الثورة السورية، وتوقيت الفيلم المسيء للنبي
2012-09-14
هو حدث استثنائي في كل شيء وأولها توقيته، ففيما الثورة السورية تشتد، وأخبارها أصبحت منذ ما يزيد السنة، تتصدر المانشيتانت الأولى في الصحافة العربية والعالمية، كان لابد من شيء ما يبعد تلك الأخبار إلى شيء مختلف، شئ يتماهى مع الفترة التي يبدأ الأخضر الإبراهيمي زيارة هامة لسورية تعتبر لو نجحت هامة جدا، ويبدو أن التعتيم وإبعاد الأنظار عن الشأن السوري في هذه المرحلة بدا ضروريا لبعض الجهات التي سربت خبر الفيلم بين غوغاء الإسلاميين المتطرفين وهي تعلم كيف سيتصرف هؤلاء. ولم تخيب الغوغاء أملهم، بل تطرفت به إلى حد قتل السفير الأمريكي فراح السفير ضحية دون مبرر.
هو فيلم أساء لنبي المسلمين إذا، ولكننا في مقاربة سريعة بين ما فعله المسلمون بنبيهم وما يمكن أن يفعله هذا الفيلم نجد أن ما فعله المسلمون بنبيهم كان أشد فتكا من أي عمل آخر، وأهم من الصور التي أثارت فتنة منذ سنوات والفيلم الفتنة هذه الأيام.. فالمسلمون وما أن توفي الرسول اختلفوا حول خلافته، ثم وبمرور الزمن اختلفوا حول أحقية آل البيت بالخلافة، ثم اختلفوا حتى انقسموا بين شيعة وسنة، ثم وبمرور الزمن أصبح شيعا لا تحصى كلنا يعرفها. فهل أشد إساءة لإرث خلفه الرسول، من الإساءة له شخصيا وهو الذي يجاور الله الآن حسب القناعات السائدة.
التدين دون فهم لماهية الدين أيَ دين طامة كبرى، وهو في الحالة الإسلامية يصل بالمرء للقتل والتدمير دفاع عن دين هو لا يعرف عنه إلا أن يؤدي الصلاة، ويصوم رمضان ويقول في كل مناسبة لا إله إلا الله محمد رسول الله.. هو يحب ربه ويؤمن بنبيه محمد، إيمانا أعمى ومطلق وغير قابل للحوار أو النقاش أو الكلام حتى في أمور دينه خارج إطار التعصب الأعمى.. وهذا يجعله متعصبا لما لا يعرف، ومتشددا فيما يجهل، وقاتلا أحيانا بسبب جهله، وقد تحقق ذلك في قضية الفيلم المسيء للرسول..
ما جري في نهاية الأسبوع الماضي ويبدو أنه مستمر حتى اليوم أوضح دليل على هذا التعصب الذي يعمي البصيرة، فلا يعود المرء من هؤلاء قادرا على السيطرة على مشاعره الهائجة لسبب لا يستحق أن يفعل كل ذلك. فأن يقوم مخرج غير موهوب، ولأنه المنتج فهو يعرف ماذا يفعل وقد اختبر وعرف ماذا يمكن أن يفعل مثل هذا الفيلم في أولئك الغوغاء من المسلمين وكيف سيحقق شهرة وأرباحا، ليس لأن المخرج سيد مخرجي العالم، وليس لأنه منتج يريد أن يقدم فنا راقيا للمشاهدين وإنما هو استغلال بشع لمشاعر بشر لم يتعلموا كيف يضبطون مشاعرهم ويتحولون إلى حيوانات جريحة أو بشر تأذت فلذات أكبادهم بطريقة ما.
إن متابعة متأنية لمخرج الفيلم ومنتجه وهو أيضا كاتب السيناريو، شخص يهودي حاصل على الجنسية الأمريكية غير معروف سابقا ولم يقم بأي عمل يجعل متصفح غوغل يتعرف عليه أو يضع بسببه صورة له. ومع ذلك يطلق بعد أن اشتهر فيلمه بغبائنا تصريحات نارية كقوله "الإسلام سرطان". وأكد أنه هو الذي يقف وراء الفيلم، مشيرا إلى أنه جمع خمسة ملايين دولار من مائة يهودي لم يحدد هوياتهم لتمويل الفيلم. كما صرح وقال للصحيفة إن "الإسلام سرطان". وأكد أنه هو الذي يقف وراء الفيلم، مشيرا إلى أنه جمع خمسة ملايين دولار من مائة يهودي لم يحدد هوياتهم لتمويل الفيلم وأوضح أنه عمل مع 60 ممثلا وفريق من 45 شخصا لإخراج الفيلم خلال ثلاثة أشهر العام الماضي في كاليفورنيا. وقال "إنه فيلم سياسي وليس فيلما دينيا.
.
وهذا يعطينا فكرة عن مدى تعجلنا، وتهورنا، فنحن أعطينا لهذا الفيلم أهمية، وفي حقيقة الأمر أولئك الغوغاء الذين قاموا بمظاهرات ضده هم فعلا من أنتجوا الفيلم وهم من روج له وهم من جعله قضية يهتم بها العالم. بغبائهم وببساطة شديدة، بموقفهم هذا آذوا الإسلام والنبي أكثر مما فعله الفيلم، وبهذا حقق الفيلم هدفين له الشهرة وانتشار الفيلم وبالتالي عائدا ماليا ضخما.. وأيضا أعطى صورة عن كل المسلمين بأنهم غوغاء وقتلة وأكلة لحوم بشر ولا يصلون بتفكيرهم أبعد من أنوفهم. أنا لا أحب السياسة الأمريكية، ولا طريقة تعاملها مع العالم، ولكني لا يمكن أن أحقد على كل الأمريكيين، وكذلك الأمر بالنسبة لليهود، فأنا أفرق بين الصهيونية وسياساتها وبين اليهود الذين هم خارج إطار اللعبة الصهيونية. وأتعامل مع هؤلاء بطريقة إنسانية بمودة واحترام. وأعتقد أن كثيرين مثلي في هذا العالم.
ماذا حقق هؤلاء المعاقين الإسلاميين من هياجهم ذلك، من قتل السفير الأمريكي في ليبيا، ومن محاولة إحراق السفارة المصرية في مصر، ومن المحاولات ذاتها في اليمن .. لم يحققوا شيئا، ولم يفيدوا النبي ولم يعيدوا للنبي كرامته، بل أضافوا امتهان عروبة، وأنا غير مؤمن بالعروبة، كل مسلم ومسلمة على امتداد العالم. ولنشكر الله على أن الغرب أكثر قدرة منا على التحكم في مشاعره، وتعلم، ككل مثقف ومتعلم أن لا يأخذ الكل بجريرة البعض.
هل نقول هذه نهاية الربيع العربي، هل نقول أن هذا الشعب لا يستحق الديمقراطية التي منحته إياها الثورة في كل بلد قامت بها الثورات، ليبيا مصر واليمن، بالتأكيد لا ولكن ما حصل يجعلنا ندق جرس الإنذار في أن على السلطات في هذه الدول وقريبا في سورية أن تنتبه إلى ضرورة تثقيف أولئك الغوغاء والعمل بكد وجهد لتعليمهم الفرق بين الديمقراطية والغوغاء، يجب أن يفهم هؤلاء أن للتظاهرات والاحتجاجات أوقات يجب أن تكون مدروسة، وأن الخروج الغوغائي للتظاهر لا يعطي النتيجة المرجوة بل عكسها وعكسها يمكن أن يكون مؤذيا جدا.
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |