الربيع العربي هو الربيع السوري فقط،
2012-03-30
الربيع العربي هو الربيع السوري فقط،
لأن سورية أسست حضارة هذا العالم الذي نعيش فيه، فمن غير الممكن إلا أن تكون وفية لهذه الحضارة، وفية لتاريخها وثقافتها. لهذا كان الخوف غير مبرر من أن تكون كبعض الدول المجاورة تدمر نفسها بنفسها.
لا أنكر، وألوم نفسي اليوم على هذا، أنني في لحظة ما خفت على سورية، خفت أن تتحول ثورتها إلى منبع لمنافع شخصية يقتنص منها كل من العاملين فيها شيئا لنفسه، ولكن خوفي لم يكن في مكانه، فما حدث في الأسبوع الماضي كان دليلا على أن سورية بخير، وأن ما هو ليس بخير هم أولئك العسكر الذين حكموا البلد لأكثر من أربعين عاما، وقد آن أوان زوالهم.
لا أقول ما قلت من فراغ، بل من حقيقة ثبتت على أرض الواقع، وبشكل متسارع وعملي وشجاع. في المنطقة العربية والإسلامية كلها تشكل الجماعات الإسلامية بتنوعاتها بؤرا للفساد، والتخلف، والجهل، والتكسب من الدين، وعصابات تبيع نفسها لمن يدفع أكثر، وهي لا تملك من الإسلام سوى تلك اللحى الممتلئة قملا وبراغيث، وقذارات أخرى. في سورية المسلم يعني أن تبتعد عن كل ذلك.
يفاجئنا، وهذا ليس غريبا على من يعرفه في الخمسينات، حزب الأخوان المسلمين ببيان يحمل من الحضارة الكثير، ومن الثقافة النبل، ومن حب الوطن الكثير .. أراد أن يقول للسوريين أن الإخوان المسلمين ليسوا طلاب سلطة، وليسوا حملة سلاح مأجورين، بل هم جماعة تنتمي بفكرها للإسلام، لإسلام أبو بكر والراشدين، ولكنها تعرف أن العالم تغير وأن من واجبها هي أن تتغير فجاء البيان الواضح والصريح على لسان البيانوني الذي يعلن فيه أن الجماعة مع سورية، ومع ما يريده الثوار، ومن استمع للبيان لشده تلك الثقافة العالية ليس للبيانوني وإنما لفكر الإخوان الذي يبدو أنه بدأ يتجدد وبدأ يفكر بطريقة أخرى.
ليس الإخوان المسلين فقط من يمكن أن نقدمهم دليلا على حضارة سورية، وثقافتها وعمق تاريخها، فالاتفاق الذي تم بين عناصر الجيش الحر والتنظيم التراتبي الذي بدأ العمل به، على أساس الرتب العسكرية، والثقة بالنفس، وروح الحضارة التي يحملها مؤسسوه، دليل كبير أيضا على ذلك.
وأخيرا وليس آخرا ذلك الاجتماع الذي ضم أطياف المعارضة السياسة ، هذا الاجتماع الذي وضح للعالم أجمع أن السوريين ليس لديهم سوى هم وحيد هو هم الوطن، وهم المواطنين، واتفاقهم على الأسس الثابتة التي يجب أن تكون أساسا لكل الاتفاقات القادمة دليل كبير على أن سورية دولة تملك من الحضارة الكثير.
كل ما ذكرته رغم أهميته الكبيرة، لا يساوي شيئا أمام عظمة الشعب الثائر، الشعب الذي يضحي بأبنائه، وحرائره، في سبيل الخلاص من عصابة النظام التي لا تملك سوى الدبابات والطائرات، والأسلحة المتنوعة والتي تظن أنها قادرة بواسطتها إخضاع هذا الشعب العظيم، ولكن وقد مضى العام الأول، ودخل العام الثاني للثورة، ولم تستطع تلك الأسلحة الحديدية والبشرية أن تزحزح الشعب عن موقفه قيد أنمولة لا يعني إلا شيئا واحدا، وهو أن الشعب إذا أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر.
هذه هي سورية العظيمة، وهذا هو شعبها العظيم، ومن يقتل خوفا على نظامه ليس من الشعب السوري، ولا يحق له أن يسمى سوريا، بل هو مدسوس على السوريين، إذا لم نقل أنه لم يكن في يوم من الأيام سوريا، بل هو جماعة من الزعران الذين لا يستطيعون أن يفعلوا شيئا دون سلاح يحملونه وأموال ينفقونها من أجل الحفاظ على مكاسبهم. ولكنهم يدركون أنهم الخاسرون..
الربيع العربي هو الربيع السوري فقط، لا ربيع غير ربيع دمشق، وقد سبق أن سمي بهذا الاسم قبل أن يسمي أحدا بالثورة العربية بالربيع العربي .. من يراقب ما يجري في الدول التي أطلق عليها الربيع العربي سيكتشف أن الربيع هو ريع دمشق .. فقط.
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |