ألفهم، وألفنا وحده فعل الكتابة قادر على إعادة أروحنا المسروقة منا
سحبان السواح
2015-06-27
هو السكون يلفنا، يستوطن ذاكراتنا، يتبلد داخلنا، يحولنا إلى مستنقع راكد نافذ الرائحة. والألف تتحول إلى همزة على السطر، أو هي همزة تحت السطر.
ما الذي حدث؟ كيف استطعنا أن نحول الألف الشامخة إلى همزة على السطر؟ من يحمل المسؤولية؟ نحن أم هم ؟ من نحن ومن هم؟ وكيف يصلح سؤال كهذا ليلخص حالتنا الآن؟ وهنا. هل أصبحت الألف ألفين؟ ألفهم وألفنا؟ ألفنا منتصبة شامخة تعبر عما كنا عليه، وعما نريد أن نصبحه، أو أن لا نتخلى عنه. وتريدنا ألفهم غارقين في مستنقع السكون. هل نطلق على هذا القرن اسم قرن المستنقعات، إذا كان كذلك فما الاسم الذي نطلقه على القرن الماضي.
في القرن الماضي كانت السريالية والوجودية والتكعيبية، وكانت الروك أندرول، كانت الفوضى العارمة التي تتولد عن دواخلنا كبشر، أينما كنا، وكانت الحرب العالمية الأولى والثانية، وكانت عصبة الأمم فهيئة الأمم. وثورة الطلاب، ومطالبهم الفاتنة، والتشاتشا والتويست. وكانت الفوضى العارمة التي ولدت في دواخلنا كل شيء إلا الركود، إلا السكون، فالسكون موت. السكون مستنقع.
خمس سنوات انقضت منذ دخول القرن، والسكون يتراكم، والمستنقع يزداد ركودا ويزداد إنتانا، ويزداد رائحة كريهة، هو قرن راكد، قرن يموت قبل أن يولد، قرن نتن. خمس عشرة سنة انقضت أطلق موقعنا في بداية السنة السادسة، ليحرك الركود، أي حلم هذا، هل نحن قادرون على ذلك؟ هل نحن قادرون على إعادة ألق التجريد والتكعيبية والبنيوية والتفكيكية والنص المفتوح وقصيدة النثر؟ لا نريد استنساخ المدارس. نريد استنساخ الألق نفسه بأشكال نبتدعها نحن. هل نحن قادرون عن خلق شيء يشبهنا ولا يشبه السكون الذي نعيشه اليوم، السكون مستنقع، ركود وسخ، رائحة كريهة، وديدان؟
وحدنا لا نستطيع فعل شيء. وحدنا لا نستطيع أن نواجه نصوص السلطة المستبدة، وفن السلطة الحجري. وحدنا لا نقدر الوقوف في وجه خراب الإنسان من الداخل، ونحن مطلوب دمنا وروحنا ومطلوب ألمنا حتى الموت.
هو زمن الفاجعة، وفي زمن كهذا لا أحد قادر على فعل شيء بمفرده، ولكي لا نموت، لكي لا تشل أرواحنا، و يتبلد إحساسنا، لابد من فعل شيء، لابد من الاتحاد، من التمسك بأرواحنا، ببقية باقية منها، فبفقدان الروح نفقد كل شيء.
وحده فعل الكتابة، وحدها الموسيقى، ووحده الفن التشكيلي، قادر على إعادة تلك الروح فهل؟
ليست ألفنا التي سقطت في المستنقع، بل هي ألفهم. ليست ألفنا التي تتخلى عن همزتها وهي تغرق، فألفنا كالأم وهي تغرق ترفع ابنها عاليا كي لا يغرق هو أيضا.
هي دعوة للجميع المبدعين، دعوة فيها استغاثة، هلموا، هلموا.. فقد يغمرنا المستنقع جميعاً.
وهو سؤال أيضا هل استطاعت ألفنا أن تحرك بعض هذا الركود؟؟