عقدةٌ أخيرة في حذاءِ الحياة
حمد عبود
خاص ألف
2014-06-14
عندما تُغمضُ عينيكْ
تغفوْ الحياةْ
تستيقظ باكراً لتحضِّرَ نفسها و زينتها.
تستبدلُ الماءَ البائسْ و تنفضُّ عنهُ غربته.
تُعطرُ الياسمينَ خلفَ أذنيه
نقظتين من بارفانٍ مستورد
تجلسُ على الرصيفِ و يمرَّ الهواءْ دونَ اكتراثٍ لفستانها المصنوعْ من الدانتيلْ
تنتظركَ ريثما تقررَّ الوقت المناسب
لشربِ قهوتكْ.
عندما تُغمضُ عينيكَ.
ينصبُ الموتُ كرسيه القماشي المحمول
يبلل لفافة السجائر و يثني أكمام قميصه الموشومة بحروف اسمه
يتناول فنجان القهوة من مكانه المخصصْ في طرفِ مسندِ الكرسيِّ
يسكبُ ما بداخله من قهوة محروقة سائلة و يكتب ما تشي به العروق السوداء العشوائية على الشاهدات الرخامية
عندما تُغمضُ عينيكَ
يتوقفُ الجميعْ عن الحركةِ.
يأخذونَ صورةً بانوراميةً لكَ و أنتَ تأتمنهمْ على نورِّ عينيكْ
مسالمٌ و مخدوعْ..
هناكَ من ضايقتهُ ذبابةً فمسحَ أنفه و دليل ادانتهِ من المشهد العبثي.
و كذلكَ ..
عندما تُغمضُ عينيكَ... تبسِلُ أفكاركَ سيجارةً سريعةً
و دون أن تراها تنفثُ الدخان من زاوية ذاكرتكَ العمياءْ إلى زاوية ضميرك الميت
لم تنتبهْ فعلا
أنتَ متشددٌ و معقدٌ بل و تستحتقُ أن تستغفلكَ أقربُ الأشياءِ إليكْ.
من كثرةِ ما كتبتَ عن الموتْ أصبحَ يُشكُّ بأنكَ شريكهُ في الجريمةُ.
هل سمعتَ عن شركةٍ تسقطُ دونَ أن يُطردَ مسؤولُ الدعاية و الإعلانْ أولاً.
او لنقلْ مسؤول العلاقات العامة الأنيق دقيقُ المواعيدِ و الأعذارْ.
و طالما أنكّ تكتبُ و الموتُ يزدهرْ
سيصوّتُ غالبيةَ أصحابِ الأسهمٍ في هذه الحياةِ على انعدامٍ جدواكْ
أنتَ مسؤولٌ بشكلٍ أو بآخرْ.
لاحقاً ستتفاقمُ الأمورْ لتصلَ إلى مراحلٍ ميتافيزيقيةٍ محيّرة.
اغماضةٌ واحدةٌ كفيلةٌ بتقليبِ أهل القبورِ عليك..
فيسقطونكْ.
على الجانبِ الآخرْ.
رجلٌ حلَّ أخرِ عقدةً من حذاءِ الحياةِ الضيّق يوزعُ الكعكَ على الأطفالْ، بعضهمْ ذابتْ أسنانهُ اللبنية و بعضهمْ أصيبَ بشللِ الأطفالِ من جديدْ .
البائعُ الستينيْ قدمهُ على الأرضْ و يدهُ في فمِّ السماءْ لا يكترثُ إن كنتَ ستفتحُ عيونكَ قريباً.