مدونات دعبول السلام
خاص ألف
2012-10-13
بينما كان دعبول السلام يمارس رياضته الأثيرة في اكتشاف قارة جوجل المدهشة.. شهق فجأة وسحب ما حوله من هواء فأحدث تفريغا نتج عنه انعدام الوزن, طيره على جناح الومض, وهبط به أمام شاشة الحاسوب في مواجهة رسم بالفحم لرجل مختلط الملامح بين القدم والمعاصرة, كتب أسفله الياهو بن...
ضرب دعبول لوح الكيبورد كليكاً عجولا, فخرج من إطار الفحم رجل بادره دعبول:
- من أنتَ وماذا يعني وجودك هنا؟
انطفأ الحاسوب وغطس دعبول في بقعة ما وراء, لا يدرك من أمره رشدا, ورأى موت عين الشمس, ورأى القمر يرسل إشارات الغياب, ما أثار حنقه, فضرب الكيبورد بغل وتشف, فأضاء لوح الحاسوب وخرج عليه الرجل آمرا حازما:
- اغتسل يا دعبول وتحرر..
ولأن دعبولا يجمع بين الأصالة والمعاصرة, لم يضرب قدريته عرض الحائط, ولم يستسلم كليا لثورة المعلومات والاتصالات, ولأنه من اشد المعجبين بالعولمة وكسر الحواجز بين الأزمنة والأمكنة, والباحث عن روايات جديدة تمكنه من حل المعضلات التي تستغلق عليه بعد المصالحة, وحولته مع آلاف الموظفين ضربة قرار غشيم إلى موظف مستنكف وقع بين مطرقة غضب ولي الأمر في غزه, وسنديان قطع الراتب من ولي الأمر في رام الله, فاختار اللجوء إلى منطقة الحياد, في وقت توزع فيه الناس إلى متسولين وجياع, وأمراء وقت الالتباس..
اغتسل دعبول بصابون الديتول, ودعك جلده بليفة خشنة قشرت روايات الأولين عن جلده, وسحبها لولب الماء إلى بالوعة المجاري وخرج من الحمام خفيفا يغني.. "لا عودةللوراء.."
تزود دعبول بصبر الباحث وجلد الفارس, وجمع كل ما وقع عليه من دراسات وأبحاث وشذرات وإشارات وكتب تفاصيل كثيرة منها الضيق ضيق المسافة بين حاجبين, ومنها الواسع اللامتناهي.. وبعد جهد الجمع والرصد, دخل في مرحلة الفرز والتصنيف والتفسير وتأكيد المعلومات, ووقف طويلا أمام على أحد الألواح نقش عليه, الياهو بن هو أول من أحصى خطوات بن مريم في درب الآلام, وأول من فصل مكونات إكليل الشوك, وأول من أشار إلى غانية حسناء سارت في ذيل المسيح, قيل في أحدي الشذرات أنها المجدلية مريام وفي احد الاشارات أنها عنات..
وتؤكد احد الدراسات المعتمدة, أنه سكن جرزيم وأنه كان عقيما مزواجا, كثير الزوجات والأولاد, وكان يختار زوجاته من أقوام وأعراق شتى, ويرسلهن للاستبضاع بمن يختاره من الرجال, ويعلمهن كيف يرسمن على أفخادهن وجوه من يضاجعوهن, وعندما تضع الزوجة المولود, ينفخ في أذنيه قبل أي يعطيه اسما ويصيح:
- اذهب يا سومري يا ابن الكذبة الأولى؟؟
وجاء في رواية غير مؤكدة أن المضاجعين كانوا يختفون بعد الوضع بأيام..
***
في صفحة من مدونتة كتب دعبول هامشا جاء فيه:
" بينما كنت أبحث عن عشبة ذكرت في تذكرة داوود, سلكت طريقا متعرجة إلى عسقلان, وفوجئت بالياهو يضاجع شجرة جميز صبية, ويغرز أسنانه في ساقها, ويدميها فتنز الشجرة لبنا دافقا يتحول بمجرد ملامسته للهواء إلى قيح أحمر قابض الطعم حارق المذاق, ورأيت الياهو يمضغ ثمارا فجة ويهمس للشجرة:
- جودي بلبن الوهم سبع مرات في العام ولا تبخلي!! "
وحملت أخبار جوجل أن حبر الأحبار في جبال تعز وما جاورها من أمصار, قال:
- جاء في مزمور ما بعد المدنس, أن إحدى زوجات الياهو استبضعت من سبعة شبان ينتمون إلى سبع قبائل متناحرة, فسخطها الله إلى جميزة تثمر سبع بطون في السنة, وجعل أولادها لا يجتمعون إلا عند الاتفاق على تثبيت الكذبة الأولى..
وفي كتاب عتيق عثر دعبول على رواية محيرة دونها احد أولاد الياهو تقول:
أن الياهو كان من المحظيين في مجلس صلاح الدين, وانه كان يجيد العربية والعبرية والسومرية والكوردية, وبتنقل بين الديار على راحلة لها وجه غزالة, وقوام ناقة اختلف حولها أهل ذلك الزمان إذا ما كانت ناقة البسوس, أم هي ناقة صالح النبي..
سكر دعبول وثمل بما جمعه من معلومات, فتجرأ على محاورة كبير المدونين في جوجل, وفوجئ بالمدون العظيم يرحب به, فسأل عن اليقين في سيرة الياهو, فانقطع التيار الكهربي, وغرقت غزة في العتمة, واختفى الوقود عن سطح الأرض وسال دافقا في سراديب سرية يقف عليها حراس السلطان, وتناقل العامة خبر عن رجل وجد مقتولا بالقرب من فوهة احد السراديب, يخرج من شدقية رغوة لها رائحة البترول الخام, وعند تشريح جثته في معمل الطب الجنائي وجد بطنه مكتظا بالدولارات وعملات أخرى, وقيل أن طبيبا ملتح نتش من ذقنه شعرة فبرقت شرارة حرقت الجثة وحولتها إلى كتلة دهن اسود..
لكن دعبول الحصيف تعامل من الخبر وكأنه محض إشاعة فوضعها في الهامش بين مزدوجين بدون تعليق..
***
حاول دعبول إثراء بحوثه خارج مكتبة جوجل, فوقع على كتاب موثق لباحثة مصرية حول مصر والقضية المصرية, جاء فيه أن ثلة من كتاب العرب شاركوا في احتفال وضع حجر أساس الجامعة العبرية, وأن طالبا مصريا كان من أوائل الطلاب العرب الذين التحقوا بالجامعة لدراسة الحضارات واللغات الشرقية, وكان زميلا لفتاة يهودية فاتنة تدعى جولدا صارت فيما بعد ذات شأن عظيم, وتقول الباحثة ان الطالب المصري أصبح المتخصص الأول في اللغة العبرية, وأنه كان على رأس فريق المحققين مع الأسرى الإسرائيين في واقعة العبور الشهيرة, وانتزع اعترافات خطيرة من قائد كتيبة الدبابات الصهيوني عساف ياجوري..
وقد سبب انقطاع الكهرباء عدم تعامل دعبول مع مدونات جوجل, فلجأ إلى مصادر أخرى لسد الفراغات المعلوماتية أو تأكيدها..
***
اشتد القصف على غزة فحمل دعبول أوراقه وأقراصه وفلاشات الحفظ, ولاذ بقبو عمارة تعود لكبير في الحكومة.. وفي القبو خرج عليه من سرة العتمة الياهو يهدئ من روعه:
- حسنا فعلت أنت في مكان أمين
- هذه فرية سافرة فلا مكان معصوم من القصف
- هل ما زلت تبحث عن رواية غير مسبوقة؟!
- أرجو ذلك
قصفت البناية, وسقط العديد من الضحايا, وتمكن دعبول من العودة سالما إلى بيته في المخيم, وعند أول مصافحة للحاسوب وجد العديد من الروابط بانتظاره, انشغل بها ودخل ماراثونا جديدا, وعندما اقترب من فض أسرار الملفات الجديدة, توقفت خدمات الانترنت عن حاسوبه دون سبب, ما جعل خبراء شركة حضارة القابضة على احتكار الخدمة في القطاع, عاجزة عن تفسير أو اكتشاف الخلل, فأفتى مهندس متصوف بأن السبب يعود لكائنات خضراء هبطت من طبق طائر على المخيم, جعلت دعبول يعيش هواجس, أن ثمة قوى خفية تراقبه وتتحكم به, فانتابته موجة هذيان حتى غاب عن الوعي أسبوعا كاملا, قضاه في مركز العناية الفائقة, مع حالات الموت السريري..
وفي لحظة تقاطعت مع عودة الانترنت إلى حاسوبه, نهض معافى بذاكرة جديدة, وأكثر نهما لموصلة البحث.. فخرج عليه الياهو:
- ماذا تعرف عن التاريخ أيها المدون الحصيف؟
- كذبة قطعت صلتي بها
- والجغرافيا؟
- ضاعت فطرتها وتحولت إلى مواقع افتراضية.
- واليقين؟
- لا يقين في الافتراض.
- اليقين هو ارض الرب
- رب من؟!
- إذن عليك أن تغير حساباتك من الهوت ميل الى الياهو يا حصيف
اختفى الرجل, واعتذر دعبول لمصرف الهوت, وفتح حسابا في مصرف الياهو, واستقبله صاحب المصرف:
- أهلا بك سيد دعبول السلام
- أهلا بكم من معي؟
- الياهو بن يسار سفير دولة الرب في بلاد النيل العظيم
- وماذا عن دولة الكوفية سيدي؟؟
- لم أسمع بها من قبل؟؟
خارج التدوين
" أخرج دعبول السلام رضيعا على صدر أمه بعد النكبة الأولى, بعد أن تم ختانه تحت جميزة أمام ولي الله الشيخ عوض على بحر عسقلان, وحمل كوفية أبيه التي ورثها عن جده الذي رافق عز الدين, ولم يظهر في الديار, ولم يؤكد أحد موته, وتقول عجوز تبيع الحنظل في سوق الجمعة, أنها رأته يجتاز باب الداروم, وأكدت أم أيوب أن القصف فتته ونثره نتفا مع الغبار, وأن عينه سقطت في حجرها وذرفت آخر دمعة قبل أن تنطفئ.. "
08-أيار-2021
14-نيسان-2018 | |
30-تموز-2015 | |
13-تشرين الأول-2012 | |
16-أيلول-2012 | |
18-نيسان-2012 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |