هلوسات ثورية
2012-04-06
ما فعلته بنا الماركسية، خلال شبابنا وصولا إلى كهولتنا لم يكن أمرا سهلا. وهذا لا يعني أن ما فعلته بنا الإمبريالية والرأسمالية كان سهلا أيضا، النظامان الشموليان كانا يتآمران للحصول على أرواحنا، والسيطرة عليها. وفي الحالتين كانت السيطرة عليها تعني الموت، ربما لم يكن الموت والدفن، وإنما الموت دون دفن، كان عليهم أن يبقونا أمواتا أحياء.
كنا نتبارى في شبابنا في من يسبق الآخر في الوصول إلى الغاية الأسمى من الرأسمالية، أو الغاية الأسمى من الماركسية التي تداخلت مع الماوية والتروتسكية، ونظريات أخرى كثيرا ما اختلفنا على أيهما الأكثر أحقية في التعامل معها وبيعها أرواحنا.
كنا شبابا، ممتلئين حماسا، واندفاعا نرغب بالأفضل، بالأحسن، بالكمال المطلق. بعضنا رأى هذا الكمال هنا أو هناك، ولكن أحدا منا لم يفكر أن الكمال كان موجودا فينا، دون حاجة لنظريات خارجية، لا تتعلق بنا ولا بطرق تفكيرنا. أفكارهم كانت تخصهم هم وكانوا يريدون أن يريدون أن يضعونا بين رحى الطاحون تلك الآلة التي تسحق الأرواح. نجحوا في ذلك وخربوا أرواحنا، وجعلونا نعيش حياتا ناقصة لا معنى لها.
تتساءلون ما الذي دفعني للحديث في هذا الأمر، بعد أن انتهت تلك المرحلة، وتحول العالم |إلى قرية صغيرة تجمع داخلها كل شيء، ما عادت الاشتراكية مفيدة ولا الرأسمالية كذلك، صار المفيد من هو القادر على السيطرة على العالم، والسير به نحوه قدره المحتوم.
في حقيقة الأمر أنا نفسي لم أكن أعرف لماذا تتوجه أفكاري من جديد نحو ما جرى قبل عقود من الزمان، لاكتشف أن سورية وشعب سورية هو من أوصلني إلى تلك الأفكار. ما جرى في سورية في الأيام الأخيرة، تلك القفزات النوعية التي قام بها الشعب بكل أطيافه كانت حافزا لي للتفكير بالمؤامرة التي طحنت أرواحنا في حين كان من الممكن أن نعيش حياتنا بعيدا عن كل ما يجري حولنا، لأننا نملك مقومات ذلك.
وأنا هنا لا أتحدث عن العرب ولا عن القومية العربية، فعبد الناصر الذي جاء بفكرة القومية العربية والوحدة العربية لم يكن مختلفا عنهم، كان تابعا لهم، ومساعدا هاما لتخريب أرواحنا التي أرجوا أن نستطيع استعادتها اليوم من بين براثن نظام الأسد وشركائه.
تفاجئك سورية، ويفاجئك الشعب السوري، بأنهم قادرون على الحياة وحب الحياة، قادرون على الوقوف في وجه الظلم وردعه، قادرون على مقاومة الدبابات والطائرات وكل الآلة العسكرية بأجساد عارية تستطيع أن تنتصر.
هل أهلوس، هل جعلتني الثورة فاقدا لعقلي فبدأت أهلوس بكلام لا معنى له، لا.... تماما أنا اليوم أصبحت أفكر بطريقة صحيحة .. فما جرى حتى اليوم من اتفاق الفصائل الإسلامية والبيانات التي صدرت عنها والتي تقول أن الإسلام دين حضاري ومن يقول غير ذلك من السلفيين يجب تكفيره. أكثر من بيان، وأكثر من لقاء مع زعامات إسلامية قررت وبوقت واحد أن الإسلام دين حضاري ، الإسلام الذي كان أيام النبي وخلفائه، وليس إسلام اليوم الذي يختفي خلف لحى قذرة ودائرة ملونة وسط الجبين ليس إلا شكلا جديدا من أشكال الماركسية والترتوتسكية والماوية، تريد بفكرها المتخلف السيطرة على العالم المتخلف.
سورية بلد حضاري، قلتها في زاويتي الماضية وأقولها اليوم، سورية بعلمانيتها حضارية بإسلامها حضارية، وبثورتها حضارية، وبجيشها الحر حضارية. ولولا استطاعت القرداحة كقرية لا كطائفة اجتياح حضارتها لكنا اليوم بألف خير.
حضارتنا هي التي ستنتصر، وكل المؤشرات تدل على ذلك، فجيشنا الحر قال لنا حريتنا نستمدها من حضارتنا، ومجلسنا الوطني قال نحن من أسس حضارة العالم الحر اليوم، وأحزابنا المدنية تقول نستمد فكرنا من حضارتنا السورية ومن ديانتا الإسلامية.
سورية دولة عالمية، تضم في ثناياها حضارات العالم أجمع فمنها خرجت تلك الحضارات، وكما يحق للمسلم أن يؤسس حزبا حضاريا تحت أي مسمى كان يحق لجميع أبناء الشعب تأسيس أحزاب علمانية حضارية متآلفة في الحضارة مختلفة في الآراء فاختلاف الآراء هو السبيل للوصول إلى دولة متمدنة وحضارية.
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |