أهم شيء هو مصلحة المواطن، وأغلى شيء هو الوطن
2011-06-10
تأسس حزب البعث في منتصف القرن الماضي، ودخل في لعبة الديمقراطية السورية بكل أشكالها وانقلاباتها العسكرية، ولكنه وعلى خلاف جميع الأحزاب التي كانت تشاركه اللعبة، كان له طموح مختلف، وبالحقيقة كان طموح أكرم الحوراني وليس طموح الحزب بكل كوادره، فالحوراني كان وراء، أو حليفا لـ، أي انقلاب يقوم في البلاد، وحين كان يدخل لعبة الديمقراطية كان يلعبها وهو يفكر بالانقلاب العسكري التالي عليها، ومرت المرحلة مابين بداية الاستقلال وحتى استلام حزب البعث السلطة بين كر وفر بين رغبة بحكم ديمقراطي وبين انقلابات عسكرية كان أكرم الحوراني في معظم الأوقات مؤيدا لها.
وحزب البعث – الذي كان موجودا في بداية أيام الاستقلال – مرَّ بعد استلامه للسلطة في 1963 بمراحل عديدة حتى وصل ليستقر في أحضان الرئيس الراحل حافظ الأسد، ليصبح الرئيس هو الحزب والحزب هو الرئيس، ولتعيش البلاد منذ ذلك اليوم من عام 1970 تحت حكم يقوده الرئيس بمساعدة عدد من فروع الأمن، وألوية الجيش. وانتهت مرحلة الديمقراطية لتبدأ مرحة حكم الفرد باسم الحزب، تجربة مستقاة حينها من تجربة الاتحاد السوفياتي.
ما أريد قوله من هذه المقدمة هو أن جيلا كاملا أكمل حياته في ظل حزب البعث دون أن يؤمن بمبادئه، لأنه عاش فترة قصيرة من الحكم الديمقراطي، وجيل بدأ وعيه في ظل حكم البعث وحافظ الأسد دون أن تكون لديه أية فكرة عن الديمقراطية، أو الحياة البرلمانية الحقة، أو الانتخابات الحرة والنزيهة. هذا الجيل تعود أن يقول نعم مرغما، ولم يتعلم سوى المناداة بشعارات الحزب التي أفرغت من محتواها، ثم ألغيت مؤخرا في عهد الرئيس بشار.
هذا هو الجيل الذي يخرج اليوم مطالبا بحرية افتقدها طوال عمره، يشاركه فيها جيلنا الذي عاش مرحلة الديمقراطية، وأكمل حياته في ظل حكم البعث. وإذا كان جيلنا يمكن أن يعرف شيئا عن الحياة الديمقراطية فالجيل الذي ينزل إلى الشارع لا يعرف شيئا عنها، ومع ذلك فهو تواق لها، وفي نزوله للشارع واستعداده لدفع دمه ثمنا لديمقراطية يعيشها أولاده بعده، تأكيد على أن الديمقراطية هي المصير النهائي لدول العالم كافة.
بيد أن النزول للشارع، والتظاهر، والتضحية بالنفس لا تكفي وحدها لتؤسس في حال نجاحها، دولة مكتملة الشروط، لذلك كان لا بد للمثقفين والسياسيين المخضرمين البدء بتأسيس نواة أحزاب، أو لنقل تجمعات سياسية تتفق حول أفكار محددة تطلق مجموعة أفكار عن طبيعة الحياة، والوضع السياسي الذي يجب أن يسود البلاد بعد نجاح الثورة واستلام الناس مقاليد البلاد.
ليس لدينا سوى أفراد مفكرين، وتجمعات صغيرة تتلمس طريقها لتأسيس أحزاب مازالت تختلف فيما بينها حول أساسيات مفروغ منها، ولكن هذا لا يعني أننا نسير في الطريق الخطأ، هي البدايات ولا بد أن تتمخض عنها مشاريع يمكن معا أن تؤسس أحزابا، في بنودها الديمقراطية بالبونط العريض. ثم تأتي التفاصيل لاحقا، لتؤسس لدستور جديد للبلاد يستفتى عليه بعد مروره على لجان مختصة في كل فرع من فروع الحياة.
لا بأس من ظهور تجمعات سياسية، وقد بدأت تظهر، وإذا كنا ننشر اليوم بيان "أنت البلد" التيار الوطني الديمقراطي السوري، فنحن لا نشك أن عددا كبيرا من التجمعات قد بدأت تلتقي وتفكر، وتبحث عن الحل الأمثل لما بعد الثورة.
أهم ما يجب أن نكون متأكدين منه هو أن يكون هؤلاء جميعا يبحثون عن مصلحة البلد لا عن مصالح شخصية، تجربة ما بعد الاستقلال يجب أن تكتب بشكل محايد وتدرس للطلاب في مرحلة لاحقة لنكتشف أين كان الخطأ وكيف يتم تلافيه.
هناك نقاط مضيئة في بيان أنت البلد، وفي نقاشه سوف يعدل بعضا من مواقفه لتتلاقى مع تجمعات أخرى يمكن أن تصل بنا إلى بر الأمان.
أهم شيء هو مصلحة المواطن، وأغلى شيء هو الوطن، هذا ما يجب أن يفكر فيه هؤلاء الذين يبحثون في هذه اللحظة عن شركاء يشاركونهم أفكارهم حول كيف سيكون الحكم بعد انتهاء ما نحن فيه الآن.
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |