إطار لصورة رمادية
غريب عسقلاني
خاص ألف
2018-04-14
جمعتهما الصدفة, أذهله الحزن الراقد في عينيها.. سألها:
- كم قطعتِ من الرحلة يا سيدتي؟!
- لم أبدأ بعد!
- وكيف عشتِ إذن؟
- خمسة عقود من ليل ونهار وألم, في انتظار الذي ضاع مني!!
غرقتْ في الصمت.. قرأ على وجهها شمساً لافحةً وجفافاً مقيماً.. قالت:
- هل جربت الانتظار يا سيدي؟
- انتظرُ عودة التي تاهت عني بعد عشق خمسة عقود!!
قرأ في عينيها شيئاً كالرجاء.. رعش صدره برجفة لم تزره منذ عشر سنين.. صهل فيه حصان عفي, فرآها مهرة نضرة راغبة تشمم عرق وركيه.... قطع عليها الطريق فجأة:
- هل نبدأ من جديد؟!
صار خدها قرنفلة, وجبينها قمراً.. حدثته عن زوج فنان مغرم برسم وجوه النساء, والاحتفاظ بالوجوه داخل إطارات بديعة تزين جدران بيت
وحدثها عن زوجة داهمتها جلطة, هشمت مرايا الذاكرة, وتركته يبحث عن نصف عمره في تضاريس وجهها المحايد.. تساءلت:
- ربما فقد زوجي ذاكرته!
- ربما.
صرخت مهزومة:
- لم يكن بيننا حياة حتى يفقدها..
وتداركت الصراخ بالنحيب.. سَالت:
-هل أحببتها؟
- عشقتها.
- والآن؟!
- اعشق المرأة التي كانت.
- هل فيَّ ما يشبهها؟
- لا امرأة تشبه غيرها..
- امنحني الفرصة.
- بشرط أن لا أكون هو, ولا تكوني أنتِ
وفي الليل كان حصانا عفيا, وصارت غزالة لاذت بحضنه, قالت:
- خذني..
امتطيا ظهر قزح, وتاها في فلوات العمر, وعاشا الوقت شبق ولهفة.. يهبطان مع جديلة الفجر إلى الأرض للنوم ويصعدان مع ضفيرة الشمس إلى الأثير..
وذات ليلة أطلت بلا قرنفلة على خدها.. ولا قمر على جبينها قالت:
- انتابه التوجس والقلق!!
- وكيف عرفتِ
- اليوم ضبطه يختلس النظر إليَّ.. ورأيت النساء يهبطن من البراويز!!
- هل شم رائحتي في عينيكِ
- ربما.. هل يرسمني؟
اختفت, وقضى الليل مع وجه زوجته المحايد!!