قليل من الثورة كثير من السياسة
2012-07-27
ستختلف الآراء، سأجد من يؤيدني، وسيقوم بشتمي كثيرون جدا واعتباري خائنا للثورة. ولكني مع ذلك سأقول رأيي بصراحة ودون تردد ، لأنني أرى أن الأمر لم يعد قابلا للصمت، ولانتظار معجزة ما تنقذ أرواح السوريين.
أقول بداية أن الثورة الشعبية حين قامت، كانت تطالب بالحرية وبالإصلاحات من خلال النظام القائم ولم يكن موضوع رحيل بشار الأسد ولا رحيل النظام، بل كان المطلوب هو تصحيح النظام لمساره ومحاسبة المسيئين لسورية وللشعب السوري ولإيقاف نزيف الثروة السورية وتخزينها في جيوب ثلة من المقربين من الرئيس. كان الشعب يثور ويتظاهر مطالبا بالحرية، وكانت لدية رغبة للمشاركة في الحكم، كان يريد دستورا جديدا، وحياة هانئة لا يشوبها الخوف، كان المتظاهرون مستعدين للجلوس على طاولة حوار مع النظام ليصلوا إلى حل مرض للجميع. ولكن قيام أجهزة الأمن وبأوامر من الرئيس بشار الأسد بقمع مثل هذه التحركات أجج وغير تلك التوجهات. فتحولت الثورة من المطالبة بالحرية ورغد العيش إلى المطالبة برحيل النظام ورحيل رأس النظام.
كثيرة هي الضحايا والشهداء الذين قضوا في سبيل ذلك، ولكن الثورة كانت تزداد قوة مع كل شهيد يسقط، ومع كل جريح يصاب، وبدا واضحا أن هذه الثورة لا يمكن أن تتوقف قبل أن تحقق مطالبها.
ولكن ما هو الثمن؟
مزيد من الشهداء ومزيد من الدمار ومزيد من الخوف، والتهجير والنزوح.
لابد من القول أن الدول الغربية حتى تلك التي وقفت منذ بداية الثورة في صف الثورة لا تريد ثورة مجهولة النتائج، ومجهولة الرموز، ومجهولة الحكام، الجميع يريدون صورة واضحة لسورية ما بعد الثورة لأن الجميع لديهم مصالح في هذه المنطقة التي كانت دائما مصدر قلق وإزعاج للغرب وخصوصا لإسرائيل. وحين تقلق إسرائيل يعني هذا قلق الغرب وأمريكا، وهذا القلق له ما يبرره بالنسبة لإسرائيل فالنظام منذ استلام حافظ الأسد السلطة حول سورية درعا حاميا لوجود إسرائيل ومنذ انتهاء حرب ال 73 التي كانت إسرائيل مساهمة بالتخطيط لها للوصول إلى حالة الركود التي عاشته الجبهات العربية منذ ذلك التاريخ البعيد وهذا يعني أن جيلا كاملا كبر وتكونت ثقافته على أن الحرب مع إسرائيل غير واردة، وصارت إسرائيل أمرا واقعا لا أحد يتحدث عن رميها في البحر كما كان يفكر البعثيون، أو يظهرون ذلك أمام الملأ بأنهم سيرمون اليهود في البحر.
إذا تحولت الثورة، وصارت المطالبة برحيل بشار الأسد وكل من يدور في فلكه هو المطلب الرئيسي للثورة، ولكن ماذا لو وجدت طريقة للوصول إلى حل وسط توافق عليه إسرائيل والدول الغربية جميعها وتؤيده وتدعم سورية اقتصاديا بعد نجاحها. اعتقد أن المنطق يقول أن مثل هذا الحل سيكون حلا مقبولا ورفضه يعني أننا سنفقد أكثر مما فقدناه حتى الآن من شهداء، وسيزيد عدد المعوقين من تلك الثورة أكثر مما وصل عددهم حتى اليوم. ماذا لو كان بإمكاننا وقف نزيف الدماء بطريقة ترضي الجميع، العقلاء على الأقل، وتوقف نزيف الدماء.؟
قبل أن أبدأ بإدلاء دلوي في ذلك لدي رغبة بالتحدث عن الوضع المصري وما آل إليه الأمر فيها، استسلم مبارك وولديه وأعوانه، واستلمت القوات المسلحة السيطرة على البلد، وعينت رئيسا مؤقتا كان في صلب النظام، قاد انتخابات لمجلس النواب وانتخابات رئاسية ، وفاز الرئيس مرسي وهو يمارس سلطاته الآن. في مصر التي لم تخسر شهيدا واحدا في هذه الثورة. مصر قبلت بحل وسط، رحيل مبارك وأولاده وحاشيته وبقاء رجال الدائرة الثانية والعمل تحت حكم دستور واضح المعالم. ربما لم ترض نتيجة الانتخابات البعض، وربما كان تدخل المجلس العسكري غير مبرر في بعض الأحيان، أو في أكثر الأحيان. ولكن مصر تحولت بين ليلة وضحاها إلى دولة ديمقراطية. وبعد أربع سنوات ستكون الأمور قد استقرت وعرف الشعب سياسييه وستأتي نتائج الانتخابات تعبيرا حقيقيا عن رغبة الشعب المصري.
ما يرتب الآن، من تعاون بين المعارضة وبعض رموز السلطة ممن لم تتلوث أيديهم بدماء الشعب والمعارضة السورية والثوار على الأرض بكل عيوبه، أو بكل عدم قناعة البعض به هو الطريق الأمثل لننتهي من سفك دماء الشعب، والانتهاء من مرحلة بشار الأسد ورعيله. والوصول بسورية ولو ليس مباشرة إلى دولة ديمقراطية حرة مستقلة. لنكن لمرة واحدة منطقيين ونقبل ما هو متاح .
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |