دمٌ وعشقٌ وجنونْ
خاص ألف
2013-07-31
لا نعبرُ الجسرَ إلا حفاة، عراة. لا شيء يكسو أجسادنا.
يبدأ النشيد في حنجرتي، ولا ينتهي. يرحل الصوت بعيداً ليقضّ مضاجع الصامتين، إخوتي. يكوّن الصدى نفسه، فيكون ما يريد، كأي شيء أراد أن يكون، فيقول لذاته: كن، فيكون.
يمرّ على ذاكرتي، ترابٌ منقوصٌ من الشاهدة، لا أسماء هنا لمن سقطوا. جموعٌ من الأجساد ممتدة أمامي، كأنّها سهلٌ من الخُزامى، ترتبط رائحتها بثيابي لتربطني بأرض مشدودة إلى قلبي بحبل مشيمة لا ينقطع، حتى إن أراد، أو أردت. هل يعودُون مع طيورٍ هاجرت إلى ما وراء الحروب؟ أماهُ، لا تبكِ.
لنعترف بالقافلة، القافلة التي تسير على هوامش الكلام، وتكون مداد له، كالحبر حين يصبغ الورقة المتأنقة ببياضها أمام شحوب لوني. تأتيني الصحوة حين ينام الجميع. ليلة واحدة فقط، وأُشفى من رُهاب الاغتراب. لا مكان لجرذ إضافي فوق هذا الفراش.
أصابُ بهلوساتِ مريضٍ غابَ عنه الوعي لفترةٍ طويلةٍ. عبثاَ أحاول الخروج من مستنقع الدم الذي يغرق فيه الجميع، بعد أنا لاذوا بالصمت، كأنهم خُرس أو أموات. أحاول العثور على صدىً لصوتي، فأتوهُ بين الكلمات المبعثرة هنا وهناك. أصابُ بالجنون.
أفتشُ عن نفسي لأكوّن مِنها رُهاماً تصعد إلى السماء ولا تعود، وأبحث عن حروفي لأصنع منها رِهاماً يسقي عطش الأرض إلى أبجدية ترويها.
جنونٌ ما يصاحبني، كيف أفرشَ مثل هذه الكلمات هنا، مبعثرة غير واضحة الأفكار، مرتبكة؟ لا بدّ أن مسّاً ما قد أصابني. كيف لا وجنونُ الموت يحيط بي من كلّ حدب وصوب؟ كيف السبيلُ إلى أن يحافظ المرء على بعضٍ من عقل في مثل هذا المكان؟ كيف السبيل يا "شغف" إلى تجنب انجرافنا مع طوفان الدم هذا؟
أتساقط على الأرض كما لو أنّني ورقة التوت الأخيرة المعلّقة على أغصان هذه الشجرة الضخمة التي تُسمى الوطن. أرنو إليكِ فلا أرى إلا ضباباً يكتنف الطريق الواصل إليكِ.
تحتضن الأرض جسدي، لكنها تضيق بالفكرة. فتعصرني أكثر في هذا النطاق الضيق المُسمى قبراً. يعصرني المكان، فأخرج من نفسي ومن الزمان، وأحلق بعيداً عن هذه الأرض. هناك حين يكون للموت اسمٌ آخر، حين لا يكون الجوع والذل والدم والحرب أبجديات تنطق بها، هناك سألقاكِ.
08-أيار-2021
26-شباط-2014 | |
27-آب-2013 | |
31-تموز-2013 | |
20-أيار-2013 | |
06-أيار-2013 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |