حرب صليبية جديدة للحفاظ على القدس.. تنطلق من سورية
2013-01-11
قامت الحروب الصليبية لغاية مباشرة هي تحرير القدس، مهد السيد المسيح، من أيدي المسلمين، لما لها من مكانة سامية عند المسيحيين بجميع طوائفهم. ولسبب غير مباشر وهو سبب اقتصادي بحت. ولكن الغاية لم تتحقق وفشلت تلك الحروب حملة وراء حملة، حتى حين نجحت واحتلت القدس لم تتمكن من الاحتفاظ بها لفترة طويلة. وبقيت القدس مدينة عربية يقدسها العالم. ولكن ذلك الفشل بقي ماثلاً في أعين الغربيين قادة وشعوباً.
من يومها لم يتوقف الغرب عن محاولاته لغزو منطقتنا، وكانت الحروب الصليبية هي الأكبر والأهم. وكما رأينا التعاون بين العسكر والسياسيين ورجال الدين وأهل الاقتصاد والعلوم لإمضاء هذه الحرب وإنفاذها، فإننا نرى الآن ومن خلال الثورة السورية نفس هذا التكاتف والتعاون والتنسيق لحرب ينفذها نيابة عنهم عميل أحمق مغرق في العمالة، والتي ورثها مع نطفته من أبيه المقبور.
وكما رأينا التخاذل من كثير من زعماء العرب ، وظهور نماذج مخزية في تاريخ الحروب الصليبية تفسِّر الانهيارات المروعة التي حدثت في مقاومة العرب للمدِّ الصليبي، نرى الآن نفس التخاذلات وبنفس الروح، وبصورة تكاد تتطابق، فلا يهب جيشٌ ولا زعيم لنصرة السوريين والوقوف بجانبهم.
ما يجري اليوم في سورية هي حرب صليبية جديدة، فبعد أن نجح الصليبيون الجدد في تسليم القدس إلى الصهاينة، واطمأنوا إلى أن ضريح السيد المسيح في أيد أمينة، قامت قيامتهم اليوم خشية من خروج تلك السيطرة من يد الصهاينة وعودتها إلى يد السوريين، بعد نجاح الثورة. هو خوف مبرر ومشروع. فالسوريون لن يقفوا بعد أن يحكموا أنفسهم بأنفسهم مكتوفي الأيدي أمام الاحتلال الصهيوني للقدس، وسيطالبون باستعادة أراضيهم المحتلة، وستفتقد إسرائيل السلام الذي نعمت به على نحو خمسين عاماً أو يزيد. وهذا ما تخشاه إسرائيل، ويخشاه بالتالي حماتها في الغرب وأمريكا. من أجل هذا نرى هذا الصمت المؤلم أمام كل الوحشية التي يستخدمها النظام ضد شعب أعزل لا يملك سوى صوته بداية، وملك البندقية للدفاع عن نفسه لاحقاً.
هي مؤامرة كونية ضد هذا الشعب.... ينفذها علانية الروس والإيرانيون وبقية العصابة المعلنة والتي نعرفها جميعاَ.. ويدعمها في المشهد الخلفي كل من أمريكا وأوروبا، دون أية مشاعر بالشفقة، أو الأسف على أولئك الذين يقتلون، دونما سبب كل يوم، اللهم سوى أنهم يرغبون في الحصول على حريتهم.
في الاجتماعات السرية التي تجري في الخفاء بين القوى السياسية المعارضة السورية بمختلف أشكالها وتوجهاتها السياسية، يوجه السؤال دائماً من قبل الغرب ماذا عن إسرائيل؟؟ ماذا عن الأرضي العربية المحتلة ؟؟ يريدون من أحد أن يطمئنهم ويأخذ دور الأسد المقبور وابنه الجاهل الغر الأبله. ولكن أحداً لا يطمئنهم، والبحث ما زال جارياً. ولذلك مازلنا نجد تصريحات من هنا وهناك عن الخوف من القوى الإرهابية المسلحة الموجودة في سورية والتي يخشى الغرب منها ومن تغلغلها وسيطرتها على سورية.
هل هم حقاً يخشون من القوى الظلامية الإرهابية؟؟؟ لو كانوا كذلك لسلموا سورية لتلك القوى، لأن تلك القوى بالأساس من صنيعتهم هم، استفادوا منها في أزمنة عديدة، ومازال بالإمكان الاستفادة منها اليوم. هم وجدوا فيها ضالتهم التي يختفون خلفها حتى لا يعلنوا صراحة أن خشيتهم في الحقيقة على مستقبل إسرائيل لو استلمت قوى وطنية حقيقية مقاليد الأمور في سورية. يخشون من حرب ضروس ضد إسرائيل لا خيانات فيها، ولا وعود جانبية بحكم مدى العمر وللعائلة بعد ذلك. يخشون من قيام دولة سورية تعلو فيها المواطنة، وحب الوطن على أي شيء آخر.
هذه هي مشكلة الثورة السورية، وهذا هو سبب هذا الكم الهائل من الشهداء الذين لم يقدروا أن يحركوا ضمير العالم حتى الآن، لأن هذا الضمير في استراحة طويلة، مادام هناك ما يهدد أمن إسرائيل.
وإذا كانت الثورة في تونس قد نجحت وبسرعة فلأنها لم تهدد أمن إسرائيل، وكذلك بالنسبة لليبيا ومصر، فتلك دول بعيدة عن مجرى الصراع الحقيقي ألا وهو الفضاء الرحب الذي حصلت عليه إسرائيل لحيوية كيانها من سورية. فليبيا لا تعنيها إسرائيل وليست هناك حدود مشتركة بينهما، ومصر لا أحد يخشى من مطالبتها بأراض صحراوية لا تفيد بإسرائيل في شيء. أما في سورية فمنطقة الجولان منطقة استراتيجية هامة اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً. وهي الرئة التي تتنفس منها إسرائيل، ومنها الخيرات التي تنمو من خلالها اقتصادياً، وبعد الاستيلاء عليها، أو تقديمها منحة لليهود من حافظ الأسد، استطاعت استقدام أعداد هائلة من اليهود ليستقروا بها دون أن تخشى من أزمة مياه. وفيما كانت سوريا تعيش أزمة حادة في المياه كانت إسرائيل تنعم بمياه الجولان الوفيرة.
هذه هي مأساة الثورة والثوار السوريين. وهم قابلون بها، وعلى حد علمي ليسوا مستعدين لتقديم أية تنازلات لإسرائيل عن تلك الأراضي التي هي حق طبيعي لهم. وسيطالبون باستردادها سلماً أو حرباً. ولأنهم سينالون حريتهم ببأسهم، ودون مساعدة حقيقة من أحد. فلتبدأ إسرائيل بالخوف من اليوم.. وليفكر الغرب بطريقة يجر بها الماء لإسرائيل من سيبيريا. فهي بالنهاية صنيعة خوف الغرب من شعبنا وآن الأوان ليكبر هذا الخوف.
08-أيار-2021
08-أيار-2021 | |
17-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
27-شباط-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |