فضاء سردي
2008-05-27
تداعيات على وسادة الأرق – 1-
توطئة:
دخلت لوحة الحاسوب فجأة, عارية ألا من وردتها وبعض القصائد:
- هل تأذن لي يا حارس الليل؟
- ربما أنتِ من أنتظر.
ذات عشرين شهقة وثلاث رجفاتٍ لم تكتمل.. فجأة خرج عليَّ مني نمرود كان قبل أربعين شهقة.. امتطاني وعوى..صدقوني امتطاني صرت راحلته, يملك أمر ولا املك امري..صرت.. وحتى اللحظة لا أدري إن كنته حقا, أم شاهد اثبات عليه..
واستدعيت وليفتي الطيبة, وحنان ابنة أختي وابنتي بالتبني بعد أن أخذوا أباها إمام العاشقين غيلة في المعمعه..
- 1-
على غرة من غفوة
الليلة, وعلى غرة من غفوة, حضرتْ حنان, وعلى عادتي أخذتها إلى عين صدري, وعلى عادتها توكأتْ برأسها على صدري, وأخذت تتعرف على دقات قلبي..
زرعتُ ذقني في شعرها, وشخصت في البعيد البعيد.. قالت الشقية:
- ياه يا خالي.. من اجتاحتكَ وغيرت نبضكِ؟!
قبلتها أكبح فيها المهرة الشموص.. لا ادري كيف انزلقت من خدها إلى فمها, قضمت شفتيها/شفتيكِ..صرختْ تتأوه:
- ما بكِ.. أنا أنا..وأنا لستُ هي!!
- من هي؟
غرقت في الضحك منتصرة:
- من ترتوي من شفتيها حتى الثمالة.. هي من تقدم عبق عسلها منقوعا بالرحيق..
- من هي؟
- لا شكَ امرأة أخذتك إلى مراياها بعيداً..
يا إلهي كيف تدرك النساء الصغيرات سر الشهوات.. صدقيني, تاهت اللحظة مني يا أنتِ بين امرأتين, هنَ انتِ وحنان..
هل كنتُ اقضم شفتيها/شفتيكِ.. هل يكون الخال في الوهم وعلى حين غرة عشيق!؟
هل هو دفع الالتباس, الذي أخذني من النشوة إلى الموت,
الشقية أدركت نبضي..
وخَجِلتْ.. وصحوت يعذبني السؤال:
من التي حضرتْ!!
هي الساكنة بالقرب هي مني, أم أنتِ المقيمة بالقرب مني هناك؟
ليس لي من يخلصني من ظلم السؤال يا أنتِ سواكِ,
فهل كنتِ معي يا سيدة الحلم على وسادة الأرق؟
وهل عاشرتِ مثلي الألق في أتون محرقة القلق..
***
وصحوت..
كانت وليفتي غارقة في نوم مريح, يسكن ثغرها سرب ابتسامات لاذعة..
أغمضتُ عيني.وتجولتُ في فضاء العتمة..هي عارية جسدها بلور مضيء.. ممدة.. والمسافة بين ساقيها مروجا وبساتين ومجرى نهر.. عارية يرقد على صدرها ثديان, متحفزان, يتناوب أطفالي عليهما رضاعة حتى الثمالة, ويغادرون مثل أرانب برية إلى البساتين القريبة..
إني رأيتُ وليفتي مثلما كانت ليلة قَطفت وردتها أول مرة.. ووقعتُ في الحيرة يا سيدتي..
هل افتح عينيَّ على امرأة نائمة في فراشي, على ثغرها ابتسامة لاذعة؟
أم أبقى في فضاء العتمة, انهل من عسل الرحيق..
انه الوقت يا امرأة يعلن مواقيت النعاس..
أي نعاس, وأنتِ هناك واقفة على ناصية الزمان, في برزخ بين الصحو والغفوة.. بين العتمة والنور..
لكنه في الميعاد الله حضر.. وتسلل الخيط الأبيض من الخيط الأسود, وأعلن المؤذن لصلاة الفجر..
الله اكبر .. الله اكبر
ونمتُ على سؤال, جاء من بطن السؤال:
- أين أنتِ مني يا أنتِ, وأنا أين منكِ؟؟
-
– 2 –
غزالة الفجر
عند الفجر غفوت.وعند الفجر.. جئتِ غزالة تخب على صحراء مساماتي..
نقر ظبية يأتيني مع هجوع الكائنات, مع تسابيح المصلين.. سكنتِ أذني وشوشة:
- غزالتكَ تتوهج! وأنتَ تنام يا حارس الليل؟!
- ليس نوم يا غزالة..إنني أتزود أحلاماً لليل آتٍ بعد ليل..
- هل جننت يا رجلي .. النهارات في غزة تسكن كل الأمكنة..
" اخ يا قلبي..
النهارات في غزة أسود من سواد الليل
النهارات هنا يا سيدتي تمضي في الوداع..
كل الكائنات تستقبل أرزاقا في النهار, إلا نحن نهارنا للوداع والوداع والدموع..
والدموع قد تحجرت في العيون..
جف نبع العين يا أنتِ.
حتى دمعة الديك عند الفجر غابت..
لم يعد الديك في مدينتي يحترف البشرى..
الديك يا سيدتي يرفض صهيل النواح.."
صوتكِ يشاكسني من بعيد..
"لِمَ فارقتني..
لِمِ أنزلتني فيض بحركِ..
لِمَ نسختني من ضلعكَ..
لِمَ تركتني وأنا ما زلتُ فيكِ.."
آه يا أنتِ..
عند الفجر هدني جوع الجوى, فغفوت ورأيتُ نهاراتٍ لا تشبه النهارات..و..
- هل عدت يا حارس الليل إلى الجنون؟؟ ماذا رأيتَ يا مجنون الحكايات.. صف.
كيف يكون الوصف والحال جنون في الجنون.. إن كنتِ ما زلتِ فيَّ تكوني قد رأيتِ ما رأيت..
صوتك يضربني من جديد:
- ماذا رأيت؟
آه يا ربي..
شهقة رفرفت في قلبي.. زغردت ..صارت عصفورة وقت محنّاة بألوان قزح
- هل رأيتِ عصفورة خارجة للتو من قوس قزح؟.. هل تفيأت العصفورة ظل نهدكِ الأيسر
- ...
- هل هربتِ من جنوني؟
- أنا مشغولة بجنوني في جنونكَ.. العصفورة واقفة فوق عين قلبي أسفل نهدي الأيسر ترضع..
- هي عصفورة زاجلة, فقست من بيضة الحلم.. انظري تحت إبطيها ..
ماذا تَرين؟؟
فردت العصفورة جناحيها.. ريش إبطيها بلون حليب المرضعات, قلت:
- على ريش إبطيها رسالتي إليكِ ردي عليها إن شئت..
وقبل أن تضم العصفورة جناحيها, أخذني النوم إلى موتٍ قبل أحيا عند عتبة ميلاد ليل جديد..
هذا أنا يا أنتِ, مثقل بكِ وجداً, أنتظركِ مع مخاض الليل حكاية.. انتظر مع خوفي إن أنتِ, غبتِ..
- أنتظركِ لرجفة تأتيني مع رفة القلب.. انتظر بحة صوتكِ..!!
- ها قد عدنا للجنون, أنتَ تقرأني على لوح الحاسوب.. انتَ لا تسمعني!!
- بل أسمعكِ, وأحيا على بحة صوتكِ.. أو لَمْ تسكنيني.. أنتِ قلتِ.. هل نسيتِ!!
- ليس من بحةٍ في صوتي يا أنتَ!!
- اسمع صوت قلبكِ الراقص على نغمة أعرفها.
- كيف تعرفتَ عليها قبلي..
- لأنكِ الوتر, والوتر يطلق النغم ولا يسمعه
- أنا الوتر؟.. كيف؟
- يا له من حال جنون في الجنون.. أنت فيَّ..
- كيف أنسى والذي بيننا وفيض إثر فيض وفيض.
عادت العصفورة هبطت على رأس أنفي.. ضحكت العصفورة.. فصحوت..
ثمة ما ينملني كالخدر..
إنها العصفورة في منقارها ريشة بيضاء كفلق الصبح, تمسح عرق تفصد مني.. قال العصفورة:
- إليك عنوان الرسالة."
جأر صوتكِ من بعيد:
- هل أكفر بحالي؟ أنا لم أكتب ردا..
"يا بهية:
زاجلتي تطبع النبض على ريش جناحيها رسائل, حتى لا يدركها الوقت.. والوقت أقصر من رفة عين بين الغفوة والصحو..
ريشة الزاجلة منقوش عليها:
كيف تكون الحياة في الحياة"
***
وصحوت يا سيدة الحلم, ورشفتكِ مع قهوتي عسلاً, زودني بالبهاء..
هذا أنا أحضرُ مع شوقي منتصرا بكِ
هل أنتظركِ الليلة عند عتبة ميعاد جديد؟
إن رغبتِ, إشهقيني مع هواء رئتيكِ..
إن عبرتكِ الرجفة.. تجديني..
أة في قرص مُشَفَّرْ
تشتاق, كما الشوق للماء بعد جفاف عطش بعيد.. هل جف ضرع الروح؟ همست على الهاتف على حين غرة:
- رشفتكَ عل الريق قرص ماء آخر.
قهقه ضاحكا:
- يا له من اسم جديد لأقراص الثلج..
أخذها الخذلان.. لم تصل رسائلها إليه.. اللعنة ..! كيف يعرف ما اعتراها من حالات .. لم تذق طعم الماء منذ غزاها.. ومنذ غزاها كوبها مملوء بأقراص بلورية. ومنذ غزاها وهي على خدر ودهشة من رحيل عطش استبد بها عمراَ.. ومنذ غزاها وهي في الحيرة بين الارتواء والامتلاء..
في الصباح تناولته قرصاً من كوبها, فسرى فيها دفء كالخدر, أشعل فيها وهجاً كالفرح.. دخلت مفازات اللهفة والشوق والجوى.. تعرت وطارت.. سكنت غيمة من شبق..
صوته يأتيها من بعيد:
- تجعليني قرص جليد وتذهبين إلى الصمت؟! ما دهاكِ؟؟
هبطت من الغيمة, اعترتها بحة فقد, قالت:
- هل جربت دفء الجليد؟
- لم أجرب أمرا مستحيلاً.
- أنتَ لم تعرف بعد خواص من أحب من الرجال.
- علميني ما لم أعلم يا سيدتي
- إذن خذني قرصا على الريق..
سكن الدهشة, لا مناص من دخول التجربة, أغمض عينيه, فجاءته امرأة / قرص, ابتلعها على الريق.. استحلبها في فمه.. صارت زوبعة ريح لطيف.. صارت بهجة..قال:
- أنتِ في دمي.
- اعرف ذلك
- ليس ما بي دفء جليد
- ما الذي فيك إذن.؟
- أنتِ
فصحت من غيبوبتها على عطش مستبد..
08-أيار-2021
14-نيسان-2018 | |
30-تموز-2015 | |
13-تشرين الأول-2012 | |
16-أيلول-2012 | |
18-نيسان-2012 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |