بائع اللبن الأسود
خاص ألف
2015-01-25
"عن ظهور فراس الضمان على شاشة الفضائية "السورية ودفاع عبد الله ونوس عنه"
.......................
مؤلم أن يحرق "البوعزيزي" جسده، ومهم، لكن هذا الألم المهم لا ينبغي أن يمنعنا عن التحليل لمعرفة أسباب هذه "الحادثة" الفردية، ليس من أجل تلافي تكرارها مع كثرٍ غيره، يحترقون بطرق أقل إيلاماً ربما، وأخف فجاجة ـ حسب تعريف كل منا للألم والفجاجة ـ إنما أيضاً كي نعرف أين نعيش، وكيف نزاول وجودنا أحياءً ذوي عقل.
كان لا بد من التريث في الرد على منطق عبد الله، لعدة أسباب، الأبرز منها ضرورة الفصل بين "القلب الحار والعقل البارد" للوصول إلى استنتاجات مفيدة، ذات دلالة واعتبارٍ، عامّين، يفيد منها جميع المطلعين على حادثة انتهاء علاقتي بفراس الضمان بعد ظهوره على الفضائية "السورية"، وهذا يحتاج زمناً، خلاله "نَعُدّ للعَشرة" ونُعِدُّ للعِشرة موقعا لا تؤثر فيه على عقلنا. ألسنا بشراً نختلف عن باقي الكائنات بعدّة السمو بعواطفنا وغرائزنا ؟
فشل منطق عبد الله، وخاب توازناً، حين صغّر الكبيرين (ظهور فراس على ما يسمى "فضائية سورية" وتعامله الفظ معي في محادثة فيسبوكية) وكبّر الصغير (نشري المحادثة التي اعتبرها خاصة.(
أما أدواته في تصغير الكبيرين فكانت:
ـ تهويل على القارئ، فـ "جحافل" التلفزيون تحاصر فراساً.
ـ المساواة بين الظهور (الحالي) لموكله "فراس" على تلك الفضائية شاعراً، وكتاباتي (السابقة) في جريدة "الإداري" باحثاً في علم الإدارة وممارستها.
فقال (ظهور فراس على محطة لا نحبّها ليست بجريمة .. كما أن كتابتك أخي حسان على صفحات الجرائد الرسمية قبل سنوات ليست بجريمة أيضا).
وكأن المعيار هنا هو حبنا لهذه المحطة من عدمه، لا دورها، وظيفتها (القلب الحار وما يريد!! ).
وكأن لا حدود جديدة، رسمتها، بنتها الثورة أولاً، والدم ثانياً، بين ظهور "حالي" بغض النظر عن نوعه ـ شاعراً أم باحثاً في الإدارة ـ وظهور "سابق".
اعتماد معيار "الحب" للقناة، وطمس الفارق بين زمني الظهور، غلطان منهجيان كبيران، لا يقبلهما العقل البارد.
ـ يتزعزع منطق عبد الله حين يبني موقفه ومقالته على افتراض أن فراساً "فوجئ" بجحاااافل التلفزيون ....الخ. فهو ذاته، يقر في مقالته ذاتها، أنه لم يذهب لحفل توقيع كتابه "لأسباب غير قاهرة" أي: ثمة سبب إرادي ـ لم يتوافر عند فراس ـ منع عبد الله من الذهاب. يحق للعقل البارد أن يتساءل هنا:
_ هل هذا السبب إعراضٌ من عبد الله ورفض ـ غير موجودين عند موكله ـ عما يمكن أن يلوث اسمه بشبهة استثمار سياسي _ إعلامي لوجوده في دمشق؟
لا ينهار منطقه، إلا حين يعتبر المحادثة التي نشرتُها "مساررة" ، يصير هنا نشر ما يعتبره هو سراً شأناً عاماً، بينما علنية ظهور فراس لا تستوجب أي موقف أو رد فعل، من جنسها: علنياً، وعاماً.
فالمحادثة لم تكن عن اسم حبيبة فراس الذي لا يجوز البوح به، وليست مشاعر أو مواقف خاصة ينبغي الحرص على عدم انتهاك خصوصيتها، المحادثة كانت موقفاً مستجداً من فراس، ومفاجئاً، كزيارة السادات للقدس عام 1977، فيها قال فراس: لا.. هذه المحطة الفضائية "السورية".
فيها قال: حسان أنت من تغير (!!!!) احذفني..باي.
بينما هو المتغير، المتغير الذي أوصد الباب أمام معالجةٍ في غرفة مغلقة لما لا يعالج في غرف مغلقة (الظهور العلني على الفضائية) يعتبر إقدامي عليها ـ المعالجة ـ تنازلاً عقلياً، ومراعاةً، واستجداءً قلبياً مفعماً بحرارة الصداقة، فماذا فعل فراس في تلك المحادثة؟ أعلن موقفاً تجاهي، تجاه لهفتي وحرصي على مقتضيات الصداقة، فيه من الصلف ما يشبه تعامل الآغا أو الوزير المتعجرف مع فلاح رث الثياب يطرق باب مكتبه.
سأذكر أمثلة:
نشر، وفضح اتفاقية سايكس _ بيكو كان شأناً عاماً.
نشر الرسائل المتبادلة بين ( غ .. غ) غسان كنفاني وغادة السمان كان شأناً عاماً.
النشر بهدف بيان الزيف والكذب لشخصية (عامة) شأن عام، هاك مثالاً فاقعاً: أغلبية الأمريكيين اعتبروا تسريب علاقة الإنسان "بل كلينتون" بالإنسانة "مونيكا لوينسكي" شأناً غير ذي بالٍ، فهذه علاقة "خاصة" لهما كل ومطلق الحرية في ممارستها، و إدانات الكشف في الغرب لهكذا علاقات "خاصة" ضئيلة، ليست كما عندنا. تغير تعاطي "الناخب" الأمريكي مع هذه "الحادثة" لكن متى؟
بعد أن نفى كلينتون صحة التسريبات، ثم انبرت مونيكا قائلة " لدي ثوبٌ، تحليل الـ ANA للسائل المنوي الموجود عليه يثبت كذب كلينتون".
الأمريكيون هنا، في هذه اللحظة، اهتموا بكذب شخصيتهم العامة الأولى، ومن كان محايداً أو معترضاً بداية الأمر إزاء التسريبات؛ غيّر موقفه، هنا، في هذه اللحظة، صار يطالب بالمزيد منها، لأن العقل البارد يملي عليه ذلك.
الشاعر، شخصيةٌ عامة، أيضاً بمقتضى برودة العقل
****
في مقالة قديمة لي، عنوانها "جميلة بو حيرد و وقاحة الكذب وفلسفة التزوير" ورد المقطع التالي:
ـ بابا، منذ فترةٍ كنت تناقش أمي بكتابٍ يتحدّث عن الكذب، أليس كذباً عدم ذكر الحقيقة؟
شكراً لابنتي، وذاكرتها، و استحضارها أفكار الدكتور محمد مهدي علام، في كتابه (فلسفة الكذب) الصادر عام /1933/ الذي عرض فيه لآراء علماء البلاغة في تعريف الخبر بأنّه: (ما احتمل الصدق و الكذب)، وبيّن أنّ ملخّص نظرتهم يرجع إلى الآراء التالية:
1ـ أن الصدق هو ما طابق الواقع، ولو خالف الاعتقاد
2ـ أن الصدق هو ما طابق الواقع و الاعتقاد.
3ـ أن الصدق هو ما طابق الاعتقاد، و لو خالف الواقع.
وفي أنواع الكذب، قسّمه الدكتور علام إلى تسعةٍ، هي (المبالغة في النقل وزخرفة القول، و الاقتصار على بعض الحقيقة، و النفاق، و الملق، وخلف الوعد، والتحفّظ و التعمية، و الافتخار و الادعاء، وأشنعها شهادة الزور، و الافتراء (..
فلسفة عبد الله، في مقالته، تتطابق في الكثير من نقاطها وجوهرها، جوهرها برمته، مع ما أوردته من تعريف للخبر، وتصنيف لأنواع الكذب، لكن الجذع، ما يجمع الأغصان كلها، هو الرهان البائس، غير البريء، الخبيث، على الخوف، خوف القارئ من (جحاااافل!!) للتلفزيون "السوري" وخوفه من تسريب محتمل لأسراره في محادثاته الخاصة.
أرى أن مأثرة ماركس في "بؤس الفلسفة" لا تنحصر في توجيهه ضرباتٍ ماحقة لـ "برودون"، فالمأثرة تتعدى الإنجاز المعرفي لتصل إلى اختياره عنوان الإنجاز، فكان "بؤس الفلسفة" رداً على "فلسفة البؤس"، فلسفة برودون، لا برودون شخصياً.
فلسفة البؤس هذه، هي التي تجعل من تسجيل نقاط فيسبوكية لايكية، محرضاً ومحركاً لقلم عبد الله، لإيهام العامة "أصحاب القلوب الحارة، الخائفين من الجحااافل وتسريب أسرار محادثاتهم الخاصة" بواقع مغاير للحقيقة. فلسفة البؤس هي ما يجعله يداعب خيالات "العلمانيين" و "الملحدين" بذكره للخمر المرتشف في معرض المقالة، ثم يستشهد بالنبي "محمد" في الفقرة الحكمية، الفقرة التي سدد بها طعنة لمنطقه حين قال أنني "خائن" ولكن بطريقة المتخابث المتحاذق: ليس أنا من يقول عنك يا حسان أنك خائن، المقدس، النبي يقول عمن يسرب محادثة خاصة على الفيسبوك أنه يخون الأمانة...( كذا ؟!! ).
فيحصد تأييد جميع الأطياف. المؤمنون بمحمد وغيرهم سيشترون لبنه. ثم يستنفر الرهط العائلي له ولموكله، وشِلّته، بل شلّتهما، غير منتبه ـ يااا لبؤسه ـ أن فراساً، موكله، يُكذّبه بإعجابات يضعها على كل تعليق يوافقه في ظهوره على تلك الفضائية، ويعتبره أمراً طبيعياً، وحقاً، بل ضرورياً. غير مدركٍ ربما لانقطاعه عن الفيسبوك بسبب وضع الكهرباء، أن موكله حولّ كتابه المحتفى به فضائياً في دمشق إلى رشوةٍ، حين قدم نسخةً منه مشفوعةً بإهداء (حار) وعاجل لشخص دافع عن حقه بالظهور على الفضائية التي يشاء... فيسارع المرتشي لنشر مكافأته وصورة (الإهداء!!!) على الفيسبوك.... فيما المسكين، عبد الله، يبني كل دفاعه عن موكله على أكذوبة (فوجئ بجحاااافل( .
مهم الإشارة هنا، أنني حتى اللحظة لم أخوّن فراس، بينما منطق عبد الله، صنفني خائناً..فتأمل يا عقل!
فلسفة البؤس هذه، هي التي تقوده إلى استنتاج "عظيم" التهتك، مفاده (علمتني التجربة .. أن الصامتين ضمن هذه الثورة العظيمة كانوا أكثر فاعلية ممن طفوا على سطحها).
هكذا، عليّ أن أكون (صامتاً) حيال ما فعله فراس، وإن لم أفعل ـ كما يقترح علي بعبارته (لو كنت مكانك يا حسان) ـ أُعتبر (فاجراً)... أيضاً حسب تعريف النبي محمد، المقدس.
طبيعيّ هذا الغلوّ في النعوت (من خائنٍ إلى فاجرٍ...) عند شاعرٍ تحول إلى تاجرٍ، أليست مهمته، هنا، إقناع المشترين ببضاعته، ترويجها؟
متوقعٌ لمن لم يتحرك قلمه منذ مدة طويلة إزاء أحداث عظيمة، ووقائع أليمة تخص سوريا وسلمية، ثم يتحرر من صمته ذاك لأجل "شخص" يحبه؛ أن يستنجد بما يملك من أدواتٍ، تصنف في نوعين: فلسفة البؤس، و"شطارة" بائع اللبن، تؤازر كل منهما الأخرى، تدليساً، وتسويقاً لمنتجٍ غير قابلٍ للاستهلاك الآدمي إلا في بلاد المجاعات للعقل، لبناً منتهي الصلاحية، أسود اللون، أصحاب العقل البارد يرون لونه بوضوح، لا تعمي أبصارهم مفاهيم للصداقة والواجب والخيانة والشعر أنتجت في سن المراهقة، وحقبة تكوين الشلل، حين كان يطغى القلب الحار على ما عداه، ثم يضيع ـ يا للحسرة ـ بنبضه وحرارته معاً، تنهشه ذئاب من التجار، بارعون في تسويغ ما لا يسوغ، وتبرير ما لا يبرر.
****
ضغطت زر الإنارة في غرفةٍ مظلمة، انظروا ما تَكشّف، لا تحتجوا على الضوء، أو تتذمروا من صوت "الفقسة" !!
النار التي يتحدث عنها منطق عبد الله، أحرقت فراساً، أحالته حطباً أسوداً ـ بلون لبنه ـ وهو الذي أشعلها بنفسه، لا أنا، فما نفع تشبيهها ( لولا اشتعال النار فيما جاورت .. ما كان يُعرفُ طيبُ عُرفِ العود)؟
عجباً لـ "شاعر" يعطي رمزيةً لاحتراق فراس، تُحوله ضحيةً، ويتجاهل، أو ربما لا يرى الرمزية الكامنة في صرخات ألمي أنني (حسان الألماني)..فيوظف تمزقي وشتاتي بما يُسوّق لبنه...الأسود.
حيث لا رمزية يُسبغ الرمزية لتجميل البشاعة، وحيث المجاز المعبر عن مأساتين (عامة وخاصة) يتغافل، ويصير محامياً أو قاضياً متمسكاً بحرفية النص، تاجراً ـ لا شاعراً ـ متشبثاً بسعر السلعة: اللبن الأسود.
انتبهوا !! الفضائية (السورية) تكذب حتى بالنشرة الجوية حسب زعم ممدوح عدوان، وصفحة فراس الشخصية على الفيسبوك تعلن أنه من مواليد 19 ـ سبتمبر ـ 1970.. وهذا غير صحيح، كنت معه في المدرسة منذ الصف السابع، هو من مواليد 1968.
حسان محمد محمود
08-أيار-2021
05-أيلول-2020 | |
23-أيار-2020 | |
04-نيسان-2020 | |
21-أيلول-2019 | |
هكذا تكلم أبو طشت ـ الجزء 5 كورنيش الشمس لدعم النقد الأجنبي. |
14-أيلول-2019 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |