بعد رفع حالة الطوارئ في البلاد .. قصص وحكايات.
2011-04-22
مستفيدا من صدور قرار رفع حالة الطوارئ في سورية سأتجرأ وأسأل ماذا ستفعل أجهزة الأمن بمسمياتها المتعددة وكيف سيجري التعامل مع المواطن في حالة لم يسبق لهم التعامل معها منذ ما يزيد عن أربعين عاما. ولن أسوق إجابات، فالمستقبل هو الذي سيعطي مثل هذه الإجابات للشعب المتعطش للحرية وللتعبير عن آرائه دون خوف من بطش تلك الأجهزة.
لم تكن تلك الأجهزة تقوم بعملها المحدد لها .. وعلى سبيل المثال اسم الأمن السياسي يعني التعامل مع المواطنين بما يخص إساءتهم إلى سياسة البلد والعبث بأمنه. ماعدا ذلك لا يحق لهذا الجهاز التدخل في أي أمر آخر.
الذي كان يحصل أن تلك الأجهزة كانت تتجاوز صلاحياتها تلك وتتدخل في كل شاردة وواردة في حياة المواطن ولو كان خلافا مع زوجته التي يمكن أن تشكوه إلى أحد تلك الأجهزة وتكون مدعومة من جهة ما.
سأروي هنا قصة حديثة العهد، لصغر حجمها، كدليل على تدخل الأمن في أصغر الأمور التي تتعلق بالمواطن،ومثلها أكثر من أن يحصى، جرت مع جمعية سكنية في مدينة من مدن سوريا، وفي أقصى شمال سوريا، هذه الجمعية السكنية عملت بجد، وجهد، وبخلاف الكثير من الجمعيات الأخرى لم تسرق، ولم تخالف في مواد البناء، ولم تفعل شيئا ضد القانون، ولكنها ولأنها تريد إحقاق الحق، ودون قصد منها سوى ذلك، آذت بعض المسؤولين ، أو بعض أقربائهم الذين وبدلا أن يتقدموا بشكوى إلى النيابة العامة ليحصلوا على حقهم ، لو كان لهم حق، قامت بالاستفادة بعلاقتها مع فرع الأمن السياسي هناك، الذي قام بدور القاضي والجلاد فاستدعى أعضاء تلك الجمعية وحقق معهم ليوم أو يومين وانتهى من تحقيقه معهم رغم أنه ليس من حقه التدخل في أمر مدني لا علاقة له بالسياسة ولا بأمن البلد، ومع ذلك ورغم أنه انتهى من التحقيق معهم، لم يحولهم للقضاء بل أبقاهم في أقبيته لثلاثة أشهر تقريبا، دون أي كلمة معهم، يدخل لهم الطعام، في أوقاته، ويسحبه دون أي سبب لبقائهم في تلك الزنزانات سوى إرهابهم لجعلهم يتراجعون عما سببوه من أذى لأصدقاء رئيس الفرع هناك.
بعد ذلك، ولا أحد يعلم السبب حولوا للقضاء بتهم لا جدوى منها ولا إثباتات تثبتها، ومع ذلك احتفظت بهم النيابة لست أشهر أخرى، ثم أطلق سراحهم قيد محاكمة لم تتم حتى الآن.
أي أنهم سجنوا تسعة أشهر دون محاكمة، ولنفترض وهذا الافتراض أقرب للحقيقة أن القاضي حكمهم بالبراءة، من سيعوض لهم تلك الأشهر التي سجنوها، وعلى من ستحسب تلك الأيام التي قضوها خلف القضبان.
قد يقول قائل ربما هم مذنبون فعلا، وهو سؤال محق، ولكن تظل مثل هذه الحالات هي من مسؤولية القضاء والنيابة العامة وليست مسؤولية فرع أمن سياسي في مدينة ما.
هذه واحدة من قصص كثيرة تدخلت فيها أجهزة الأمن في أمور لا تخصها، وحين تحول للقضاء يقف القضاء مكتوف الأيدي فهو يخاف من مخالفة تلك الأجهزة، فالقاضي يخاف على مركزه، ولا يريد من أجل إحقاق حق خسارة عمله فيزج بهم في السجن لفترات مختلفة إرضاء للجهاز الذي أرسلهم له.
لم يعد قانون الطوارئ قائما الآن، فهل من محامين يقومون بفتح ملفات تلك القضايا كلها، والتي كانت مخالفة من أساسها لأي قانون في العالم، وإعادة الحقوق لأصحابها، ومحاسبة المسؤول الذي قام بهذه الأفعال المخالفة لطبيعة عمله.
سقت تلك الحادثة لأنها ما تزال طازجة بعد، ومازال أصحابها ينتظرون محاكمتهم، وبعضهم أوقف عن عمله بسبب وجوده في السجن، ولكن هذه القضية تحديدا هي أبسط قضية ممكن الحديث عنها.
هي في النهاية مسؤولية الرئيس ومعاوني الرئيس تحديدا، ومادام هو من رفع قانون الطوارئ، فمن الطبيعي أن يأمر بالتحقيق في أية حالة تم فيها التحقيق دون وجه حق، وإعادة الحق لأصحابه ويجب العودة إلى الملفات والتي بدأت مع فرض حالة الطوارئ في البلد، فما سيكتشفه الرئيس لن يصدقه الرئيس، مصادرات لمنازل بالقوة، إلى شراكات في مشاريع بالتهديد، إلى صفقات مشبوهة بالترهيب. وأشياء أخرى تقشعر لها الأبدان.
هذا هو الجانب السيئ الذي استغلته الأجهزة من فرض حالة الطوارئ في البلاد، وكما هو مهم تنفيذه اليوم بشفافية، مهم أيضا البحث فيما سببه للمواطنين من أذى عبر تاريخ فرضه الطويل.
نقطة أخيرة لابد من الإشارة إليها وهي أن كل إجراء أتخذ في ظل قانون الطوارئ وكل حكم أمرت به محكمة أمن الدولة يجب أن يعتبر لاغيا، وهذا يعني الإفراج الفوري عن جميع معتقلي الرأي في السجون السورية . ومنه حجب المواقع الألكترونية دون مسببات قانونية يجب العودة عنه، وبالتالي يجب رفع الحجب تلقائيا عن جميع المواقع المحجوبة في سورية باستثناء تلك التي يرى القضاء، أو أي جهة مكلفة قانونيا بمتابعة بعض المواقع التي تسيء إلى الدولة ويجب أن يصدر القضاء أمرا بذلك.
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |