الأنترنت ليس الجدار الذي كان أجدادهم وآباؤهم يكتبون عليه بل هو الحضارة مجسدة ..
نحن مجبورون على إيقاف تعليقات أناس غيرمثقفين .. ولا يمتون للأدب والثقافة بصلة ..

كتب لنا الصديق المبدع وليد معماري رسالة يحتج فيها على إيقاف التعليقات في الموقع .. وكذلك

فعل الصديق أبو يعرب المرزوقي .. ورددنا عليهما بأننا كنا وما زلنا مجبرين على إيقاف هذه التعليقات لأنها تعليقات غير مسؤولة ويكتبها أناس غير مثقفين .. ولا يمتون للأدب والثقافة بصلة .. فلغتهم الوحيدة هي لغة الشوراع .. وقد وجدوا في الأنترنت الجدار الذي يكتبون عليه كما كان يكتب عليه أسلافهم من المتخلفين تحت ظلام الليل كلمات بذيئة لإفراغ كبتهم ورغبتهم بسبب عدم تربيتهم بكتابة إساءات للناس على الجدران في تلك الفترة فكان الواحد من يستيقظ ليجد حائطا قد كتب عليه كلب ابن كلب من يبول هنا .. كس أختك يا محمود .. منيك يا أبو ماجد .. وهناك الكثير من هذه التعليقات كانت تكتب على حيطان المدينة .. أود أن أقول لهؤلاء المتخلفين أن الأنترنت ليس الجدار
الذي كان أجدادهم وآباؤهم يكتبون عليه بل هو الحضارة مجسدة .. لذلك وكي نحترم هذه الحضارة علينا التعامل معها كما يليق بها .. ليس أسهل من أن اشتم بطريقة هؤلاء البذيئة وكثيرون من قرائنا المحترمين قرأوا تلك التعليقات قبل أن نصل إليها ونحذفها .. ولا شك أن جميعهم يعرف من نقصد .. فنحن نحترم قارئنا الذي يحترمنا ولكن كيف لنا أن نحترم عدوا يستخدم البذاءة للإساءة إلينا ..؟

هذه رسالة الصديق وليد معماري في الرد على مقالة الأستاذ خالص الجلبي الذي أستغل كثيرا دون أن يؤخذ رأيه في الإساءة للموقع ولمتصفحيه

ألف

اقتطاع النص من سياقه _ وليد معماري


صديقي العزيز الأستاذ سحبان سواح:
ساءني أنك لم تترك مجالاً للتعليق على مقال الشيخ خالص جلبي... وسأتجاوز الكثير من الركاكة في المقال، كقوله: /ويفتش اليوم أحفاد حبش مثل ديك الحبش/.. والخطأ النحوي واضح في العبارة... ثم تلك الأرقام المرعبة من أن أتباع ماركس: /قتلوا في قرن واحد (مائتي) مليوناً من الأنام/ .. وأن د. جورج حبش: /طبع العالم بالرعب إلى ألف سنة/...
ولا أود هنا إعطاء دروس في التاريخ، ولا مناقشته في أمور دينية، هو يعرفها، ويعرف ما هو الناسخ والمنسوخ أكثر مني.. بل يتوجب علي توجيه تحية له على موقفه الإسلامي المعتدل..
ولكن شيخنا ذكر، ربما من باب التضليل أن كارل ماركس كان يهودياً.. وهذه معلومة خاطئة، فكارل ماركس ولد في أسرة مسيحية.. وكان أبوه قد تنصّر قبل ولادة الابن... والأمر في جميع الأحوال غير ذي بال، سواء كان ماركس يهودياً، أو مسيحياً، أو بوذياً.. مثلما هو الأمر مع سيغموند فرويد، وهو يهودي، انتماؤه الديني، لا يعنيني، ولا يعني أي باحث موضوعي..
لكني توقفت عند (قلّة النزاهة) حين أورد الشيخ جلبي عبارة لكارل ماركس مقتطعة من سياقها النصي.. تقول إن: /الدين أفيون الشعوب/.. وهو، أي الشيخ، وسواه، لن يقبل باقتطاع عبارة/ لا إله / من سياق نص/ لا إله إلا الله/ فذلك هو الكفر بعينه.
وما أكثر ما اقتطعت عبارة ماركس من سياقها لغرض التشنيع، وتصوير الماركسية على أنها نظرية إلحاد وحسب، مع نسيان كل الجوانب الفلسفية الجدلية المادية والاقتصادية والتاريخية في الماركسية.. وكل أقطاب الماركسية أقروا بأن الدين في ظروف تاريخية محددة يلعب دوراً ثورياً ناهضاً ومنقذاً!.. والأمثلة أكثر من أن يتسع لها مجال العرض هنا..
ومن أجل وضع النقاط فوق الحروف، وتصحيح ما صار شائعاً على ألسنة كثيرين، لخداع عامة الناس، أورد هنا نص ماركس كاملاً. إذ يقول بالحرف الواحد:
/ الدين زفرة الإنسان المضطهد.. هو القلب في عالم بلا قلب، والروح في زمن بلا روح.. إنه أفيون الشعوب/... وكلمة أفيون هنا ترد بالمعنى الإيجابي للكلمة وليس السلبي.. أي ما يشبه (البنج) الذي يعطى قبل إجراء عملية جراحية لمريض.
لقد ولدت في أسرة شيوعية.. ولم أسمع أبي الراحل يجدف ضد الدين، أو يعادي المتدينين، بل العكس، كانت له صداقات حميمة مع متدينين كثر، لم يجادلهم في إيمانهم، ولا أنكر عليهم صلاتهم وصيامهم.. كما أني انتسبت إلى الحزب الشيوعي السوري منذ عام 1959 وما زلت في صفوفه حتى الساعة، ولا أذكر أن الحزب وجهنا نحو النظر إلى المتدينين كقطب نقيض، أو كجهة تستوجب الاحتراب... بل على العكس، كان ينظر إلى أي رفيق يتهجم على الدين والمتدينين، بأنه لم يستوعب الثقافة الشيوعية، فمهمة الشيوعي، في ظرفنا التاريخي منذ الربع الأول من القرن الماضي، هو التحالف مع أوسع جبهة تقف ضد الاستعمار، ومن بعد، ضد الصهيونية والأمبريالية، أولاً.. وضد سارقي لقمة الشعب..
__
(يمكن العودة إلى موسوعة _ روتليدج _ لتاريخ الفلسفة _ المجلد السادس _ أو "حياة كارل ماركس" لديفيد مكليلان _ أو مؤلفات كارل ماركس الكاملة)