فريدة إلى الآن
خاص ألف
2014-11-09
مؤذّنُ الصمت. نعم يا فريد, كي لا تسوّلَ لكَ عينُك أنك تقرأ مني رسالة الآن, أو أن ما حطّ ببريدك هو فرط شوق.
بينما كنتُ منشغلة بالأمس, تسللتْ أصابعي وبهدوء تام, بشوق تام ..لا يشبهني, اتفقت على موعد أبيض على الورق مع عينك المنهمكة في قراءتي من قبل الكتابة , ولم أنتبه لمؤامرتهم, فقد كنتُ منشغلة بك..!
هل تعرف يا فريد أن الملائكة الذين يدوّنون السيئات غيرُ شغوفين بتدوين المزيد منها, بل ويتمنون لو أن عدل العبدُ عن سيئاته فأسقطوا كتاباتهم ! .. هذه أنا يا فريد, لا أشعر بشغف الكتابة لك, أو الاهتمام بتصفّح وجهك عبر رسائلك, وكتابتي لك الآن, هي محض خيانة من إصبع شغوف وورق لهوف, ومن قلب شارد بين فراغات رسائلك, ما زال يبحث عن كم فراغ تركت ! ولم هذا الفراغ تحديدًا ,, هل هو طور كلمة لم تخلق بفمك؟ هل هو تنهيدة ما سطّرتها فتبخّر النفَس؟
هل هو تجويف بصدرك بعدما خلعت قلبك عليّ؟ هل هو مصيدة لجواب شفهيّ مني, إثر قراءة عبارة مزلزلة في زاجلك؟ هل هو ...هل هو ... ؟ هل أدركتَ الآن كم أنا منشغلة بك, حتى أصبحتُ بيسرٍ فريسة قلبي الذي ترك أيضًا تجويفا بصدري يحسن أن يكون مقبرة ورقية لرسائلك ؟ كم كنتُ ضحية ورقي الأبيض وإصبعي وحلمك ..!!
حمّلوا خطّي أوزار الكتابة, وسيئات اللهف في التدوين, ولكني ما زلتُ الملائكية في مراسلتك, أستدعي حسنات صمتي كي أغلق الكتاب. هل عرفتَ أيضًا كيف كان كلامي مؤذن الصمت, وتلبية السكون ؟؟!
فريد, صديقي أيها الرحّالة, تجرّعتُ رسائلك الهاطلة, واتبعتُ خطواتك القاحلة.. فكنتَ شيخًا في جوْبك مدنَ الظلام والضوء وزياراتك لشخوص الحياة وأبطال الموت, وحكيمًا في طَرق أبوابي في خشوع, كنتَ -كما دومًا- تخاف أن يزعجني كثرة طرقك, وكثير اقتحامك لي أوقاتي, وإقحام صوتك لصمتي.. وكنتُ أرى في ذلك تأدبّك, وأقرأ من ذلك رجاحتك, لكن الرهافة يا صديق..... الرهافة يا فريد ؟ وكأنك ما عبئت يومًا بقلبي المدينة, كأنك ما زرتني باحثا عن معابدي المقيمة, ولا دققت بأثري في أشيائي الصغيرة, كأنك ما درستَ الطيران في خطة إليّ, أو أوصيتَ الهدهد بأن يتريث قليلا فيراقبني بعد أن يلقيَ إليّ بيوميّة منك,, كنتَ تأتيني بلا ثقاب, وتشعل مصباحك المكتبيّ لمدة لا تتجاوز قتل البياض في صفحة, ثمّ ترحل بعد أن تلقي خيام الحبر فوق مدينتي, ولا تشعلني بكلمة أنتظرها ..!!
هل توقعتَ أن ........؟
بلى, أصاب حدسك, حسبتكَ لا تعبأ, اشترتُ حاسبًا جديدًا, بعد أن أخبرتني أنك اقتنيتَ واحدًا جديدًا أيضًا, لم يقدْني عقلي إلا بهذه الطريقة الساذجة.. لأن أباريكَ في الحب .. لكن المباراة بيننا تبقى بلا حكم, سوى الخفاء والعلن,
الخفاء الذي يزيدني ملائكية,, والعلن الذي يثقلك بريشك عن الطيران !
"
تُعلّمني يا فريد بفتراتك الراهبة بين الرسالة والرسالة, بأن النوم في شعائرك هبة الفواصل الكلامية, وتجعلني أتوقع عمرك لا نسبة لعمر الرسالة, بل قياسًا إلى مدة صمتك بعدها..
أ متوجع أنت يا فريد ؟ ولا تصمت رجاءً, أو تعاود النوم بشكل مضطّر, فلا يستفزز مدعيا مثلي أكثر من فتور ملتهبٍ مثلك..
هل تعرف يا فريد, أني نبشتُ فيك أنانية ما, أخشى أن أكون أنا من وهبها إياك بلا مبالاتي, أنانيتك كمنت في تقييدك لي في رسائلك, محدّدة بسطور وبرواز, مؤرخة بزمنك الذي ربما اختلف عن زمني في نفس اليوم.. زمن كتابتك وزمن قراءتي, معنونة لك بـ" فريدة " .. ربما في وقتٍ لم أعد فيه كذلك..!!
الأقفاص لا تليق بالأطيار يا عزيزي, إن كان قدرهم التحليق! نحن نجبرهم على سماعنا فننسيهم التغريد, نحن نخلق أقدارًا مصطنعة لأنفسنا لا نجدر بصياغتها.. هل تعرف أنك أشبه بابن فرناس في هذه الليلة..!
... وأنا أصرّ على لا مبالاتي!
" الكتابة انتظار حبيب قد لا يأتي ", هكذا قال أحد الأدباء..
فريد, أحدنا يجب أن يتشرنق كي يكتب الآخر ببراح, فلم يظهر قمرٌ وشمسٌ بسماء واحدة, كما أنّ حماسة المطر لا تشتدّ
إلا في ذروته.. والذروة انتصاف الأفعال, والمنتصف لا يحمل إلا مكانا واحدًا لقدم واحدة,,.....
هل أرحلُ الآن قبل أن أنزلق بخطكَ الماطر ؟!
~*~*~
برقية في رسالة :
فريد, هل فقدتُ إثارتي بعد أن كتبتُ لك؟!
فريدة
إلى الآن.....
......
08-أيار-2021
09-تشرين الثاني-2014 | |
01-تشرين الثاني-2014 | |
26-تشرين الأول-2014 | |
19-تشرين الأول-2014 | |
08-تشرين الأول-2014 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |