مسخرة مجلس الشعب .. النتائج مرسومة ..والضمائر مزورة
2012-05-25
أستغرب كيف لم يفكر النظام السوري حتى الآن بإرسال مندوبين من طرفه ليعلموا شعوب العالم ممارسة الديمقراطية، فتجربة الديمقراطية في سورية لا تشبهها أي تجربة أخرى، حيث تجري انتخابات لمجلس الشعب ـ البرلمان ـ وأكثر من نصف التراب السوري تحت الاحتلال من قبل جيشه الوطني أو المفترض أن يكون وطنيا. ومع ذلك تفبرك النتائج، ويعين الأعضاء من قبل أقوياء النظام، ويحدد الرئيس ونائبه و أمين سره مسبقا في انتخابات أقل ما يمكن القول عنها أنها مسخرة. ألن يكون في هذا درسا للعالم لا ينساه ما استمر الكون.
ما رأيناه على شاشات التلفزيون السوري في بث مباشر كان مسرحية هزلية من النوع الرفيع لا يستطيع مخرج في العالم أن يخرج مثلها، والسبب وحيد هو أن المخرجين الحقيقيين لا يستطيعون الكذب بالطريقة التي يكذب فيها النظام السوري. الغريب في الأمر أنه كان بالإمكان أن تبدو الانتخابات أكثر إقناعا لو جاءت نتيجة الانتخابات بين المتنافسين على الرئاسة أكثر إقناعا، فليس من شعب في الدنيا يتفق شعبه كله، إذا وافقنا على أن هؤلاء الذين تواجدوا تحت قبة البرلمان هم ممثلون حقيقيون للشعب، ولكن أن يجمع أعضاؤه إجماعا شبه تام على شخصية الدكتور محمد جهاد اللحام، فهذا يعني أن طبيعة النظام لم تتغير ولن تتغير فكما يخرج رئيس البلاد في جميع الاستفتاءات بنتيجة 99 % بدءا من رئيس الجمهورية مرورا بمجلس الشعب انتهاء بالانتخابات البلدية فهذا يؤكد أن النظام لا يريد أن بقوم بأية خطوة نحو الإصلاح..
المشكلة أنه هناك من يصدق هذه المسرحية الرديئة، والمسرحيات الأكثر رداءة التي مرت على تاريخ سورية منذ استلام الحكم من قبل حافظ الأسد الذي ما كان يتنازل عن نسبة الـ 99 % طوال فترة حكمه، وصولا إلى ابنه الذي حذا حذوه بفارق بسيط جدا. ابتداء من تعديل الفقرة الرئيسية بعمر رئيس الجمهورية ليكون باستطاعة الابن الترشح لانتخابات الرئاسة ، مرورا بالاستفتاءين الذي حصل هو أيضا خلالهما نسبا تجاوزت التسعين في المائة.
هذه هي سورية، بلد التسعين في المائة فما فوق لم يتغير فيها شيء، ولن يتغير بها شيء فالمسرحية الفاشلة التي شاهدناها تقول ذلك بوضوح تام.
ألا يتساءل هؤلاء المخدرون، المنومون، كيف يمكن أن يحدث هذا؟؟؟؟ أعدادهم تتناقص بكل الأحوال كيف يمكن لشعب في العالم ألا تتباين فيه الآراء، ألا يكون هناك نسبة ما لا تحب شيئا في المرشح الانتخابي، وحين يكون وحيدا أن تقول له لا أن تضع لا بدلا من النعم، ولكن القمع والخوف الذي بدأ مع الأب واستمر مع الابن جعل الشعب يخشى أن يكون ضميره مراقبا ويده التي تكتب مصورة، فكان يرسم كلمة النعم على ورقة الاقتراع ويده ترتجف من الخوف. أو أنه كان لا يذهب للاقتراع من أساسه. ولكن عدم ذهابه لا يمنع السلطات بالقول أن نسبة الاقتراع أعلى بكثير من حقيقة من توجهوا لانتخابات حافظ أو لانتخابات بشار.
قبل أن نعود للمسرحية الهزلية الفاشلة التي رأيناها على الشاشات التلفزيونية يوم الخميس الماضي سنسأل سؤلا نفترض أن كل مواطن سوري سأله أو خطر بباله، من هم ممثلو ثالث أكبر مدينة في سورية وهي مدينة حمص التي كانت أرضا يبابا أثناء الانتخابات وكان القناصة ومازالوا حتى اليوم على الأسطحة يمنعون التجول في ثلاث أرباع مساحتها. متضمنا وسط المدينة ومصدر الحياة فيها. ألم يتساءل هؤلاء من هم ممثلو درعا، وحماه، و إدلب ومعظم المدن الصغيرة التي كانت تحت القصف أو تحت احتلال جيش النظام. من يمثل هؤلاء الذين شاهدناهم تحت قبة البرلمان، ؟؟؟؟؟ أقولها لكم بصراحة إنهم يمثلون من اختارهم بالاسم واحدا .. واحدا ووجه: أن هذا هو مجلس الشعب، وهكذا كان. قائمة صدرت عن أعلى مسئول أمني بالبلاد لتعلم القائمين على الانتخابات بهذه الأسماء وليقوم هؤلاء بالتنفيذ دون أي اعتراض. فبأي آلاء سيدكما تكذبان.
لنعد إلى ما شاهدناه على شاشات التلفزيون السوري من مهزلة لا يمكن القول عنها إلا أنها تسخر من عقولنا، ومن ضمائرنا، ومن وجودنا كله من توزيع الأوراق إلى فرزها إلى إصدار النتيجة لم يرق إلى مستوى المسرحية المتقنة والمقنعة بشكل من الأشكال بل كان مهزلة شاهدها السوريون ساخطين ساخرين مستفزين ومستمرين في ثورتهم الذي نعلم جميعا أنه لا يمكن القضاء عليها.
مرشحان وحيدان، أحدهم يحصد فوق التسعين % من الأصوات والآخر ينال ثمانية أصوات فقط، من يقنع هذا الكلام ألم يكن مقنعا أكثر أن يكون الفارق بين 50 و ال 45 أو الستين وال 40 % ولكنه غباء السلطة، وغباء المنظمين الذين تعودوا على مثل هذه المسرحيات الغبية.
وليس من أمر مضحك أكثر من تلك الورقات الثلاث التي نفذ فيها النظام الداخلي للمجلس حيث قام رئيس المجلس المنتخب بعرضها على الأعضاء وسؤالهم بكونها تجوز أو لا تجوز.. إذا كانت سورية مستباحة لهم، أو أنهم واهمون بذلك،
المسرحية زادت في قناعة السوريين بضرورة استمرار الثورة وهذا عكس رغبة النظام الذي ظن لغبائه الشديد أنه يمكن أن يكون مقنعا في مسرحيته المسخرة . ولا أعتقد أن ثمة من هو مقتنع بالنظام سوى قلة قليلة جدا وهي ليست معه لأنها تحترمه ولكن لكل سببه وليس الآن وقت الحديث عنها.
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |