الشام "حب في حقل ألغام"
خاص ألف
2013-06-19
"حب في حقل ألغام" عنوان لفيلم من أميركا اللاتينية, عُرض في أحد مهرجانات السينما في دمشق منذ أعوام خلتْ. نستذكره الآن ونحن نمرّ بحوادث اليوم وفجائعه التي يسمعها المرء مرغماً في الأماكن العامة ووسائط النقل ويحمد الله أنه لم يكن من الشاهدين. دمشق أصبحتْ تشبه إلى حد بعيد بغداد بحواجزها ونقاط التفتيش والكتل الخرسانية ولون الرماد. جحافل الرماد تزحف كالأفاعي في شوارع دمشق لتقطعها مربعات وسواتر وأسئلة, حواجز تسألك عن الهوية, وأخرى أبعد قد تقتلك على الهوية, ولكي يكتمل المشهد تمطر السماء لهباً ينزل على رؤوس المارة قذائف هاون أو صواريخ أو حين يلتهب الشارع بسيارة مفخخة تطيح بكل الأحلام التي صادف وجودها أو حظها العاثر مع توقيت النار الموقدة على الأفئدة. فمن يصدّق أن الطريق بين ضاحية في ريف دمشق لا تبعد سوى بضعة كيلومترات تشهد كلاباً تنهش جثة. يروي لك الحادثة مجنداً يسلك هذا الطريق كل يوم ذهاباً وإياباً. يُكمل لك الكابوس ويروي لك كشاهد عيان قائلاً: لقد رأيت هذه الجثة مطروحة على الأرض منذ خمسة أيام ولم يجرأ أحد على الاقتراب منها فضلاً عن دفنها. ويوغل في الوصف حتى تظن أنه سيناريو لفيلم رعب يحوّل الجثث إلى مواضيع دائمة للبحث والنبش. عندما يعود الشاهد إلى دمشق يرى بأم عينه مشهداً آخر لحياة أخرى, برغم الموت الذي يهبط مستعجلاً بلا استئذان. أكتشف أن مقولة "الإنسان يتعايش أو يتكيف مع الطاعون" مقولة صائبة مئة في المئة. فما أن يعم الهدوء "الحذر" حتى تخرج الحياة من صميم الموت. تمتلأ الشوارع بالمارّة والمتبضعين والمتسكعين والمتسولين والناقمين والمعارضين والموالين والصامتين, بل انتشر في الآونة الآخيرة منْ يسب الجميع ويلعن الطرفين "سلطة ومعارضة" ويلعن "الفقير وساعته". وهناك من يقلّبْ صفحات التاريخ الذي خطّته أنامل المنتصرين ويصرخ أين تراث المعتزلة؟ أين أخفيتْ صفحات المأمون والعصر الذهبي للترجمة؟ أين رسائل أخوان الصفا وخلان الوفا؟ أين إرث مشايخ الاعتزال والتصوف القطباني الذين حاربوا السلطات الثلاث, سلطة رجال الدين وسلطة الدولة وسلطة المال؟ بل إني أتسائل عن الأصوات الشجية لعبد الباسط وأبي العينين الشعيشع التي تهزّ القلوب والمشاعر؟ لماذا لا نستمع الآن إلا إلى أصوات النشاز من رافعي لواء الطائفية وقرائهم الذين حولوا "وقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى" إلى دعوات لضرب الأعناق وقطع الرقاب, وإحياء مادَرسَ من مدارس التعصب والانغلاق. بالمناسبة هذه الآية توجيه لموسى يخص فرعون "فتأمل يا رعاك الله, أيها المتعصب". نعم لقد أزاح الترتيل الوهابي "المبرغل" أصوات عبدالباسط وأقرانه وأزال معه الخشوع الذي يرافق المنصتين ليحل محله التجهّم والغلظة. بالمناسبة لتوضيح معنى "المبرغل" أقول أنه تسمية يطلقها الصيادون في المراكب على البحر عندما يكون رتيباً على وتيرة واحدة يبعث على السأم والقرف.
الطائفية هي تجارة الخوف الرائجة. تزرع الخوف وتحصده وتبيعه, فالخوف من الآخر المختلف يُعلي السواتر والحواجز الرمادية فلا مناطق خضراء خلف رمادها ورماديتها. لن ترى في كنف الطائفية غير أسلحة ولحى, تهتزّ مغتبطة لحديث الكراهية والفخر بالفرقة الناجية, التي تحيل الحياة إلى اللونين الخالدين الأسود والأبيض. الطائفية هي عمى ألوان دائمي, يظن من يتأثر بها أن الحياة كلها أبيض وأسود وإن حجم الكون 24 بوصة. وليس بالإمكان أفضل مما كان. متناسياً أن الحياة هي مسيرة نحو الكمال والكمال لاينحصر بقياس الـ 24 بوصة. وإلا ما الفائدة من اتساع الكون إن لم يكن لمعنى ومغزى وتدرج لوني لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم والمعرفة والعرفان. فالحياة ملونة رغم أنف الطائفية ودعاتها. والحياة مستمرة رغم الموت. تستمر الحياة في الشام بإرادة الحياة, رغم أجنحة الموت التي تسد الآفاق. نجد في جانب من الموروث الإسلامي الذي يمجّد الموت ثمة أجنحة للموت وألواناً, حمراء وصفراء وسوداء وبيضاء. الحمراء هي طعن الرماح وضرب السيوف, والصفراء هي الفقر والفاقة والسوداء هي الغربة والضياع والبيضاء هي العزلة والوحدة, فلا يكتمل الإيمان حتى يمرّ المؤمن بالموت عبر ألوانه الأربعة حسب هذا المنظور. والشام "التي اكتمل ايمانها" تعيش هذه الألوان وتتتذوق كل هذه الطعوم ولكنها باقية على عهدها على حب الحياة والصبر على بلواها. بل أن هناك من الندماء من أخلص لها الود ولم يغادر مائدتها وإن نسيتْ طعم السهر وحديث السمر فصارت الأماسي الشعرية أصبوحات والنشاطات الفنية والثقافية قبل مغيب الشمس, لكنها تدور, والحب دائرة, والشام حب وإن كان في حقل ألغام.
ماجد نبيل الهاشمي
2013-06-20
الذي يجري اليوم كنا نحذر منه بالامس وهذه من نتائج الدعم اللا محدود للمقاومه الشريفه والعاهره في العراق الذي مازال ينزف .وهاهو الشعب السوري يدفع الثمن نتيجه السياسات الخاطئه للدوله والمعارضه
حكمت البدري
2013-06-21
يبدو انك قد نسيت يا سيد حربي ان تقطع حبلك السري مع الحوزة في ايران
حربي محسن عبدالله
2013-06-22
الى أخي حكمت البدري لقد فطمت من حليب الطائفية بشقيها وأقول وأنا مسؤول عن رأيي كلا جناحي الاسلام السياسي الطائفي بالضرورة هو السبب بتراكم البلايا والرزايا وارجو منك أن تقرأ لي مقال سلفية أم عبادة أسلاف في الموقع لتدرك أن حبلي السري قطعته مع كل تخريف أو دعوة للكراهية وأنا من كتب "هي الشام قلبي وقبلتي" وهي منشروة في هذا الموقع أيضاً كما إني متأثر جداً بمقولات صدر المتألهين الذي يقول "وجود الكافر ضرورة لاعمار الدنيا" فتأمل من نسي أن يقطع حبله السري!!!!؟ مع خالص المودة
08-أيار-2021
21-تشرين الثاني-2013 | |
16-تشرين الثاني-2013 | |
05-تشرين الثاني-2013 | |
26-تشرين الأول-2013 | |
15-تشرين الأول-2013 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |