المازوت السوري وأردوغان ولعبة السياسة القذرة
2011-09-09
حين اقتربت الانتخابات التشريعية في تركيا، كانت سورية قد بدأت حراكها من أجل الحرية، وكان أردوغان يبحث عن منفذ، أو وسيلة يفوز بها في الانتخابات بنسبة عالية من الأصوات ليستطيع تشكيل الحكومة التي يريد ودون اضطراره إلى تحالفات مع أحزاب حرة تضع عليه شروطا لا ترضيه. فكانت الثورة السورية وقمع النظام لها بطرق استبدادية دموية غير مسبوقة فرصته النادرة.
استغل تلك الفرصة، ووضع نفسه قيما ومدافعا عن الشعب السوري وثورته، ومهاجمة النظام السوري، واستفاد من موضوع اللاجئين السورين إلى تركيا فأقام لهم الخيام، وصورت وسائل الإعلام هذا الاهتمام غير المسبوق ليزيد من شعبيته ويرفع عدد ناخبيه الأتراك، فظهر أمامهم كمدافع فذ عن الحريات في العالم.
مصائب قوم عند قوم فوائد.
لم يخب أمل أردوغان وفاز مستفيداً من الوضع في سورية بنسبة تؤهله لتشكيل الوزارة التي يريد. وفيما كنا نسمع صوته كل يوم وفي كل مناسبة يدافع عن الثورة السورية بكل حماس، صمت صمتا شبه تام بعد نجاحه وما عاد يهتم إلا بالحدود الدنيا للشعب السوري وثورته. فأهملت خيام النازحين وما عدنا نشهد ذلك الحماس الذي كان.
لم أسق هذا الكلام لأقول إن الشعب في سورية قد عول عليه، ولم يفكر يوما في الاستفادة منه، وبقي الثوار سائرين في ثورتهم دون اهتمام به أو بغيره، فقيادات الثورة تعرف تماما السياسة والألاعيب السياسية. ولكن ما دفعني للحديث اليوم عن هذا الموضوع هو أمر هام وحساس بالنسبة للسوريين ألا وهو تهريب مادة المازوت من سورية إلى تركيا بكميات كبيرة صمتت تركيا عنها، وسمحت للأتراك بسرقة تلك المادة علنا وأمام أعين الجميع.
قد يبدو الموضوع غير هام، وقد تبدو مقارنة مادة المازوت بدماء الشهداء غير منطقية، ولكن مادة المازوت مادة حيوية للمواطن السوري على أبواب شتاء طويل بارد يحتاج في السوري إلى العودة إلى بيته ليجد دفئا وراحة بعد يوم طويل في مسيرة ثورته الطويلة.
حين وصلت إلى الحدود السورية زكمت أنفي رائحة المازوت، كانت قوية جدا، تساءلت عن السبب فأخبروني بقصة تهريب المازوت من سورية إلى تركية وعبر أرض سورية محتلة، أقصد بها اللواء السليب، هكذا حفظنا اسمه ونحن صغار، ثم ما عاد أحد يتذكره، واعتبر أمره منسيا. بعد أن صمت عنه النظام السوري
بعد مغادرتنا باتجاه الحدود التركية كانت الصورة قاتمة؛ المهربون ضمن الأراضي التركية عصابات من أبناء اسكندرون، يحملون المازوت عبر الجبال من سورية إلى منطقة الحدود العازلة بين البلدين لتأتي السيارات التركية و تحمله إلى الداخل التركي تحت أنظار الجمارك التركية وضباط الحدود وبالتعاون والاتفاق بينهم.
طبعا هناك متنفذون سوريون يشاركون مباشرة بهذه العملية فإيصاله إلى الحدود التركية لتسليمه يحتاج إلى أشخاص نافذين بالسلطة حتى تغض الجمارك النظر و لا تتعرض لأولئك المهربين. فالأمر يتم بسهولة شديدة، والمازوت يصل من مصدره السوري إلى الحدود التركية ليحقق المهرب أحد شبيحة النظام السوري أرباحا هائلة ويحرم بالمقابل الشعب السوري وخصوصا فقرائه من دفء في الشتاء القادم.
صمت تركي، وصمت سوري كل له سببه، وضياع مادة حيوية هامة من أجل تكديس الأموال في جيوب المهربين من الطرفين. قد نتفهم صمت الأتراك وهم المستفيدون، ولكن كيف نتمكن الصمت السوري الذي يقتل الثوار السوريين بدم بارد، وينشر جيشه العسكري والأمني وشبيحته في جميع الأراضي السورية، بدت عاجزة عن حماية حدودها من السرقة، وكان الأهم عندها كم أفواه المعارضة بالنداء بإسقاط النظام، وليست معنية بالخسارة الهائلة التي تتكبدها هي ، ويتكبدها المواطن السوري المسكين.
إلى أردوغان أقول عسى يصله صوتي؛ امنع مواطنيك من عبور الحدود لشراء المازوت وامنع المهربين الذين يعبرون الأراضي التركية تحت أعين الجمارك التركية.لأنني لا أستطيع أن أطلب من النظام السوري ذلك فالأهم عنده هدر الدماء السورية وهي أرخص عنده أيضا من مادة المازوت.
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |