هل أدمن بشار الأسد على الدم السوري
2012-08-17
بلاغ سقوط القنيطرة سيء الذكر، والذي ظل سرا يتداول في الخفاء، وهو الذي صنع من حافظ الأسد رئيسا أبديا، وحول سورية إلى ملكية خاصة له ولأبنائه، هل كان بداية العلاقة بين حافظ الأسد والصهيونية أم أن الأمر ابتدأ قبل ذلك، سؤال لا يمكن الإجابة عنه فقد دفن مع حافظ، وسيدفن مع بشار قريبا. لا يمكن لأحد أن يتغاضى أو يغض الطرف أو ينفي تلك العلاقة المتينة التي ربطت حافظ الأسد بإسرائيل وأنا هنا لا آتي بجديد وهي معلومة يعرفها القاصي والداني ممن هم مفتوحي الأعين والقلوب. حتى أولئك المطبلين والمزمرين له يعرفونه في قلوبهم ولكنهم لا يعلنوه حتى تبقى حالة القائد الوطني واجهة يستفاد منها أبناءه بعده.
لم تكن حرب ال67 وبلاغ سقوط القنيطرة هي المهمة الوحيدة التي كلف بها حافظ الأسد، ولم تكن أساسية. ما هو مطلوب منه كان أبعد من ذلك بكثير، فقد كانت مهمته حماية حدود إسرائيل طالما بقي في الحكم هو وأبناؤه، وقد وفى بذلك حتى مات ، وهاهو بشار يفي أيضا فحجم القتل والدمار الذي خلفه حتى الآن لا تستطيع إسرائيل أن تخلفه في حرب مع سورية.
بعد عبد الناصر كان على إسرائيل أن تكون شريكة في صنع القرار في الدول التي تحيط بها فضمنت ولاء زعماء مصر والأردن وسورية، ولكني أعتقد أن لحافظ الأسد الدور الرئيسي والهام والأكثر فعالية في تنسيق المجريات وتأمين المهمات التي يكلف بها. فحرب ال73 كانت ضرورة للحصول على الجولان، وكانت ضرورة أيضا في تبرئة حافظ الأسد فهو خاض حربا حتى النهاية ولو ضاعت الجولان، وحتى لو كانت نهايتها استتباب الأمر لمصلحة إسرائيل في كامب ديفد السادات وتنازل الأسد عن الجولان ولو بشكل غير معلن.. بعدها ترتبت أمور المنطقة وهدأت وانفردت إسرائيل بالفلسطينيين وأعطتهم دولة قزمة قبلوا بها ولكنهم لم يستطيعوا التناغم فيما بينهم فنشأت حماس في غزة والدولة في رام الله، وظلت دولة ولا دولة في آن معا وهذا يرضي إسرائيل.
في لبنان خاصرة سورية كان مطلوبا من العائلة الأسدية أن تحمي تلك الحدود أيضا وكان عليها أن تجد وسيلة لذلك. فكان حزب الله اختراعا إسرائيليا تبناه الأسد، بل وافق عليه أوتوماتيكيا ودون شروط، فحزب الله صنيعة إسرائيلية تساوي دولة الأسد في سورية، وعليهما معا حزب الله وآل الأسد التعاون لحماية تلك الحدود لتطمئن إسرائيل على حدودها وتتعامل مع الفلسطينيين كمواطنين من الدرجة العاشرة دون أن يسائلها أحد حول ذلك. ويقيمون دولتهم كما خططوا بهدوء ودون أن يشوش أحد عليهم.
ورث بشار الأسد تركة أبيه، بعد مقتل أخيه باسل، والادعاء بأن سيارته انقلبت به، واعتقد جازما أن باسل لم يكن على وفاق تام مع توجه أبيه وكان لا بد من قتله لتستمر العائلة بالحكم بمباركة إسرائيلية. بشار شخصية غير متوازنة، وغير قيادية، ولا يمكن أن تقارن بشخصية أبيه، ولكن لم يكن ممكنا تسليم البلد لغيره فوضع له حافظ مجموعة مستشارين قبل موته ليكونوا إلى جانبه يوجهونه أو يحكمون من خلاله. ما طرحه بشار في بداية حكمه كان مشجعا، وقد أحبه البسطاء من الشعب فما وعد به في خطاب القسم كان مشجعا، ولكن شيئا من الخطاب لم يطبق ولم يكن سوى ذر الرماد في العيون إلى أن يثبت حكمه ويتمكن من أن يكون شخصية قيادية.
وقام الربيع العربي، وهز أركان كل ما خططت له إسرائيل، الشعب يطالب بالحرية، وهذا يعني خروج الأمور عن السيطرة، فالحرية تعني كشف كثير من الأمور، والحرية تهني تبادل للسلطة، وتعني.. و تعني .. وكل ما كانت تعنيه لم يكن يتناسب مع إسرائيل لهذا طلب من بشار معالجة الأمر ولو كلفه ذلك دفن الشعب السوري بكامله تحت الأنقاض. لن أطيل في الأمر كثيرا فكل التطورات اللاحقة والمستمرة إلى اليوم تقول بأن حلف إيران .. إسرائيل.. سورية مدعوما بموافقة ورضا أمريكيين هو من يقف خلف بشار الأسد.
قد يتساءل سائل إذا لماذا تتحمل إيران وروسيا فقط وزر الدفاع عن النظام بعيدا عن إسرائيل أجيب بالقول إن إسرائيل تعتمد على سذاجة المواطن العربي الذي مازال يقتنع بأن تلك الأنظمة هي عدوة شرسة لإسرائيل بينما هم في الحقيقة حلفاء يخططون معا لقتل الشعب العربي وللسيطرة على المنطقة. طبعا لم يكن بمخططهم أن يكون بشار الأسد واحدا منهم وإنما بيدقا يظل يتحرك ليختبئوا خلفه حتى نهاية اللعبة فيفتكون به.
لم تسر الأمور كما ظنوا، وكان الشارع السوري أقوى بكثير مما ظنوا فلم تستطع آلتهم العسكرية بإخضاع إرادة ذلك الشعب العظيم، فبدأوا يتخبطون، فلا شعوبهم ولا شعوب من يدعمهم في الخفاء كالغرب وأمريكا سيسكتون عما يجري وسيضطرون زعمائهم إلى اتخاذ موقف لمنع القتل عن الشعب السوري وهذا ما نراه يحصل ولذلك، لا ترى موقفا حازما منهم وإنما مجموعة من التصريحات في مصلحة الثورة وقليل من السلاح يدفعون به غضب شعوبهم عنهم.
وإذا كانت روسيا الراعي الرسمي لبشار والداعم له لها مصالح استراتيجية واقتصادية في سورية وقفت إلى جانب مصالحها، وفي الوقت نفسه إلى جانب مصالح إسرائيل العليا التي يمنع لأحد الاقتراب منها. ويزداد الأمر تعقيدا، مع ازدياد إصرار الشعب السوري على المضي قدما في تقرير مصيره وإسقاط بشار الأسد، ولم يبق لبشار الأسد سوى المزيد من القمع والمزيد من القتل والولوغ بالقتل وهو يعلم وهم يعلمون أن الأمور خرجت عن سيطرتهم ولكنهم يدافعون عن أنفسهم كذئب جريح.
في كل مرحلة يزيد فيها الخناق على النظام وحلفائه ، كانوا يبتكرون حلولا جديدة آخر تلك الحلول كان في إشعال حرب طائفية في لبنان كتلك التي دخل حافظ الأسد فيها إلى لبنان ليكون الحاكم الفعلي فيها لعقود، وقد رأوا أن حربا مثل تلك الحرب قد تخفف الضغط عن سورية عن بشار وتشغل العالم بقضيتين بدلا من قضية واحدة. المحاولة في بدايتها ولا أضن أنها ستنجح فالمسرحية مكشوفة جدا فالخاطفون هنا في سورية أتباع النظام والخاطفون في لبنان أتباع لهم.
سؤال أخير ترى هل لطعم الدم ميزة تجعل متذوقه مدمن عليه، فعبر التاريخ هناك سفاحون وقتلة يستمتعون بالقتل والتدمير، فهل أدمن بشار الأسد على الدم السوري؟؟؟
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |