أنتِ والحرب .. والشاعر ..!
خاص ألف
2015-03-22
دون شروطٍ عاد إليكِ وبلا مفاوضات ولا حتى قصيدة هجاءٍ ألقاها على قلبكِ ...!
عاد إليكِ كما يعود المسافرُ إلى بيتهِ بحنينٍ واسعٍ ومهجةٍ ترفرفُ وابتساماتٍ بحجم مرايا العالم.!
عاد إليكِ بشوقِ طفلٍ إلى اللعبِ مجدّداً في الحي بعد الغروب ..
حتى لو كان وحيداً.. بلا أترابٍ ولا توبيخ أمّه..
كما يعود الأوز العراقيُ من موسمِ هجرته الطويلة ..! عاد ..
بشوقٍ المفتاح الجديدِ للأقفال الجديدة ..!
بشوق عاشقةٍ تفتحُ الهدية الأولى بعد اللقاء الأول مع عاشقها الجديد ..!
عاد إليكِ .. فارغاً من الخيبات والانكسارات والشجارات مع التافهين .. وحتى من انزعاجهِ الصغير منكِ والكثير ..!
كل الجثث التي مرّت في قلبه وفي أحلامهِ، تركها على الرفوف وبعضها وضعها في الحديقة الخارجية لمنزلهِ كورودٍ ذبلت .. تنتظرُ المطرَ لتتمطّى ..!
وما تبقى من ذكرياتها ومن ملابسها وأحذيتها التي لم تسرقها الحربُ .. رتّبها في خزانته السرية، ووضع إلى جانبها مرآةً وزجاجةَ عطرٍ مكسورة وأغنيةً للنوم ..!
عاد ...
عاد إليكِ ناضجاً كثمرةٍ تكاد تسقط فوق العشبِ أو في يدِ عابرةٍ أو فنانٍ عابرٍ يشتهي رسمها ..!
عاد .. وها أنتِ تتسربلين الثلجَ وفي أصابعكِ خاتمان بحجرين ... واحدٌ بلونِ البنفسجِ وآخرُ كان مبهماً كاللحظات الأخيرة قبل أن تغادري المشهد ...!
تبتسمين بشهية حديقة مسائية للقاء عاشقين عاريين في ليلةٍ صامتة ..!
وتضحكين كطفلةٍ صفعت صديقتها وهربت تركضُ في الغيم ..!
أنتِ .. والحربُ مترادفتان ...!
كلاكما يقتلُ ... !!
ويدمّرُ .. ويُبعدِ الورودَ عن كفوف الظامئين .............. كلاكما؛
يسحقُ الأحلامَ والصحوَ ... كلاكما .. جميلتان ... !
تهدمان الخراب القديم وتبنيان وراءه خراباً أجملَ !
تجمعان أناساً غرباء ببعضهم في مدنٍ غريبة ..
يعشقون بسببكِ .. يسافرون إلى النهرِ والصباح ضاحكين وقد ضاع نسيانهم في ذاكرة المشهد ..
كلاكما ... تضعان الشروط .. والضحايا تنفّذ الأوامر ..!
كلاكما ... تجلسان عن بعد وتشاهدان القتال في الساحات والبيوت والشوارع والجبال والغابات والأحلام والأسرة الفارغة...!!
وكلاكما أيضاً ... تخسران وتربحان في آنٍ واحد!!.
أنتِ الحربُ ...
الحربُ أنتِ ... خرابكِ جميل يا مدمّرة ..
وخراب الشاعر أقساه أن ينكرَ القصيدة ويمزّق الأوراق الفارغة التي تنتظر حروفه ..!
خراب الشاعر لا يؤلم ولا يوجعُ ...
حتى وإن كتبَ جثثاً في الورقة ومدناً محطمة وسماءً موحلة وزهوراً تدهسها الأحذية السميكة .. أحذية الجنود الغرباء وحوافر القطعان وأظلاف البهائم .. ومخالب الوحوش ...!
خراب الشاعر .. خرابٌ جميلٌ لا يتعدّى قلبه والورقة ...!
وفي أعنفِ خرابٍ له ... أن يعاقبَ الوردة ويهملها على الشرفة دون أن يشمّها أو ينظر إليها ..!
خراب الشاعر .. خرابٌ يرتّبه الآخرون بتأويلاتهم ويصنعون منه قلائدَ للصدور العارية وللشعوب العارية ..!
............. أنتِ والحربُ ... والشاعر .. !
ثلاثة دروب... أنتما وجهان ... والشاعرُ قصيدةٌ قد بدأت الآن
سوف يكتبها .. ويرسلها لكما غداً
يرسلها معطّرةً بشوقه
كي تتقاسما الورودَ والرصاصَ والقبلاتِ والأنهارْ، واللمساتِ السريعةَ على النهود الرطبة الناضجة، والجثثَ والحنينَ والشرفاتِ المدمّرةَ وغمازات الأطفال، شهقات العاشقين في الفراش والحقول الشهية والأصابع المخاتلة..
وأيضاً الدموع والقبور .........والفاصلات والنقاط وإشارات التعجّب والاستفهام والبياض الشارد بين السطور داخل النص...... وعيونه التي قرأت القصيدة لآخر مرة ...!
وأجزم .. أجزمُ .. أنّكِ سوف تظفرين
بكل شيءٍ جميل..
إضافةً لثلاثِ رصاصاتٍ ... سوف تطلقينها على قلب الشاعر
حين يتأخرعن الحياة معكِ ...!
08-أيار-2021
15-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
03-نيسان-2021 | |
27-آذار-2021 | |
06-آذار-2021 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |