أيها العرعور دع الثورة السورية وشأنها
2011-12-30
محاولات النظام لخلق فتنة طائفية باءت بالفشل حتى الآن فباستثناء تصرفات فردية من كلا الطرفين، وهي تصرفات هوجاء لا يتحكم فيها العقل، لم تتحول حمص إلى منطقة حرب أهلية كما أراد لها النظام الحاقد. فمازال الحماصنة متمسكون بوحدتهم الوطنية والاجتماعية.
بدأت المحاولات بقيام الشبيحة بقتل موالين ومعارضين من كلا الطرفين ورمي جثثهم في الحي المعادي لكل منهم، في البداية ثارت ثائرة الطرفين ولكنهم فيما بعد تبينوا الحقيقية. وابتعدوا عن محاولات الانتقام التي كانوا سيقومون بها. ثم بدأت الشبيحة بإفهام الأقليات أنهم موجودون لحمايتهم، ولكن هذه لم تنطل أيضا إلا على من هم غير قادرين على التحليل وفهم أن السلطة والسلطة وحدها هي المستفيدة من حرب أهلية في حمص. أو في أي مدينة سورية أخرى كاللاذقية مثلا.
كتبت لي سيدة تعليقا على افتتاحياتي ما مفاده أنني أنجر للدفاع عن طيف واحد من أطياف الشعب السوري وهذا جزء مما جاء في رسالتها "ولكن الذي يجرحني ويستفزني هو إدانتك لفريق واحد والاعتراف بدم فريق واحد وتجاهلت إدانة رجال الدين المتطرفين وتجاهلت التكفيريين الذين يذبحون أهلي" واضح أنها تقصد بكلمة أهلها الطائفة العلوية، ورغم أنني أعرف نفسي جيدا، وأعرف أنه من غير الممكن أن أنحاز ضد طرف معين حتى ولو كان هذا الطرف أهلي أنا. كنت دائما مع الحق ولن أحيد عنه.
لا شك أن هذه السيدة واقعة في فخ العرعور وأمثاله فهو أول من بدأ في عملية التحريض الطائفي والشيخ من أصل سوري ومقيم في السعودية ويقبض ثمن كل كلمة يقولها بالعملة الصعبة، وهو يقبض من كل الاتجاهات، من السعودية التي يهمها أن تتحول الثورة إلى ثورة سلفية، ومن سورية التي تعنيها وتخدمها الحرب الطائفية، ومن دول كثيرة مهتمة بالشرق الأوسط وإعادة ترتيبه من جديد لمصلحة إسرائيل.
العرور ولن أسميه شيخا لا هو ولا أمثاله ممن يدعون الفضيلة والتدين، والمشيخة، ولا ندري كيف خلقت وأبدعت تلك القنوات الدينية المتطرفة لتنضم للثورة السورية تدافع عنها وتصمها بالتطرف الديني.. وحقيقة الأمر أن وجودها أساء للثورة أكثر مما نفعها، فالأحاديث والدعوات إلى النعرات الطائفية المبطنة التي يطلقها العرعور تركت أثرا سلبيا جدا لدى الطوائف الدينية الأخرى التي يتشكل منها الشارع السوري، ولا أعتقد إلا أنه عميل للنظام، بالتعاون مع السلطات السعودية، حيث وظفه ليزيد من الاحتقان الطائفي ويحول الثورة من ثورة سلمية لا طائفية، إلى ثورة طائفية.
العرور لم ينجح سوى بجعل بعض من بعض الأقليات يخشى على نفسه من أن يحكم سورية إسلام متطرف كما يظهره العرور، وهذا يعني من وجهة نظر البعض كتلك السيدة، نهاية كل حضارة في سورية، وبمرور الوقت ستكون سورية دولة إسلامية كأفغانستان وباكستان والسعودية .. والأقرب إلينا النموذج السعودي المتخلف مئات السنين الضوئية عن أي مصدر حضاري والذي مازال في زمن ما قبل التاريخ، والذي لا يحمل أي صفة من صفات الإسلام السمح.
يمكن أن يكون بعض المتطرفين، أو بعض الأميين السذج انخدعوا بما يقوله العرعور، ولكن ميزة الشعب السوري أنه شعب مثقف، حتى المتدينين منه مثقفين وغير قابلين لمثل هذه الترهات. ولا يمكن أن يقبلوا فتاوى لا منه ولا من أي شيخ سعودي، لا تخرج فتاواه لأجل الدين وإنما لخدمة أهل نعمته السعوديين.
يمتاز السوريون بأنهم سلالة حضارة عريقة، سلالة قدمت للإنسانية معظم ما اعتمدت عليه في حضارتها وتطورها، وبالتالي فإن جيناتهم تحمل هذه الحضارة ولا يمكن أن يفهموا الدين بالطريقة العرعورية، وإنما كما أراد لهم النبي أن يفهموه وليس أدعياء الدين ممن تشتريهم المملكة العربية السعودية لتحويل المسلمين عن أصول دينهم إلى فتاوى غريبة تداولتها الأخبار في السنوات الأخيرة ساخرة من مثل تلك الفتاوى.
والسوريون أيضا لم يكونوا يوما يضعون الدين كأساس للحياة اليومية، ففي فترة الخمسينات، فترة الدولة السورية الوليدة، لم يكن الأخوان المسلمون بقادرين على الحصول على مقعد واحد في البرلمان إلا بصعوبة بالغة.
وسورية من جهة أخرى لم تعرف الحجاب إلا في عصر حزب البعث، ومن بعده في عهد الأسد الأب والأسد الابن، حيث استغل بعض المشايخ حقد الشارع على آل الأسد فتحولوا إلى المساجد ومن تلك المساجد بدأت البدع، وبدأ الأخوان المسلمون بالانتشار، وبدأ الحجاب بالانتشار، وبدأت تنتشر أنواع شتى من المسخرات الدينية كجماعة القبيسيات وجماعة عبد الهادي الباني وجماعات أخرى كثيرة ارتبطت بالأمن السوري لتحويل الشارع إلى شارع متعصب كان في يوم من الأيام يخدم مصالحهم.
لا العرعور سيسود ولا جماعة الباني الذي حرف الدين الإسلامي قبيل وفاته وفسر القرآن بطريقته الخاصة ودعا للإمارة الإسلامية. ولا أي متطرف ديني أو غير ديني. لا أنكر أن الأخوان المسلمون قد يحصلون على الأغلبية في مجلس نيابي منتخب، ولكنهم سيشتركون في الحكم مع أحزاب أخرى غير دينية وهذا ما سيعطي الفرصة للشعب أن يقرر في انتخابات لاحقة، من سيمثله حقيقة.
في سورية موزاييك الطوائف هو الذي سيحدد تشكيلة المجلس النيابي، فالعلويون والإسماعليون والمرشديون والدروز والشيعة سيكون لهم ممثليهم كما سيكون هناك ممثلين لمن هم خارج كل الأديان العلمانيين واللادينين، وهناك الأكراد والآشوريين كقوميات موجودة في سورية، وبالتالي لن تكون هناك أكثرية ساحقة للإخوان المسلمين، وإنما قد يكون لديهم أغلبية بسيطة ولكنها لن تسمح لهم بالسيطرة على الدولة، وعلى صناعة الدستور، ولا على أي مفصل هام من مفاصل الدولة.
لهذه السيدة أقول أثق بالشارع السوري، وأثق بمدنية المواطن السوري وثقافته، وأثق بالمتدين السوري الذي يعبد ربه من أجل آخرته، وليس لمنفعة شخصية .. أحترم جميع الطوائف، وأثق بقدرتها على تجاوز هذه المحنة .. أثق بسورية..
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |