولاستمرت بالمناورة والمخاتلة واللف والدوران.
من حسن حظ الليبيين، أن الثوار صمدوا في وجه آلة القذافي الدموية، وأرجو أن تكون باقي الشعوب العربية المنتفضة والثائرة مثل حظ الليبيين، حتى لا تتكرر مأساة ما حدث في ليبيا مرة أخرى.
من جانب آخر يعرف الغرب تماما أن المبادرة الأفريقية التي تمت والتي رفضها المجلس الأعلى للثوار تمت بدعم من القذافي، وبطلب منه، ومع ذلك لم يقفوا ضدها رغم أنها كانت مؤامرة المقصود منها إنهاء الثورة والقضاء عليها. ولولا ذكاء الثوار لتمت العملية ببساطة. وقد خاب أمل الغرب الذي يريد إنهاء الأمر بأقل خسارة ممكنة، فرحيل القذافي هو في النهاية خسارة حقيقية لكثير من الدول الغربية.
نداء إلى جميع الثوار المحتملين في المنطقة العربية، وأيضا أولئك الثائرين في اليمن والبحرين والاحتمالات القائمة في الدول الأخرى، لا تثقوا بالغرب، ولا تثقوا بأمريكا وحلف الناتو، فهم لم يكونوا في صفكم يوما، ولن يكونوا، فالمال عندهم أهم من دمائكم فكونوا على حذر. ..
هامش
هل فكر أحدكم سبب صمت دولة إسرائيل والتصريحات المتناقضة التي تطلقها، دون أن تتذمر ودون أن تبدي رأيا مع أو ضد ما يجري.. سؤال يستحق التفكير فيه.
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |