وينقلب السحر على الساحر
2012-01-20
ربما تكون محافظة حمص بحكم التنوع الطائفي الكبير الذي يتجمع فيها، هي المكان الأمثل ليلعب فيها النظام لعبته القذرة ليوحي للسوريين أنه في حال زواله ستكون هناك حرب أهلية في سورية. وقد بذل جهودا جبارة منذ انطلاقة الثورة على تأجيج الحس الطائفي لدى سكانها، وإقناعهم بأن الأقليات الطائفية مستهدفة من الأكثرية السنية، ويمكن القول أنه نجح جزئيا في ذلك، ولكنه ليس النجاح الذي كان يأمل فيه، فهو وحسب تقديري لمخططاته كان يعتقد أن حمص ستكون الآن في غمار حرب أهلية لا تبق ولا تذر، ولكن حقيقة ما جرى لم يتجاوز عدة حالات اختطاف من الجهتين وبعض حالات القتل البشع وكانت الأمور دائما قابلة للاحتواء وهذا ما كان يغيظ السلطة فترفع من وتيرة التشبيح الذي يمكن أن يبدو للوهلة الأولى أنه من فعل طائفة ما ضد أخرى وهو في حقيقة الأمر لا يتعدى مراهقة سياسية من النظام الذي من المفترض أنه وصل سن البلوغ.
بكل الأحوال ما يجري في حمص لا يسر، وهو حتى بوضعه الراهن يرضي النظام ويجعله يعتقد أن من الممكن تحويله إلى حرب أهلية، تجعل أهل حمص، بل والسوريين جميعا يطالبون بوقف العنف ويلجأون للنظام من أجل وقف النزيف.
هو حلم إبليس في الجنة، لأن أهل حمص لا يمكن أن ينجروا إلى مثل هذه اللعبة الغبية باستثناءات قليلة من بعض ضعاف النفوس، والخائفون على أوضاعهم الحياتية وثرواتهم التي تشكلت في ظل هذا النظام، ولا أخفيكم القول أنني في لحظة من اللحظات كدت أصدق اللعبة، وكدت أقتنع بأنه من الممكن أن تكون حمص بؤرة مناسبة لتلك الحرب الطائفية التي تحلم بها السلطة لتنقذ نفسها من مصيرها الذي بات محتوما، ولكني كنت أقاوم هذا الاحتمال، وأؤكد بيني وبين نفسي، أن السوريين بحضارتهم المتوارثة منذ بداية الخليقة، لا يمكن أن ينجروا حلف لعبة سخيفة، وهم الذين تعايشوا بيتا جنب بيت، وطابقا فوق طابق، وحيا جنب حي بتآلف وتحاب كبيرين.
الذي نقلني نقلة نوعية نحو نفي مثل هذه المخاوف نفيا قاطعا هو البيان الذي نشر على الفيس بوك منذ أيام وجاء فيه:
بيان من أجل المواطنة
نحن الموقعون أدناه، مواطنون سوريون، علويو المولد، اخترنا أن نعبر عن رأي مجموعة كبيرة من أبناء الطائفة العلوية حيث أجبرتنا الظروف والمسؤولية الوطنية إلى الإشارة مكرهين إلى خلفياتنا الاجتماعية. منذ بداية انتفاضة الحرية في سوريا، دعمنا كافة مطالبها مروراً باسقاط النظام بكافة رموزه وانتهاء ببناء دولة مدنية ديموقراطية تحترم جميع مواطنيها. إننا نستنكر محاولة النظام من خلال ألاعيبه ...الأمنية والإعلامية ربط الطائفة العلوية خصوصاً والأقليات الدينية عموماً به. بنفس السوية ندين سلوك وتصريحات أطراف معارضة تحاول إضفاء صفة طائفية على انتفاضتنا التي كانت ومازالت انتفاضة كرامة بمطالب مدنية. هذه الأطراف ليست سوى الوجه الآخر للنظام القمعي. إننا نؤكد على ما يلي:
1. وحدة الشعب السوري بكافه أطيافه الدينية والقومية، والعمل على بناء دولة حرة ديموقراطية تحفظ حقوق مواطنيها بالتساوي وهذا يتم بداية باسقاط النظام الاستبدادي الحالي.
2. نطالب الجيش السوري التوقف عن تنفيذ أوامر القتل ضد المتظاهرين السلميين.
3. نجرّم أعمال القمع الوحشية التي يقوم بها أزلام النظام (الشبيحة) أيّاً كانوا، ولأي جماعة دينية أو قومية انتموا.
4. نتبنى الدفاع عن الحقوق المدنية للمواطنين السوريين من كافة أطياف المجتمع السوري وسنبقى ندافع عنها في وجه من يتعدى عليها أيّا كان.
5. ندعو المواطنين السوريين العلويين وأبناء الأقليات الدينية والقومية المتخوفين مما سيلي انهيار النظام إلى المشاركة في إسقاط النظام القمعي والمساهمة في بناء الجمهورية السورية الجديدة، دولة القانون والمواطنة.
6. ندين أية ممارسات وتصريحات طائفية تصدر عن معارضين، ونعتبرها إساءة للشعب السوري كله ولمستقبل سوريا. وندعو قوى الثورة إلى إدانة مثل هذه الممارسات والتصريحات.
7. ندعو جميع أبناء سوريا بكافة انتماءاتهم إلى التوقيع على هذا البيان بعد صدوره.
عاشت سوريا حرة ديمقراطية.
عدد الموقعين 106 أشخاص يمكن لمن يرغب الاطلاع على أسمائهم على الفيس بوك
تلاه في نفس اليوم بيان آخر صادر عن تنسيقية منطقة مصياف جاء فيه:
المجد للوطن والرحمة والخلود للشهداء، والحرية لكل المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي من أبناء وطننا الغالي سوريا . مصياف كانت ولا تزال مع ثورة شعبنا السوري السلمية في سبيل الحرية والكرامة وإقامة الدولة الوطنية الديمقراطية المدنية الحديثة، ووضع مصلحة الوطن والشعب فوق كل مصلحة، ونبذ العنف وعدم التعامل بغير سياسات اليد ا...لممدودة والقلب المفتوح، والتشجيع على التواصل والتفاعل الودي والإيجابي بين جميع ألوان وأطياف الشعب السوري بلا استثناء، ورفض أي تدخل خارجي من شأنه الإضرار بمصالح الوطن و بسيادة ووحدة البلاد أرضاً وشعباً . نؤكد تضامننا مع أبناء شعبنا وتلاحمنا معه ومع مطالبه المشروعة، وأن مصياف وريفها جسدٌ واحد وجزء لا يتجزأ من الوطن سوريا عامة ومن محافظة حماه خاصة . نحن تنسيقية منطقة مصياف نؤكد من موقعنا ومنبرنا على النقاط التالية : رفضنا وبشدة الحل الأمني والعسكري الذي يمارسه النظام وأجهزته الأمنية من قتل وتنكيل واعتقال بحق الشعب السوري الأعزل ومن حصار للمدن السورية وتدمير للممتلكات الخاصة والعامة واستنزاف لطاقات الوطن البشرية والمادية ومحاولات زعزعة السلم الأهلي من خلال التجييش والتحريض عبر وسائل إعلامه وأجهزته ومن يتبع لهم من إعلاميين ورجال دين ومخبرين ومرتزقة، ونحمل النظام وأجهزته مسؤولية سفك دماء الشعب السوري وما لحق بالوطن من أضرار . إدانة أي خطاب أو سلوك من شأنه إثارة التفرقة أو الخلاف أو التوتر بين السوريين على أساس ديني أو طائفي أو مذهبي أو عرقي . نؤكد وقوفنا مع الشعب السوري عامة وكل المدن المحاصرة، ونخص بالذكر مدينة حماه التي عانى أهلها سابقاً ويعانون حالياً من الهجمة الأمنية والعسكرية العنيفة، ولن نتردد في مد يد المساعدة بقدر ما نستطيع . نطالب برحيل فوري للنظام وضمان انتقال سلمي وآمن للسلطة القائمة وذلك لتجنيب البلاد مخاطر الانهيار العنيف، ويشارك في ذلك سياسيون وممثلون عن المعارضة في الداخل والخارج، وممثلون لناشطي الثورة الميدانيين وغير الميدانيين،وعسكريين لم تتلوث أيديهم . نؤكد كمواطنين سوريين على أن : سوريا جمهورية ودولة مدنية يملكها السوريون، وليست لفرد أو أسرة أو حزب، وهي لا تورث من آباء لأبناء. السوريون شعب واحد، أفراده متساوون في الحقوق والواجبات، لا ينال أحد منهم امتيازاً أو ينتقص من حقوقه . كل المجموعات الثقافية والدينية المكونة للمجتمع السوري يجب أن تنال الاحترام في سوريا الجديدة، على أسس المواطنة، ولكل منها حقوق وواجبات على قدم المساواة، وبذلك تتجاوز البلاد ماضيها الاستبدادي . العدالة والتسامح، هما المبدآن الناظمان لمعالجة أية خصومات بين السوريين، وإزالة آثار الغبن القومي والاضطهاد الذي تراكم خلال عقود من سياسات البعث الشمولية . لا حصانة لأحد فوق القانون، والمحاسبة مبدأ شامل لا استثناء لأحد منه . إن الموارد الوطنية ملك للسوريين جميعا . عاشت سوريا حرة ديمقراطية مدنية، والمجد للشعب السوري العظيم والخلود لشهداء الوطن والحرية .
ضربتان على الرأس توجعان، فبينما النظام بات قاب قوسين أو أدنى كما يوحي له عيونه على الأرض، وجد نفسه فجأة أمام موقف لا يحسد عليه فالموقعين على البيان الأول فإذا كان عدد الموقعين الحاليين قد تجاوزوا المائة شخص فقد يصلون إلى الآلاف، بمدة قصيرة وأهالي مصياف اتخذوا موقفهم وحسموا أمرهم بتحولهم إلى جانب الثورة والثوار وهم لا يعلمون من أين ستأتيهم الضربة القادمة، ومن من أولئك الذين يضعونهم في جيوبهم سيخرج ليصدر بيانا ليقول أنه مع الثورة.
ما هو مؤكد أن كثيرين من السوريين يقفون الآن في الحد الفاصل ما بين الجنة والنار
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |