إلاّ أنّ الحياة مستمرة .. عِقار ودولار
خاص ألف
2013-07-10
أمست أحلام السوريين مقتصرة على اقتناص بعضٍ من الحاجيات الأساسية، لمتابعة حياتهم ضمن الحدود الدنيا المناسبة لحياة أي كائن بشري على وجه الأرض. ففي ظل الحرب الدائرة بات من الصعب جداً الحصول على مردودٍ مادي يُكفي السوريين ذُل السؤال للغير... إلا أنّ الحياة مستمرة ...
إن دخلت في هذه الآونة أيّ بيتٍ سوري ستجد قائمة بأسعار السلع والبضائع، وهذه القائمة تخضع للتغيير والتبديل كلّ ليلةً تقريباً، إن لم يكن كل ساعة... وذلك على اعتبار أن الدولار يصعد بين الساعة والأخرى بمستويات قياسية، وتنهار قيمة الليرة السورية ... ولذلك لابدّ أن يقوم التجار السوريون بإعادة تسعير البضائع والمنتجات مرّة أو اثنتين كلَّ يومٍ، لتحصيل الحدّ الأدنى من المرابح والفوائد التي كانوا يتحصلّون عليها قبل الحرب ... إلا أنّ الحياة مستمرة ...
البائع: هذا العقار الذي أملكه، هو في مكان مميز من السوق ...
المشتري: ما السعر الذي تفكر فيه لقاء هذا العقار ...
البائع: الأفضل أن نستشير صاحب المكتب العقاري الذي يرافقك ...
صاحب المكتب: سعر المتر بهذه المنطقة كان في العام 2010 بـ (2500) ليرة سورية ...
البائع: يعني كان سعر العقار كما تقول في العام 2010 تقريباً ثمانية ملايين ليرة سورية ...
المشتري: لكن الوضع الآن يختلف عما كان عليه الوضع في العام 2010 ...
البائع: بالطبع ... كان سعر الدولار مقابل الليرة في العام 2010 هو (45) ليرة فقط ... والآن الدولار ارتفع أربعة أضعاف يعني (200) ليرة ... والآن إذا ضربنا سعر العقار في العام 2010 بسعر الدولار حالياً سيكون سعر العقار أربعة وثلاثين مليون ليرة سورية فقط ... وأنا لا أريد أن أكون طماعاً واستغلالياً لذلك سأستغني عن الأربعة ملايين ليرة ... وبذلك يكون سعر عقاري هذا ثلاثين مليون ليرة سوريّة فقط لا غير ... إلا أنّ الحياة مستمرة ...
هذا الهوس السوري بقيمة الدولار الأمريكي وإسقاط تأثيره على أسعار السلع والعقارات والمنتجات، هو وليد الأزمة والحرب... فأنا أتذكر أنّ السوريون كانوا يخافون من حمل الدولار في محفظاتهم الشخصية خشيّة استضافتهم في معتقلات بيت الخالة ... وأكاد أجُزمُ أنّ أكثر السوريين لم يروا ورقة الدولار من فئة المئة إلا نادراً، ولا يعرفون تفاصيلها أو ملمسها حتى أنهم لا يفهمون العبارات المكتوبة عليها ... إلا أنّ الحياة مستمرة ...
حجم المعاناة التي يكابدها السوريون عامة، والنازحون واللاجئون والفارين من جحيم الحرب في المناطق الساخنة خاصةً، كبيرٌ جداً ويكاد يبلغ حداً لا يُطاق. لكن رُغم كلّ هذا التضييق المعيشي والتحديات التي يواجهها المواطن في تأمين رغيف الخبز وبعض الخضار التي باتت الآن من المكملات، فهو يظل متمسكاً بقشّة الأمل المتبقية لديه ... إلا أنّ الحياة مستمرة ...
سيبقى السوريُّ متمسكاً بحبل الحياة، وسيبقى يشدُّه بكل قوة، حتى لو بلغ الدولار مستويات لا يتصورها أحدٌّ أبداً. فقد كانت الحياة مستمرة بدونه وستبقى كذلك معه. ويعلم الجميع أنّنا قادرون على ابتكار أساليب جديدة في الحياة، وأنّنا نبدع من القلة ما يُدهش البشرية جمعاء. وستبقى الحياة مستمرة ...
08-أيار-2021
28-تشرين الثاني-2015 | |
21-كانون الأول-2013 | |
13-تشرين الثاني-2013 | |
05-تشرين الثاني-2013 | |
28-تشرين الأول-2013 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |