ذكريات ساحة عامة / أورهان باموق ـ ترجمة
خاص ألف
2013-06-17
لتفهم معنى الاحتجاجات في ساحة تقسيم في اسطنبول و التي جرت خلال الأسبوع الحالي، و لتفهم معنى الشجاعة التي يبديها أولئك الشجعان الذين خرجوا للشارع، ليقاتلوا ضد الشرطة و ليختنقوا بالغاز المسيل للدموع، لا بد من أن أخبركم بقصة من ملفي الشخصي.
كتبت في يومياتي" اسطنبول " كيف أن كل أفراد عائلتي اعتادوا على الحياة في شقق ضمن بناية آل باموك في نيشان طاشي. و أمام هذه البناية وقفت شجرة كستناء عمرها خمسون عاما، و لحسن الحظ لا تزال في مكانها. في عام 1957 قررت البلدية قطع الشجرة لتوسيع الشارع. و قد تجاهل الحكام البيروقراطيون و السلطويون المتعنتون معارضة أهل المنطقة. و حينما حان الوقت لقطع الشجرة، قامت عائلتنا بنوبات حراسة للشجرة تطلبت منها أن تكون طوال النهار و الليل في قارعة الشارع. بهذا الأسلوب، نحن لم نتعمد حماية شجرتنا فقط و لكن أيضا ابتدعنا شكلا من أشكال الذاكرة المشتركة، و التي لا تزال العائلة كلها تنظر نحوها بحنان و سعادة، فقد ربطت شملنا برابطة وثيقة معا.
و اليوم، ساحة تقسيم هي شجرة كستناء اسطنبول. لقد عشت في اسطنبول لستين عاما، و لا أستطيع أن أتخيل ساكنا واحدا فيها لا يمتلك و لو ذكرى واحدة تربطه بساحة تقسيم. في ثلاثينات القرن العشرين كانت ثكنة المدفعية القديمة، و التي ترغب الحكومة الحالية بتحويلها إلى مجمع للتسوق، تحتوي على إستاد صغير لكرة القدم تجري فيه المباريات الرسمية. و كذلك أنت تجد في زاوية حديقة غازي النادي الليلي المشهور المعروف باسم غازينو تقسيم، و هو مركز الحياة الليلية في اسطنبول في أربعينات و خمسينات القرن المنصرم. فيما بعد، أزيلت المباني، و بترت الأشجار، و زرعت أشجار غيرها، و أقيم في مكانها صف من الحوانيت و المخازن و أهم معرض فني في أسطنبول ، و ذلك على جانب واحد من الحديقة. و في ستينيات القرن العشرين، اعتدت على أن أحلم أن أكون رساما يعرض أعماله الفنية في هذا المعرض. و في السبعينات، تحولت الساحة لمكان يحتفل فيه المتحمسون بيوم العمال العالمي، بقيادة اتحادات الشغل اليسارية و المنظمات الدولية غير الحكومية. و لفترة وجيزة كنت أشارك في هذه التجمعات. ( في الـ 1977 ، قتل إثنان و أربعون شخصا في ثورة عنف مدبر و ما تبعها من فوضى). و خلال فترة شبابي، راقبت التجمهرات التي عقدت في تقسيم ، و كان الشعور بالفضول و السعادة يغمرني خلال احتفالات أعضاء الأحزاب السياسية التقليدية - الجناح اليساري و اليميني، القوميون، المحافظون، الاشتراكيون، و الديمقراطيون الاجتماعيون.
وهذا العام، منعت الحكومة احتفالات يوم العمال في الساحة. و بالنسبة للثكنات، يعلم كل شخص من اسطنبول أن نهايتها ستكون تجمعا تجاريا يشغل الفضاء الأخضر المتبقي في مركز المدينة. مثل هذه التبدلات الراديكالية التي ستغير وجه الساحة و الحديقة التي تحتضن ذكريات ملايين من الناس حتى قبل استشارة سكان اسطنبول تعتبر أول خطيئة جسيمة ترتكبها إدارة أردوغان.
هذا الموقف اللامبالي يعكس اتجاه الحكومة نحو التسلط. ( سجل حقوق الإنسان في تركيا اليوم أسوأ مما كان عليه خلال عقود). و لكن هذا ملأني بالأمل و الثقة أنني سأشاهد سكان اسطنبول و هم لا يستهينون بحقوقهم في التظاهر السياسي في ساحة تقسيم - أو و هم لا يتخلون عن ذكرياتهم و يضربون بها عرض الحائط، و ذلك من غير مقاومة.
ترجمها إلى لإنكليزية إكين أقلاب Ekin Oklap - الترجمة للعربية عن النيويوركير ، عدد 5 حزيران 2013 .
08-أيار-2021
مقتطفات من : كافكا في المحاكمة الأخرى بقلم : إلياس كانيتي ترجمة : |
17-نيسان-2021 |
03-تشرين الأول-2020 | |
12-أيلول-2020 | |
22-آب-2020 | |
20-حزيران-2020 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |