من فضلك اقرأ ما يلي قبل أن تتبنى حيوانا أليفا / س. أشير سوند ترجمة:
صالح الرزوق
خاص ألف
2015-07-04
لأكون واضحا، رغبت باقتناء سمكة. ولكن اقترحت زوجتي اقتناء كلب، هجين من كولي- وروتفيلير. أطلقنا عليه اسم روجير. وكنا نعطف عليه. فهو تربية ملاجئ ويعرج. نعم، كانت توجد عبارات للتحذير، وإشارات كان يجب أن أنتبه لها فورا. كان الكلب يزمجر كلما اقتربت منه على مبعدة خمسة أقدام. ولكن زوجتي أكدت لي أنه سيتحسن مع مرور الوقت ويألفنا.
في إحدى الأمسيات عدت إلى البيت من العمل بوقت متأخر وشاهدت زوجتي تشرب زينفانديل أبيض وهي قرب الموقد في غرفة المعيشة وتقرأ قصائد والاس ستيفينز بصوت جهوري للكلب، الذي انبطح عند قدميها. حينما دخلت إلى الغرفة، زمجر روجير. سألت زوجتي من الطرف الثاني من الكنبة إذا كنت قادرا على الكلام معها في الممر، وهناك أخبرتها أن الوقت حان لنطلب من الكلب أن ينصرف.
قالت:" ولكن إلى أين سيذهب؟ ليس لديه مأوى".
قلت:" لا أهتم لذلك. فهو خطير. إنه يهدد سلامتنا".
" ألا تعتقد أنك تبالغ برأيك؟".
" كلا. لا أبالغ".
قالت بصوت ناعم كأنها تغرد: " كلا يا عزيزي" و ربتت على رأسي. ثم أضافت:" سيتحسن. فقط انتظر قليلا".
" لماذا تتكلمين معي بهذه الطريقة؟ و توقفي عن التربيت على رأسي".
في الأسبوع اللاحق حينما عدت من رحلة عمل، رأيت زوجتي وروجير نائمين في السرير، ومتعانقين تحت الغطاء الرقيق. والتلفزيون يعمل. وحينما حاولت استبعاد مخالب روجير عن الريموت كونترول لإطفاء الجهاز، قفز من السرير وطرحني على الأرض، وأنيابه تكاد أن تنغرس في رقبتي. أسرعت زوجتي لسحب روجير بعيدا وسألتني ماذا فعلت ليتصرف بهذا الشكل الغاضب.
" هل أنت تمزحين؟ تلقين اللوم علي؟ تقريبا هذا الكلب أوشك على قتلي!".
قالت:" يا عزيزي. عليك أن تتماسك. أنا سعيدة بعودتك إلى البيت وإلى حياتنا، و لكن لو بوسعك أن تذهب وتنام في الخزانة، سأكون ممتنة لك أنا وروجير".
" روجير وأنت؟ يا لطيف. أنت وهو أصبحتما شيئا واحدا الآن".
كان الكلب يذرع المكان بخطواته خلفها، ثم بدأ يزمجر ويشخر. ابتسمت زوجتي لي بحزن:" كن طيبا، واذهب للنوم في الخزانة. وغدا ستحصل على جائزتك".
" لا أريد جائزتك. وتوقفي عن الكلام معي بهذا الصوت السخيف. فأنا رجل ناضج!".
وفي الليلة التالية بعد العودة من العمل، شاهدت هديتين من أجلي على الطاولة. شعرت بالحنق. لربما أنا أبالغ.
وقلت:" يا إلهي. ما هي المناسبة".
وبعد عشاء من أضلاع اللحوم ابتلعتها بلا مضغ، لأنها كانت شهية المذاق، فتحت أول هدية.
قلت:" هل هذه قبة ياقة؟".
" طبعا كلا. فكر بها كأنشوطة. ولكنها موضة في هذه الأيام و يرتديها كل الرجال".
" أي نوع من الرجال؟".
" آه. لا داعي للحديث المكشوف. أقصد الذكور".
" ولكن لم أشاهد رجلا واحدا يرتدي مثلها. ليس ممن أعرف على الأقل". كان للربطة جزء معدني بشكل قلب له لون نبيذي، وعليه اسمي ورقمي، بعد أن تأملتها قلت:" شكرا على أية حال. أقدر لك هذه البادرة".
" كرامة لله. هلا جربتها أمامي".
" ولكن ألا يجب أن يرتدي روجير واحدة مثلها؟".
"لماذا؟".
" لأن هذا شيء واضح. أليس الكلب هنا هو روجير؟".
وفتحت العلبة الثانية، وسحبت منها سلة صغيرة من الشبك مثبتة بسيور جلدية. قلت:" وما هذا؟".
" إنها كمامة".
" وما الهدف منها".
قالت:" حسنا. الغاية منها منع من يضعها من العض. واعتقدت ربما يناسبك.....".
وهنا نبح روجير مرتين.
قالت شيرلي للكلب:" نعم وآسفة" ثم التفتت نحوي وقالت:" أنا وروجير سنكون ممتنين لك لو ارتديت هذه كلما كنت في البيت بحضورنا".
" ولكن لماذا؟".
قالت:" بصراحة بسبب حماقاتك وغضبك الدائم. لديك انفعالات عصبية حقا، ونحن نخشى على سلامتنا".
ضربت الطاولة بقبضتي وقلت:" ولكنني لا أعاني من نوبات عصبية".
قالت شيرلي:" انظر لنفسك الآن. يمكنك أن تضع الكمامة حول فمك كلما انتابك الغضب كما تشعر الآن".
وفي صباح أحد الأيام تأخرت في البيت ولكن أديت عملي فيه، وسمعت زوجتي تتكلم على الهاتف مع موظفي الملجأ. وكانت تتكلم عن إلغاء التبني، وشعرت فورا بالسعادة تنفذ إلى أعماقي.
حينما انتهت من المكالمة، كنت على وشك أن أخبرها بسعادتي الغامرة لأنها أخيرا ترى الأشياء كما هي فعلا، ولكن شتت انتباهي ظل بني على واحد من القبقابين. تبادر لذهني: إنها الشوكولا. وانحنيت لأتأكد، و مع أن حواسي المرهفة حيال الروائح في هذه الأيام سمحت لي بالاعتقاد أنه وحل جاف، لحسته كله. نعم. هذا وحل. وحينما كنت أحاول التخلص من الطعم الكريه من فمي، جاء روجير ووقف باستعداد خلف زوجتي.
قالت:" من فضلك".
وضع روجير ذراعه حول خصرها وقال:" شيرلي"، وحينما التفتت لتنظر إليه قال:" تذكري ماذا قال لك الطبيب المعالج؟ لا تورطي نفسك".
قلت:" حيوان ويتكلم؟. و ما هي حكاية الطبيب؟ من دفع لقاء ذلك؟".
ولكن بكل وضوح يبدو أنهما لم يفهماني.
سكب روجير لنفسه كوب قهوة و جلس على الطاولة، في مكاني المفضل، والجريدة أمامه. تنهدت و ذهبت إلى سريري في الخزانة حيث احتفظ بزبدية للطعام و أخرى للماء، مع جهاز تلفزيون وبعض الدمى.
بالتأكيد كان الجو مكفهرا، بسبب هذه الترتيبات الجديدة. حتى حل يوم لم أضع فيه الكمامة، في وقت كان روجير يشغل نفسه بتشذيب أعشاب الحديقة، لا أعرف ماذا حل بي، ولكنني عضضت ذقن شيرلي. لم تكن عضة قوية. ولكنني جرحتها قليلا. دون أن يسيل الدم. غير أن ذلك أثار حفيظتها، هذا ما رأيته على وجهها.
قالت:" لقد حفرت قبرك بيديك". وحبستني في الخزانة.
بعد دقائق، توقف روجير عن تشذيب المرج. وكانت شيرلي تتكلم معه في الممر. ولم أسمع ماذا يقولان، باستثناء همهمة صوتيهما، ولا سيما صوت روجير، والذي يبدو لي أنه كان يتفاقم. انهرت داخل الخزانة حينما جاء روجير يرعد ويزبد. وضربني أولا على أنفي. ثم أتبع ذلك بصفعتين قويتين. في كل مرة كنت أبكي، و تسيل الدموع من مقلتي. ثم وضع الكمامة على فمي. وربط الرسن بقبة الياقة. وسحبني إلى السيارة. وحملني و ألقاني على المقعد الخلفي. وكانت شيرلي تبكي في مقعدها الأمامي.
سألت:" إلى أين سنذهب؟".
اختار روجير غيار السرعة الأول وتوقف.
" إلى مكان مفرح. فكر بأفضل مكان في العالم".
قالت شيرلي بصوتها الذي تترنم به، ولكن من خلال دموعها. ومد روجير يده وربت على ساق شيرلي وقال:" هيا. هيا".
وفكرت بمكاني المفضل. وقلت:"حسنا. يبدو أنني أرتديها". وجاءني صوتي مكتوما بسبب الكمامة.
حرك روجير السيارة مجددا.
فقالت:" جيد. هذا ولد طيب ومطيع". وانطلقنا بصمت فيما تبقى لنا من الطريق.
س. أشير سوند S. Asher Sund: كاتب أمريكي شاب. والقصة منشورة في مجلة Fictionaut. عام ٢٠١٥