تأنٌّق قبل أن تخرج من المنزل ...

رشّ الكولونيا على عنقكَ .. وارتدِ معطفاً جافاً من الذكريات والشمس ولمسات الأصدقاء الراحلين!

اترك النوافذ مفتوحةً للريح والأغاني الليلية ووشوشات العشاق في منتصف الليل على الهاتف.. وضحكات العاهرات العلنية على الشرفات !

/

لا تلمّع حذاءكَ .. فأمامكَ طريقٌ ملوثٌ بالعثرات والجثث والحكايات القديمة ..!

رتّب كل شيء في المنزل واترك الرسائل والأوراق موزعة في مكانها ... مرميةً مثل الجثث بعشوائية متقصّدة .. حتماً سوف يأتي من يهزّ رأسه ويلمّها ... ويتذكرك!

.................

....................................... لا تطفئ ضوء المنزل .. لربما ظلُ حبيبتكَ يريد البقاء أمام رائحة عطركَ !

ولربما .. تنتقم قليلاً من جابي الكهرباء الوسخ ... ومن تراكم الفواتير الوهمية عليكَ، والعتمة.

كلُ شيءٍ سوف يبدو لكَ حينها جيداً ...

درج البناء قبل أن تنزل قد يبدو نظيفاً ..

جارتكَ العاهرة التي تسترق النظرَ لثدييها عندما تمر ... قد تبدو جميلة !

الحيُّ المكتظ بالقمامة والقطط والأسلاك المتداخلة ببعضها .. قد يبدو لكَ مرتّباً وجميلاً !

/

عمود الكهرباء المُعطّل الذي كنت تقف تحته منذ صغركَ تنتظرُ المطرَ وإطلالةَ الفتاة المشاغبة ... قد يبدو لكَ منيراً ... !

ذكرياتك ..

قلبكَ النابض بسرعة ..

وجهكَ الشاحب ..

الجثث المتراصة أمام عينيكَ ...

أفكاركَ المبعثرة بين عالمين مجهولين ...

الطاغية الذي يقضمُ أكباد الأطفال ويبتسم ..!

القناص المتثاءب ...

الحافلة التي دهست صديقكَ ومضت دون مواساتك !...

كل هذا ...

نعم ... قد يبدو لكَ ............. حُلماً عابراً تحت الوسادة !!!

/

لأجل هذا ...

تأنّق ... واخرج من المنزل إلى حتفكَ ...

ولا تنسَ أن تتركَ ابتسامةً واسعة في المرآة للضيوف القادمين لعزائكَ !