عقبال فتح كل الأبواب الموصدة
حسان محمد محمود
خاص ألف
2013-07-13
كنت صغيراً في السن، كبيراً في " الشيطنة"، وخالي الذي يتطابق عمري مع عمره البالغ وقتذاك عشراً من السنين، مفطرين، سراً، ذلك أن بيئة بيت جدي لأمي أقل تسامحاً تجاه عدم الصوم من مثيلتها لأبي، فأمي من عامودا ووالدي من ســـلمية.
كنت وخالي نأكل شيئاً ما في بستان بيت جدي ( البقــجا بلهجة الماردلية) وهي مجاورة للسينما المحروقة في عامودا، التي كان يملكها حتى لحظة احتراقها المرحوم جدي، ثم صادرتها الدولة منه، محولة إياها إلى حديقة يتربع في صدرها نصب تذكاري لشهداء ذاك الحريق، الذين كان جلهم من الأطفال.
فجأة، وبينما كنا نمارس إفطارنا السري مر (حاج صوفي) جار بيت جدي، ولقطنا بالإفطار المشهود، متلبسين بما نمضغ، فأخبر جدي، الذي سارع إلى تقريعنا بشدة، وضربنا، واتهامنا بأننا نرتكب غلطاً وعيباً كبيرين.
قررنا الانتقام من (الحاج صوفي)، الذي كان يعيش وزوجته العجوز مثله وحيدين، وهي امرأة سبعينية، كانت تعتبر مشاهدة التلفاز حراماً، فتشيح بوجهها عنه كلما زارتنا، وما أكثر زياراتها، وأطولها.
انتظرنا المغادرة المعتادة (للضحية) منزله إلى السوق كي يتسوق ما يلزم لإعداد الإفطار، ووجود زوجته في زيارتها اليومية لجدتي، ونفذنا انتقامنا.
عاد (الحاج صوفي) من السوق، وأخرج مفتاح الباب وباشر بوضعه في الثقب خطوةً أولى لدخوله منزله، فلم يفلح.
حاول ثانيةً، وثالثةً، فلم يكن له ما يريد. ضرب الباب بيده عسى تسمعه زوجته فتفتح له من الداخل... لكن ما من مجيب، لأنها مشغولة بإعطاء جدتي دروساً بكل شيء، في الطبخ وأصول العجن و الخبز ...
كان الجو حاراً جداً، و (الضحية) بلغ منها اليأس و التعب ما دفعها للاستنجاد بشيطانين صغيرين كانا الوحيدين في الشارع يراقبان بتشفٍ وشماتة ما حل بها..خالي و أنا.
هرعنا لنجدته، فطلب من أحدنا تسلق الجدار والنزول إلى فناء البيت كي نفتح له الباب، فأجابه خالي:
ـ عمو الحجي، مـو تيــق " لا أستطيع باللهجة الماردلية".
نظر العجوز العاجزحوله بعينين حائرتين تبحثان عن حل، فلم يكن أمامه إلانا.
وبعد بعض اللهو بأعصابه قال له خالي:
ـ أفتح لك الباب بدون تسلق الجدار، و بالمفتاح، ولكن بشرط، أن لا تعود لإخبار أحد إن رأيتني أنا وحسان نأكل طيلة شهر رمضان...
وافق، والفضول يعتريه عن سر قدرتنا فتح الباب بالمفتاح.
كانت آلية الانتقام ببساطة تقضي بوضع خشب وبعض الورق في ثقب قفل الباب، كي تمنع ولوج المفتاح فيه، و لا يلزم لإلغاء هذه الآلية الانتقامية إلا بعض (زيت الكاز) يحقن به الثقب، ثم تشعل فيه النار، فيغدو ما يسد الثقب رماداً يزول بنفخة.
وهذا ما فعلناه.
في المساء، أكلنا قتلة من جدي، لأن (الحاج صوفي) أخبره بما فعلنا، وهكذا بقينا على سرية إفطارنا، نتحين فرصاً أخرى لانتقام أكبر منه جراء ما اقترف بحقنا من وشاية، لكننا لم نفعل، لأننا غيرنا مكان اختبائنا أثناء تناول طعامنا، وجعلناه قرب النصب التذكاري لشهداء حريق السينما، وهكذا حللنا (المشكلة) سلمياً.
كل عام وأنتم بخير.. وعقبال فتح كل الأبواب الموصدة.
خالد ابو مصطفى
2015-05-16
عزيزي السيد حسان المحترملقد ذكرت حريق سينما عامودة ، وقد كان يعرض فلم جميلة بوحيرد عن ثورة الجزائر وأغلب الأطفال هم من الأكراد بل صديق كردي قال لي بأن الحريق مقصود، الذي كان ينقذ الأطفال قد مات حرقا ومن هنا كان النصب التذكاري . أنا فلسطيني من غزة‘ عشب في سوريا ، في منطقة المالكية (دبريك ) والقامشي والرميلان حيث والدي كان مهندس بترول وأخيرا، الجامعة في حلب هندسة كهرباء ، متى ترجع الأيام الجميلة يا سوريا .