البغاء.. الجنس المأجور / ج 1
خاص ألف
2013-08-03
إن انهيار القيم الأخلاقية لدى شرائح في المجتمعات العربية والإسلامية لم يأتِ من باب الفراغ أو نعزوه إلى التربية غير السوية في أغلب الأحيان، إنما هناك عوامل ودوافع كلٌ منّــا يعرفها لكن بشكل مبسط، ولم يبحث البعض عن الحوادث الغامضة والعوامل التي دفعت بشرائح في مجتمعاتنا العربية من الشباب إلى طريق الرذيلة والمجون وجعلت منهم أناساً ذوي سلوك سيئ، وسمعة في الحضيض. فإن محصنا خلفيات بعض النماذج التي سلكت هذا المسلك وغاصت فيه إلى مستويات لم تستطع الخروج منها بسبب العادة التي أصبحت إن صحّ القول طبعاً لا يستطيع تغييره، وسلوكاً وعادات يومية، نجد أن هناك ضحايا فعلاً تطبّق عليهم تسمية الضحية الحقيقية، ونجد هناك من هم مارسوا هذه الأعمال عن رغبة وإرادة دون أن يدفعهم أحدٌ إلى ذلك، لمجرد التمتّع وكسب المال، وفي بعض الأحيان يقودهم هذا العمل الشنيع إلى بناء علاقات على مستوى مرموق مع رجالات لهم قيمة في المجتمع ذاته، ولهم صولة وجولة!!.
بدايات الطريق:
من الصحيح القول إن التربية التي يكتسبها الفرد في مجتمعه من خلال أسرته هي تربية تكفيه ليكون صاحب وعي وقدرة على توجيه نفسه في المجتمع الذي يتلون بكافة السلوكيات، ويليها نضوجه ووعيه في آن واحد مع تقدمه في السن إلى أن يصبح شخصاً مسؤولاً عن تصرفاتهِ وعن سلوكه اليومي وأخلاقياته؛ لكن إن رجعنا إلى العوامل التي تحيط بالشخص واختلاطه مع أشخاص لهم تجارب عدّة منها السيئة وغيرها، نجد أن حالات الاكتساب تأتي تدريجياً دون إرادة، فهي تراكمية بحسب اختلاط الشخص واحتكاكه مع أشخاص ذوي سلوك سيئ أو يبدأ انحرافه الأخلاقي مع مرور الزمن بعدم الذهاب إلى الطريق الصحيح الذي يُبعده عن تلك البؤر التي تخوض فيها تلك النماذج القادرة على سلب إرادة الشخص بأساليب عدّة ومهارات كانوا قد اكتسبوها بذات الطريقة لكن كلٌ منهم له تجربته وله قصته وله طريق سلكه يفضي إلى مكان واحد وهو عالم الرذيلة.
ــ الفتاة.. نموذجاً:
كما تكلمنا عن التربية والوعي وعن فوائدهما في توجيه سلوك الفرد في المجتمع، نذهب إلى الحالات التي تقود الفرد إلى الانحراف وسلك الطرق التي توصله إلى ما يصل إليه من مجون وغيرها من عادات سيئة.
الفتاة كما نعرف في مجتمعاتنا هي الحصن الذي يجب ألاّ يعلوه أحد أو يدخله إلى أن تتم الشروط المعهودة ــ الخطبة وثم الزواج ــ أكانت في مجتمع إسلامي أو غيره محافظ كذلك.
فبعض الفتيات يتلقين تربية صالحة وتعليم ووعي يجعلون منها نموذجاً يقتدى به، وبعضهن على عكس ذلك ولم يقعنَ في الخطيئة لروادع أخلاقية فطرية، وتكتسب أيضاً من الاحتكاك بغيرهن من فتيات لهن أخلاق عالية صاحبات وعي أكبر وسلوك معتدل؛ فإن حالات الانحراف كما قلنا لها عدة طرق، نأتي إليها واحدة واحدة.
فمن الفتيات اللواتي يقف وراء انحرافهن رغم التربية الجيدة والوعي منذ أيام المراهقة، هي عدم رقابة الأهل والتحقق من عالم الفتاة اليومي كالتلفاز والأنترنت والهواتف الجوالة، هذا في مجتمعنا المعاصر.. ومنهنَ يرجع انحرافهن إلى الثقة الزائدة التي يمنحها الأهل لهنَّ في مسألة الخروج من المنزل والذهاب بأوقات غير منضبطة !.
ومنهن بسبب الزواج المبكر القسري لشخص لا تغرب فيه الفتاة ( زواج المصلحة )، هذا ما يؤدي إلى نفور بين الزوج والزوجة أو برود جنسي وعدم رغبة بالطرف الآخر.
وكذلك البعض يعاني من مسألة الإهمال الجنسي من قبل الزوج وعدم إشباع الرغبة الجنسية لدى المرأة مما يجعلها في بعض الأحيان تسلك مسلك آخر لإشباع رغباتها الجنسية عن طريق الحرام وكذلك تكون زانية، وقد ينكشف أمرها وتضطر الهروب واللجوء إلى أشخاص يقودونها إلى عالم الرذيلة.
وأيضاً مسألة عدم وجود زوج بعد الطلاق أو إن كانت أرملة ولم تكن ذات أخلاق وتربية سوية، تجدها في ذات المستنقع إما في الخفاء أو عن طريق الذهاب لأماكن مشبوهة.
وهناك حالات نادرة تأتي عن طريق الأم أو الأخت أو الصديقة إن كانوا يعملون بالدعارة الخفية أو العلنية للأسباب ذاتها المذكورة أعلاه.
فإننا نجد أن في بيوت الدعارة فتيات ذوات أعمار صغيرة بنسب كبيرة من ــ 20 سنة ــ إلى 30 وما فوق أحياناً!
فتلك الفتيات الصغيرات وقعن في الشرك بسبب قصص أحياناً تافهة، كحبيب يقودها إلى ما هي عليه الآن.. بعد أن يسلبها عذريتها ويجبرها مع التهديد بالعمل في هذا المجال من أجل المنفعة المادية وكسب المال الكثير.
وهناك من هربت من أهلها بسبب العنف الأسري وتفكك العائلة بسبب الطلاق أو غيره من مشاكل اجتماعية صعبة تفضي بالفتاة إلى الشارع ومن ثم إلى الرذيلة.
وأيضاً نذكر حالات اجتماعية رغم أنها نادرة في مجتمعاتنا الشرقية، ألا وهي اعتداء أحد الأقارب أو الأب أو غيره على الفتاة واغتصابها مما يجعل منها حالة معقدة ــ انتقامية ــ أحياناً، من جسدها، ومن مجتمعها من أهلها أيضاً.
والفقر أيضاً يلعب دوراً مهمّاً في سلوك هذا الطريق وخوضه على مضض!
فأغلب الفتيات اللواتي عملن في الدعارة، كنّ يحلمن أن يصبحن مثل أترابهن المرفهات، مع وجود عامل الترغيب من قبل فتاة أخرى، وزرع فكرة التجارة بالجسد مقابل أموال طائلة!؛ حينها تبدأ الفتاة بطريق سهل منه المقابلة والمواعدة والقبل واللمس والهمس، إلى أن تجد نفسها على فراش الجنس مع المتعة المؤقتة لكلا الطرفين، واستلام المبلغ المتفق عليه!!.
وهكذا تكون ركبت الفتاة قطار الرذيلة في أول رحلة لها إلى أن تصل إلى المحطة الأخيرة لتصبح مخضرمة وقد تدير شبكات دعارة وتسهّل الطريق لفتيات أخريات ورجال زبائن، ويبدأ هنا الحبل يمتد إلى فلان وفلان وفلانة.... إلخ.
فالدعارة لا تقتصر على الفتيات في عملهن داخل هذا المجال، إنما هناك رجال يديرون بيوتاً وشبكات تغدق عليهم الملايين من المال والعلاقات الخاصة مع رجالات لهم وزنهم في المجتمع كما ذكرنا!.
فعلى سبيل المثال، إن من يتكلم على الطبقة المرموقة الغنيّــة على أنها طبقة لا يوجد فيها انحلال أخلاقي ومساوئ مثل غيرها، فهذا ليس صحيحاً...
ــ فإننا نسمي هنا هذا المجال في الدعارة المخملية!
فهنالك نساء رجال مسؤولين وأصحاب مناصب عليا في الدولة، يعملن في هذا المجال ويدرن شبكات دعارة لكنها تكون مع الترفيه الذي لا يحظى به من يعمل في الدعارة أو يمارسها من الشرائح المتوسطة والفقيرة.
وقد تكون ممارسة الدعارة أحياناً في الطبقة المخملية دون مقابل مالي، قد يكون المقابل لمصالح شخصية أو مسائل تخص العمل والمناصب.
وأحياناً يكون المقابل باهض الثمن، ( سيارة .. منزل .. عقد ألماس... إلخ) على حسب جمال المرأة، ومكانتها الاجتماعية؛ ويكون الدافع لهذا الثمن طبعاً، بنفس المنصب أو من أصحاب رؤوس الأموال والرجال الأثرياء.
ومن العجيب أحياناً نجد أن هناك دعارة مرخّصة .. أي ببطاقات كالبطاقات الشخصية!.
من هنا يأتي تسميتها بالسياحة، أي أن التي تعمل بالدعارة ولديها بطاقة صحة وبطاقة سياحيّـة، لا تستطيع شرطة الآداب أن تلقي القبض عليها، فهي تدخل مردود عظيم من جيوب السيّـاح وخاصةً منهم الخليجيين بالتحديد.
نهاية الجزء الأول
/ خاص ألف /
يتبع ...
هوامش :
كتاب البغاء .. أو الجسد المستباح / فاطمة الزهراء أزرويل/ 2001
08-أيار-2021
15-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
06-آذار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |