أوطان ضيقة .. قبور واسعة !
خاص ألف
2014-08-19
تحايلاً على الليل ... تضغط مفتاح الكهرباء مراتٍ عدّة وأنت موقناً أن الضوء الذي يسري في شرايين الجدران ... صار ضريراً !
لا شيء هناك سوى عمود الكهرباء في آخر الشارع ينير بضوء خافت تارةً.. وتارةً أخرى ينطفئ!.
تتجه إلى النافذة..
تمدّ عنقكَ، مع قلبكَ المتعرّق على كفيك تبسطه في الفراغ كي تحظى بصفعة هواء عابرة، لربما ..!
المدينة ... كل بيوت المدينة أصبحت نوافذها عدسات كاميرا تلتقطُ صورَ الهواء العابر والأغاني الراجفة بين شرفة وشرفة ... هدوء ..!
أعناقٌ طويلة ورؤوس كثمار تتدلّى من النوافذ العالية ... الواطئة أحياناً ...! ففي الأعلى يعطي الهواء نصيباً للذين في الأعلى ... فقط !
وفي الأسفل ... لهم زفرات السماء وتأوّهات القبور القريبة من الحدائق !
قبرٌ في حديقة ...
حديقة استحالت مقبرة !
وحذاء البائع المتجوّل الذي يرتاح عند سور الحديقة ... مازال مُعلّقاً مثل شاهدٍ على الطرقات والمسافات الطويلة !
معلّقاً .. كأن أسوار الحدئق أمست مشاجبَ مُرخّصة للعائدين من البارحة !
من زيارة أبنائهم النائمين في قبورٍ واسعة كاندهاشهم حين قتلوا ...!
المدينة كلها الآن ... تقبع في ورق التقويم السنوي !
يوماً بعد يوم ينزع الجنود الغرباء ورقةً منه !
يوماً بعد يوم .. تلقى ورقةً في سلة المهملات .. ويسقط منزل !
تغيب عائلة وضحكات أطفال تمجُّ صداها في الأثير !!.
أراجيح خاوية مقاعدها وحبالها من قبضات الأطفال السعداء !
زهورٌ تنتظر أصابع العاشق المتمرّس كي يهديها للفتاة ذات الشفتين العنابيتين !
بائع الجرائد الصباحي يقرأ خبرَ مقتله في الصفحة الأولى !
الساعة الواحدة ظهراً ... موعدُ انصراف صبايا المدارس المشاغبات ... تأخّر !
الجارةُ التي ترش الماء أمام منزلها كل صباح وتلقي السلام على العابرين ....
اليوم تماماً عند المغيب .. رشّوا ماء الوداع على تراب قبرها
وانسحبوا متبعثرين .. تاركين خلفهم اسماً منقوشاً على شاهدة القبر وجملة:
( هنا ترقد الابتسامات )!!
الشبان الذين كانوا يتسابقون إلى الأحلام ...يغفون على كراسي المطارات وعند الأسلاك الشائكة أمام حدود الوطن ... !
ينتظرون ختماً صغيراً .. جدّ صغير على أسمائهم
لا يُكلّف غير تثاؤبتين .... ودمغة !
أمّا الفتاة الجميلة ذات الأقراط الدائرية الملوّنة ... لم ترحل بعد ...!
مازالت تقفُ في آخر القرية وفي كفّها رسالة فارغة ..
رسالة لم تكتب فيها شيئاً ما ... غير أنّها تريد أن تصل إلى حبيبها .. فارغة !؟
فحبّهما كان أبيض ... أبيض كالورقة النظيفة من الحروف والأشواق والدموع !
وهو ...... مازال يشدّ حزام بنطاله في بلدٍ غريب كعينيهِ !
ويسأل القادمين من الحرب والمدن اليباب،
عن فتاةٍ تجدّلُ شعرها الأصهبَ بأصابعها الغضّة .. وتحمل بكفّها رسالةً سوف يكتبها لها
عندما ترميه الأوطان الغريبة على ضفّة نهرٍ ما أو شارعٍ عام ....
ليس بالضبط يشبه وطنه ..!
لكن ثمة هناك في آخره... فتاة تجلسُ على كرسي وحيدة
تقرأ كتاباً عن النار والزهور
ولاتنظر إلى الساعة !!.
08-أيار-2021
15-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
06-آذار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |