حوار مع العلامة الشيخ هاني الفحص/ أجرى الحوار في القاهرة
سحبان السواح
خاص ألف
2014-09-20
2012-10-20
تقديم:
إن الرؤية التي يقدمها الشيخ هاني فحص المتعلقة في الجوانب السياسية والأخلاقية ــ الحزبية ــ في وطننا العربي وخاصة ً على الصعيد القريب من رجالات الدين المتحزبين المنتمين إلى حركة ما أو حزب ما في الوطن العربي هي رؤية " قدوة " كم يحتاج إليها معظم ـ الدينيين ـ السياسيين الذين يعملون من وراء الدين على مصالح تخدم دولاً وأحزاباً تناهض حرية الفكر السياسي وتعمل على تطويع جوانب من الفكر الديني بما يخدم سياساتهم المعروفة، إذ يخرجون علينا باسم الدين أو مقاومة العدو وتحرير الأراضي والعقول من الاستعمار وأفكاره ومن تلويث التاريخ العربي والإسلامي، وهم أبعد كل البعد عن المسميات النقية التي لوّثوها بتغير مسارهم الصحيح إلى مسار آخر جعل من شعبيتهم شعبية فارغة لا يؤيدها سوى من لم يفق إلى الآن من حقنة الشعارات المخدرة والتصريحات الطنانة بداعي المقاومة والحرية . ولا يقتصر الأمر على هؤلاء ( المتدينين ) بل هناك شرائح كبيرة مخدوعة من العموم في العالم العربي والإسلامي.
وفي العودة لماضي وتاريخ المقاومة القريب نجد أن هناك مصالحَ فردية بين المنتمين لها لكنها لا تطغى على المصلحة العامة والهدف الرئيس الذي شكّلت من أجله المقاومة وهو الخلاص من الاستعمار أو الاستبداد الداخلي بشكل ــ معارضة ــ مقاومة تنطوي على أسس واحدة وشعار موحّد لا حيد عنه .
أليس من المخجل أن نجد دولاً تتغطى بغطاء المقاومة وتعمل بمصلحة الفرد الواحد .. والهباء للجميع داخل الدولة وخارجها ممن يعولون عليها وعلى شعاراتها الإسلامية أو المقاومة أو الممانعة المقاومة صاحبة شعار ( أمة عربية واحدة وغيرها) .
نرى هذه الدول تقصي أصحاب المشاريع الوطنية والمقاومة الحقيقية إما بتفريغهم من هذا الفكر الحسّ الوطني بأساليب ــ الثعالب ــ أو تهملهم وتضعهم خارج الساحة السياسية من خلال تبني أشخاصاً آخرين لهم ذات الميل والمصلحة ذاتها. وهناك شواهد كثيرة في وطننا العربي ومنها الشيخ هاني الفحص الذي عاش تلك التجربة بكل تفاصيلها مع تلك الدول والأحزاب والحركات المقاومة ( بظنهم ).
إذن .. تترك هذه الدول أذرعها ولاعبيها في الساحة السياسية يتحركون ضمن إرادتها وتوجيهاتها لتلبية مشاريعها ورغباتها السياسية ومنها الانتخابات التي دخل مضمارها الكثيرون من رجالات الدين والسياسة وهم غير مؤهلين لها وكسبوا نتائجها المضمونة بدعم أسيادهم وبعض المتواطئين داخل العراك السياسي في ذات الدولة.
هي تداعيات هذا اللقاء اللممتع الذي أجرته ألف أثناء انعقاد المؤتمر التشاوري الأول للمثقفين والكتاب والعلماء في القاهرة وفي ما يلي اللقاء
***
* أود بداية أن تحدثني عن علاقتكم بحزب الله وأين افترقتم عنه ومتى..؟
** افترقت مبكراً عنهم، وكنت أحد الممهدين للتأسيس عندما جرى الاجتياح الإسرائيلي.. كنت عندها في مؤتمر في طهران، وتحدثنا عن ضرورة أن يكون هناك مقاومة،وتحدثنا مع الإيرانيين على أساس المقاومة، وشكلنا مايسمى "بهيئة العلماء المسلمين"، وأنا كتبت وثيقتي الأولى، والتقينا على أساس المقاومة في اللقاء الأول مع الإيرانيين وعن آلية عمل المقاومة، وأن عليهم دعمنا. في اللقاء الثاني لم يدعوني، فقد فهم الإيرانيون بأننا لانريد إقامة حزب، أو المشاركة في أي عمل حزبي وأننا نريد أن نعمل فقط بالمقاومة ومن ثم لاحقاً نتجه للعمل الحزبي.
على مايبدو أن الإيرانيين كانوا يفكرون بالحزب، ويبدو أن الأخوان الموجودين وكان قسم منهم في في حركة أمل ومختلف معها، وجميعم كانوا في الاتحاد اللبناني للطلبة المسلمين ومختلف معهم، وقسم منهم من قسم الدعوة. يعني شيعيـّي حزب الدعوة..
كنانعيش معاً، وكان بعضهم في إطار المقاومة الفلسطينية وغلب هذا الاتجاه، ولذلك لم ندعَ للقاء الثاني.فهمت بعد ذلك توجّه الإيرانيين، وعرفت أسبابهم في عدم دعوتي للقاء الثاني، فهم يريدون إسلاميين وليس مسلمين، ولا منفتحين، أشخاصاً بلاتجارب كي يكونوا أكثر طاعة. لذلك ركزوا في البداية على البقاع أكثر من الجنوب؛ وافقوا على سيناريولاحتضان المقاومة،على الرغم من أن المقاومة قد بدأت دون أن يحركها أحد. وبدؤوا باحتضان المتدينين داخل المقاومة، وخارجين من حركة أمل وبعضهم كان قريباً من حركة فتح، وتم التأسيس ميدانياً وتبنّوا المقاومة، وفي هذه اللحظة تحديداً أنا لم أنقطع عن المقاومة، فكنت داعماً لهم، أسافر إلى تونس وألتقي " بأبو عمار" وأجمع لهم التبرعات ولدي فواتير ووصولات بذلك حتى هذه اللحظة، وكنت أساهم بتأمين السلاح لهم وجمعت لهم أموالاً من الشيخ "المنتظري".
علاقتي بهم كانت بهذه الطريقة، لم أكن ضدهم ولم أكن معهم، وأبحّتُ لنفسي نقدَ مواقفهم، وكنت في إيران وقت الاجتياح ولم استطع العودة لأني وضعي كان صعباً في الجنوب وبقيت ثلاث سنوات في طهران، وأبحت لنفسي أن أعلن موقفي بانتقادهم، وصرت أنتقدهم بشدة بسبب معركتهم مع الجيش اللبناني ومقتل أحد الضباط،وكنت متحفّظاً لفكرة الحزب، مؤيداً لفكرة المقاومة، وقد جاءني الشيخ "راغب حرب" قبل استشهاده بأشهر، حزين لأنه ضد العمل الحزبي وكان أحد الأشخاص الداعمين والمحتضنين للمقاومة في الجنوب وكان حزيناً جداً ويتساءل طالباً مني تفسير مايحدث وذلك بسبب حساسيتنا من فكرة الحزب وضدها، قد لانكون محقين في ذلك ولكن حساسيتنا تحترم.
عدت بعدها للجنوب في عام 1985...عدت متوازناً بينهم وبين حركة أمل وقدبدأت التناقضات بينهم تظهر في فترة مبكرة، بدأت التناقضات بينهم وبين حركة أمل فلم يكن لديهم أمين عام ولم نكن نعرف آنذاك مامعنى الهيكيلية التنظيمية.
*سحبان: من كان الأمين العام في حينها؟
*فحص:كان السيد "ابراهيم أمين السيد "وهو الآن رئيسالمكتب السياسي وكان نائباً وكان مديراً لحركة أمل في طهران، وكان يتصرف وكأنه الأمين العام .
*سحبان:وهذا يبدو وكأنه تفويض من إيران؟
*فحص: طبعاً.. إيران كانت تكتب أسماءأعضاء مجلس الشورى الذين سينتخبون وفي بعض الأحيان من سيترشح ضد اللائحة، وكان الأشخاص الذين يترشحون ضد اللائحة يعاقبون في بعض الأحيان وفي أحيان أخرى تتم معاتبتهم، وبرأي أن ذلك سالباً وموجباً في آن ذاته ..
هذا في إطار الايجابيات والسلبيات في نفس الوقت ..
عدت إلى لبنان في عام 1985متوازن بين حزب الله وحركة أمل، ورأيت أنهم ذاهبين باتجاه الفتنة، حاولت إيقافها أو منعها، ولكني فشلت في ذلك، وكنت قد لاحظت الخلاف بينهم..
ولكن في فترة 1985 الى 1987 وحتى 1988 كنا نذهب للقاء معهم، وكنت أحد مُثقفي الحزب وكنت نصيراً حقيقاً للمقاومة، وكنا نلتقي بقواعد التدريب،التدريب الحقيقي، وكنت في اختلاف يومي مع حركة أمل، وعندما حصلت الفتنة بين حركةأمل، وحزب الله ..توازنت، وكان الحزب مستاءً مني بعض الشيء، فيما كان بعض الأشخاص من حركة أمل لم يقبل بموقفي هذا، ولكني كنت متوازناً بينهما، وبشكل أو بآخر كان هناك ثمن لهذا التوازن،
إلى أن صار اتفاق 1992 وعلى أساسه تمت الانتخابات، وصار اتفاق الطائف لتأخذالمؤسسات اللبنانية مكانها وطلبوا مني الترشح وترشحت، فقد أغراني بعض الأصدقاء في ذلك . وكانوا راضيين الطرفين إلى أن جاءتهم توجيهات من سوريا فانقلبوا ضدي بشكل عنيف وشرس، إلاأنني احتفظت بعلاقتي بالمقاومة.. فهناك مفهومي الخاص للمقاومة ولا أستطيع التخلص منه، ومع ذلك لي شروطي على المقاومة، وكنت حريصاً على علاقتي بمقاتلي المقاومة وأثناء الفتنة بين حزب الله وحركة أمل، جاءني عدد من الأشخاص في كوادرالمقاومة، وقالوا لي أنهم لايريدون الدخول في الفتنة ولايريدون القتال مع أحد،واستأجرت لهم بيتاً في بيروت وقمت على خدمتهم، عندي وبيتي أيضاًفي القرية كان مفتوحاً لبعض المقاومين كي يتجنبوا مايحصل من مشاكل في المقاومة.
ولكن بعد 1992 ذهبت لموضوع آخر، فقد انتهينا من الحرب ويجب أن نذهب للمصالحة نحن نريد السلم ضد الحرب، بدأنا نعمل مصالحة على أساس أن الحرب قد انتهت وسنبدأ بالسلم والمصالحة وشكلنا مايعرف بالمؤتمر الدائم للحوار اللبناني، وعملنا على الحوار العام، الحوار المسيحي الاسلامي، ووصلنا لمستوى أنه على المسلم أن يقدم رؤية للإشكالية المسيحية في لبنان دون تحفظ عليه هذا العمل بلورنا أكثر، ضمن هذا التصور لم يستطع حزب الله وحركة أمل من معاداتنا، وتم بذلك تكريس ابتعادي العملي عن حزب الله أكثر من ابتعادي عن حركة أمل إلى أن وصلنا إلى الخلاف مع حركة أمل. مع الحزب صارت المسافة أوسع. وتحولت إلى ناقد . تموز محب ناقد، استخدم المودة في النقد وأستخدم النقد في المودة، وجميع مُسلّمات حزب الله لي رأي فيها وأكتبها بصراحة بما فيها رأي في حرب 2006.. وفي الحروب التي حصلت قبلاً .. حرب 1993 -- 996 . كنت منخرطاً بها..
انخرطت في 1986 عندما هوجم الجنوب باجتياح جزئي في شهر شباط وكان بيتي مركزاً وموقعا للمقاومة، وُبعد المقاومة يأخذني ويسيطر علي..
بعد عام 2000 أصبح هناك معادلة أخرى، صرت مشغولاً كيف نوظف ونحول المقاومة سياسياً، بمعنى أن نحولها إلى رافعة لمشروع الدولة اللبنانية، وكيف يجب أنيتحول هذا التحرير إلى رصيد نثمره نسيًله ونوظفه فإذا تركناه سينهار ويتآكل..
مبكراً وقفت ضد تعبير سحب سلاح حزب الله، فهذا أمر"معيب والله"، إلا أن السلاح يحتاج إلى حل، يحتاج إلى توطين يحتاج إلى حصر غايته، حصرغايته في الحرب ضد إسرائيل فقط، وأن لايستخدم في الداخل، كي لايستخدم في تقوية النفوذ السياسي ولايحول إلى هذا الاتجاه...
وبدخول حزب الله في مجلس النواب كنا سعيدين جداً، فقد كان ذلك يضمن لنا أن حزب الله إذابقي في ابتعاده عن الإدارة وعن الوزارة وعن التفاصيل . إلخ ...وهذا لم يحصل، وعاد الحزب للانغماس..
وحصلت حرب 2000..يومها لم نستوعب مبرراتها ورأينا أن فيها شيء من المغامرة، وقدمنا انتقاداتنا وقلنا أن هناك انتصاراً " ما" ولكن يجب أن لاتتم المبالغة به ولايُحط من شأنه أيضاً.. وهذا يدعو أيضاً لفكرة تعزيز الاندماج في الدولة، وتقويتها، إلا أن ذلك لم يحصل، ولم تستثمر حرب 2005و 2006 بما في ذلك "الخروج السوري من لبنان الذي لم يستثمر" بشكل جيد لامن المعارضة ولا من حزب الله ولا من حركة أمل وحصل نوع من التحالف الانتخابي الذي ميَّع الكثير من المواقف والأمور، وقام نوع من الزبائنية السياسية فيما بينهم إلى أن انتهت الأمور إلى الوضع الحالي ..
ماأريد قوله أنني وقبل الاجتياح التقيت بالسيد حسن نصر الله في بيته مرتين،واستقبلني حينها استقبال جيد، وعَين لي حينها ضابط ارتباط بيني وبينه، وقال لي وقتها، أنني يجب أن أكون أكثر الناس رضا علينا لأنك مثلنا تعمل على "حلم فلسطين"ونحن نعمل على تحريرها، واستمرت الجلسات بيني وبينه وطالت، فقد أتاني من وجعي، في الحلم من أجل تحرير فلسطين، حينها ركزت على المقاومة في حزب الله وقلت له أن لديكم حزباً وهناك مقاومة ولديكم عقلاً والحمد لله، إلا أن العقل وحده لا يكفي، ويجب أن يتسع خطابكم ويكون عقلكم ويجب أن يكون فعلكم مدروساً... وقلت له انظر إلى الناس بعد حرب 2006 عندما كان خطابكم مدروساً كيف أن الناس معكم، يجب أن تشاركوا الناس في عقولها على المستوى الوطني، التقوا بالناس وخاطبوهم، فالناس معكم، ويجب أن تشاركوهم حتى على أعلى المستويات الشيعية. فهناك بعض الأشخاص يبدوون وكأنهم أعداء لكم وهم ليسوا كذلك، تقديري ومعرفتي بهم بأنهم ليسوا أعداء لكم، وجه لهم دعوة وتناقش معهم وضع أجندة، وحاول أن تقارب بين وجهة نظرك ووجهة نظرهم يقولون ماعندهم وتقول لهم ماعندك... عندها ستكتشف أن مسافة التقارب أوسع من مسافة الاختلاف..
قال لي عندها..اتصل أنت بهم وحاول أن تعرف مطالبهم واحتياجاتهم واعرف لنا من هم وأسماءهم وعناوينهم، حينها أجبته بأني لست سمساراً سياسياً، عليك أنت بالذهاب إليهم،
"نسيت أن أخبرك أنه وأثناء الفتنة بين حزب الله وحركة أمل، حاولت بمشاركة الكثيرين من الإخوان وبعدة مبادرات من أجل وقف الحرب، انكشف بعدها أن السوريين يريدون استمرار الفتنة ويرغبون بإضعاف الطرفين كي يتمكنوا من السيطرة عليهم أكثر فأكثر، وهذا ماحصل"
بعد فترة، تحول ضابط الارتباط بيني وبين السيد حسن مبشراً، يملي على حركاتي وسكناتي وماذا علي أن أفعل وأن لاأفعل. وكيف أفكر...بعدها تحدثت إليهم وقلت لهم أنني لاأريد هذا الشخص، تريدون مني شيئاً اطلبوه مني مباشرة ولكنهم لم يطلبوا مني شيئاً، ولكن في حقيقة الأمر أنا ألبّي لهم طلبات لم يطلبوها، أحافظ عليهم، ولكني لاأنافق لهم لها، ولكن لايوجد بيني وبينهم إلا كل خير، فعلاقتي معهم محيرة قليلاً...وهذا أمر أرتاح له قليلاً..
* سحبان:لايستطيعون أن يأخذوا منك موقفاً محدداً؟
* فحص:أكيد ..أنا حيرتهم قصداً، تكويني وعلاقتي بهم محيَرة، وأنا حائر، أيضاً فأنا لا مطلقات لدي ولا تعميمات ..
* سحبان:أأنت بمفردك..بمعنى أنه لاحزب لديك؟ لاتجمع من حولك؟؟
* فحص:كُـثر من ألحوا علي في إنشاء حزب ولكني ضد الحزبية .
* سحبان:ولكن الآن هناك حزب مسيطر...
* فحص:هناك الكثير من المجموعات أشكل لهم " مرجعية" وتتعامل معي بشكل دائم، وقلت لهم أنا مرجعية الجميع، فأنا يهمني تقصير المسافات، أحترم وأؤمن بالتعددية ولا أنحاز لأحد.وهنالك البعض من يعتبرني أنطق باسمها، فأنا في خدمة الجميع، لاحزب لدي ولكني أمثل نفسي فقط..
* سحبان:في حال وجود حزب الله القوي والمسيطر على الساحة اللبنانية سياسياً بشكل من الأشكال ويعمل بإرشاد السوريين، فنحن نرى أن حزب الله إذا لم يكن راضياً عن الكثير من الأمور تنتهي؟ ..
*فحص:مثل شويعني؟؟رئاسة الوزارة، حزب الله يمثل إرادة دمشق، حتى لو كانت مصالحه تتعارض مع مصالحها، فهو يمثل إرادتها ..
* سحبان:ماهو موقفك من تدخل حزب الله في سوريا؟
* فحص:سلبيتي من بديهياتي، برأي أن حزب الله يجب أن يعمل على حفظ المقاومة وبأي ثمن، هذا التدخل لايحفظ المقاومة، هذا يلوث المقاومة بتراث الظلم والاستبداد السوري البعثي وأكثر من ذلك.هو مع سوريا لأنها ممانعة..؟؟!!.ولو أن المقاومة ارتكبت مايرتكبه النظام لأسقطتها، فكيف بالممانعة..؟؟ هذا المفهوم الرخو، الضبابي، الملتبس، الممانعة قادرة أن تكون مقاومة ولم تكن!!! خربت المقاومة، ماذا يفعلون الآن، برأي أن حزب الله وجميعنا يجب أن نكون في خدمة المقاومة، ولكن المقاومة ليست بالمطلق، المقاومة أيضا لها شروطها، يجب أن يكون حزب الله في خدمة المقاومة، المقاومة يجب أن تكون وطنية يجب أن تكون في عقل البناء الوطني. وفي بعض الأحيان المقاومة يجب أن تكون في عقل المقاومة، أهلنا في الجنوب مش حزب الله فقط، كل الموارنة والسنة والدروز كانوا في المقاومة، المقاومة ليست حزب الله فقط، يجب أن نكون نحن وحزب الله إحدى الطرق للوصول إلى المقاومة، مايجري الآن أن المقاومة في خدمة حزب الله وليس العكس، وعلى حسابنا وعلى حساب الحزب والمقاومة.
* سحبان: برأي أن حزب الله جاء لينهي المقاومة وبناء عليه قام بحربه ضد اسرائيل..؟؟
* فحص: أنا لاأقول ذلك، أنا لاأؤمن بأن التاريخ نوايا، أؤمن بأن التاريخ وقائع، ماحصل هو خطأ استخدام المقاومةالتي هي قاعدة الحرية في دعم الاستبداد، المقاومة يجب أن تكون إصلاحاً، ووحدة، إلا أنه يستخدمها في دعم التفرقة، في اتجاه اللاعدالة.
* سحبان:هل نستطيع تحميل الشيعة مسؤولية ذلك؟؟!!
* فحص: أريد تحميل حزب الله مسؤولية هذا الموقف. وأن لانعممه، فليس هناك طائفة تلتقي على هدف. واحد .ولا حتى على مرحليات، هناك تعدد شيعي وتعدد سني .وفي فترة ما سبقت كنا متهمين بانحيازنا للمقاومة الفلسطينية، أصبحنا فلسطينيين,هناك تعدد شيعي وتعدد سني,وكان يؤخذ ذلك علينا من بعض الدول العربية وكانوا يسألوننا إلى أين أنتم ذاهبون..؟؟لاأحد يرى المشهد وكأنه مقطوعاً عن تاريخه، يجب علينا أن لانرى المشهد من جانب ونعممه،
أنا لاأتساهل في الخطأ؟؟
* سحبان: ألا تظن أنه آن الآوان للشيعة أن تقوم بثورة وأن تتخذ موقفاً تجاه الطغمة الحاكمة في إيران ؟؟؟*فحص:أنا بطبعي مهذب
مع التاريخ حتى مع إسرائيل ولاأستعمل مفردة الطغمة... فأنا لاأسب ولا أشتم .. وأنا ضد السلطة في إيران وأستبعد أن أتعاون معها إلا إذا أرادت خيراً، وفي لقاء لي مع مسؤول إيراني : من قال لكم أنني منكم.من قال لكم أنني معكم، أنا مختلف عنكم كثيراً. أنا ضد الدولة الدينية وأنتم لادولة دينية عندكم، وأنا ضد ولاية الفقيه، أنا بمكاني كخصم مختلف أهم لكم من أصدقائكم الزيائنين، أنا لست من أصدقائكم، كنا يومها نجري حواراً في لبنان مع سمير جعجع ووليد جنبلاط وفلان وفلان ...كان عليهم أن يبنوا دولة، ولكنهذا لايعني أنه لايوجد مشروع إيراني للدولة...في العقل الإيراني هناك مشروع دولة، لايخاف عليه ..
* سحبان:كان هناك مشروع خاتمي لبناء الدولة....؟
* فحص:طبعا..وجميع الناس تعرف، علاقتيبالإصلاحيينعلاقة وثيقة وعضوية ولدي كتابي سجل ماحصل، وبرأي أن كان هناك خاتمي وأنا أحبه كثيراً وهو صديقي، ولكنهم لم يسمحوا له ببناء دولة. في إيران لاوجود لدولة دينية...خاتمي ومير حسن موسوي وكروب قرروا أنهم معبر وليسوا بمشروع، تركوا المشروع للأجيال الشابة لتعمل هي وحدها. وهذا أمر طبيعي، وقد قمعت حركة المعارضة في أيران بعنف وبقسوة ولكن علينا أن نرى الإيجابي في ذلك، هناك معارضة في إيران وتزيد و تسير بشكل عقلاني ولاتستعجل..
في إيران هناك الدين يستخدم في بناء السلطة، دولة تستخدم الدين، هناك نوع من البراغماتية لاتعجبني في الإسلام وفي التشيع، وبالأساس أن الدين لايبني الدولة، فهذا ليس من مهماته، فإذا بناها فذلك يعني أنه يخَرب نفسه ويخَرب الدولة، الدولة ليست من مهماتها أن تنتج ديناً، فكيف إذا كان المشروع ليس دينياً بل مشروعاً سلطوياً يتذرع بالدين، يجب أن نعود بالعمامة إلى مكانها الحقيقي، إلى العلم والروح، فقد خسرنا الكتاب والمحراب..
* سحبان:في تعاملك مع الأشخاص، هناك جانب مسيحي ..؟؟؟
* فحص:مساحة الروح واسعة بيني وبين الدين المسيحي، ولاأرى أن الآخر نقيضي أو عدوي ومختلف عني، أنا أرى كم أنني مولود في المختلف، أريد أن أقدم شراكة روحية ومعرفية، ورأي أن الخلاص فردي. فالجماعة لاتخلص، فنحن لانذهب إلى الجنة لأننا ( مسيحي أو مسلم )، نذهب إلى الجنة لأنناطيبون، معاير الله مختلفة، أدياننا متهمة بالإرهاب والعنف، نريد تخليصها من هذه التهمة ويجب أن نتفق على كيفية هذا التخليص، يجب أن نتفق أولاً ونخلصها بعد ذلك ونذهب إلى النص وليس العكس. هناك البعض يتوافق معنا والبعض الآخر لايتوافق، النص الديني حبيبي، ويجب أن يسمح لي بالتأويل، فبعض النصوص الأساسية في الأديان متوافقة وتقول بذلك، وبعض النصوص غير متفقة وفي نصوص أخرى هناك التباسات، وفي نصوص لاتسمح بالتأويل، أنا أيضاً ...نص، وأريد أ ن أعيش، وهذا الآخر شرط وجودي وشرط معرفي، ومفتوح على الجميع . مش فقط على المسيحي...حتى على اليهودي غير المتصهين، فإننا نقول له يامرحبا..
ــ انتهى الحوار ــ