عالم الأخلاق المتمردة، البطل الخارج على القانون/ وين جين أويان / ترجمة
خاص ألف
2015-12-10
يعتبر النجاح التجاري و الفني لفيلم أنج لي " نمر متربص و تنين مختبئ" ( فلم كاراتيه-٢٠٠٠) علامة هامة، ليس في تاريخ السينما الصينية، و لكن أيضا في تاريخ هوليوود.
إنه يبتعد عن أفلام هوليوود التي تتكلم عن الشرق، مثل سلسلة فومانشو، و يحلق في جوه الخاص للبحث عن مكان مناسب له في هذا البلاط الفني الواسع و المتشعب، و لا مجال للشك أنه يختلف عن الليالي العربية الذي أنتجته هوليوود. و الفرق ملحوظ. إذ هناك تشابه في المصادر بين كل الأفلام الهوليوودية التي تقارب ثيمات "شرقية" وتتكلم عن "الشرق" فهي تعود جميعا بذاكرتنا إلى الفلم الصامت "لص بغداد- ١٩٢٤"، وهو الأصل لكل هذه الإعدادات السينمائية التي ركزت على ١٠٠١ ليلة، و التي كانت بالمثل المنبع للأفكار الثقافية الخاطئة، عن ابن الشرق الأوسط و ابن الشرق الأقصى.
و قد كان الأمير المنغولي من شرق آسيا، و كنز الشر في لص بغداد، و ذلك لعقود، أثر مخدر على تصورات هوليوود عن رجال البلاط في "الشرق" الأقصى. فهم يدخنون الحشيش و أغنياء و مرفهون و لهم مواقع سامية.
سبق " نمر متربص و تنين مختبئ" بثلاثة عقود أفلام الكونغ فو و التي أصبحت معروفة عالميا و مشهورة من خلال بروس لي و جيل من نجوم هذه الأفلام التي مصدرها هونغ كونغ و تايوان، و التي أنهت فكرة " الاستشراق" الهوليوودي و فتحت الباب لمشهد سينمائي أوسع يغطي شتى الاتجاهات في العالم الصيني حيث توجد شخصيات صينية مركبة و أكثر تعقيدا. تقوم أفلام الكونغ فو الصينية هذه، مثل لص بغداد، على الخيال المحكي و التقاليد الشفاهية لمجتمعات الداخل. وبينما كانت الأفلام التي تشابه لص بغداد و " هذه الفصيلة " تقوم على تشويه و بتر حكايات من ١٠٠١ ليلة، فإن أفلام الكونغ فو مشتقة بالمثل من تقاليد طويلة و مركبة يطلق عليها جيمس ليو James Liu اسم " الأنواع الفروسية" ( وو جي wu xia).
علاوة على ذلك، إن لص بغداد و مثله نمر متربص و تنين مختبئ مبنيان بنفس الأسلوب و يوران حول محور شخصيات من " عالم تحت الأرض" حيث تتسامى عدة ميزات "بطولية".
فأحمد و هو غريب و لص من بغداد يثبت أنه " نبيل السلوك" و يستحق " الأميرة" أكثر من كل الأمراء، الذين سافروا بعيدا و في أرجاء المعمورة ليصلوا إلى بغداد ليتنافسوا على طلب يدها، لأن مملكة بغداد القديمة ستكون ميراثها من والدها الخليفة.
و أحمد، على غرار الشخصيات الأساسية في نمر متربص و تنين مختبئ، هو صورة شبحية، و ظهوره على مسرح الأحداث يكشف عن عدم كمال المملكة ومحدودية خدماتها و عجز القانون الذي سنه الملك.
لا يستند لص بغداد على شهرة الأربعين لصا ( حكاية من الليالي) ولكن على حياة القاع التي تصورها قصص أخرى و تبدو أقرب لحياة الفرسان الصينيين، فهي مثل أحداث ١٠٠١ ليلة، تتضمن فن الحيلة و الكاراتيه ( صراع الفتوات في الليالي) و التسول. لتفسير هذه الظواهر كان لا بد من العودة إلى عالم تحت الأرض الذي تصوره ١٠٠١ ليلة و الخيال الشعبي العربي، حيث يمكننا تصنيف ظواهر و نماذج الكتابة العربية و متابعة أصولها التاريخية ، و أشكال الانتظام و التجمع في النوادي و الجمعيات التي تطورت منذ البداية و حتى عصر المماليك، هنا يمكننا التفكير بالدلالات التي تتمفصل بموضوعاتها ضمن و على مشارف كتلة حكايات الليالي المختلفة، و كذلك يمكننا ملاحظة فلسفة ارتباطها بالموضوعات الوجودية التي تنجم عن نموذج نوعي خاص من المجتمعات، و المتبنينة حول طيف من الشخصيات " البطولية". و من الملفت للنظر أن يكون هؤلاء الأبطال هم بناة لإمبراطورية الملوك و الأمراء فقط. فالممالك و الإمارات هي المركز في سرد هذه "الملاحم" و "قصص الفروسية" وهي كلها دويلات انتشرت طوال العصر العربي العباسي.
و لا بد هنا من أن تلاحظ دخول نمط من الفرسان الصعاليك الصينيين إلى السرد العربي الشفاهي، و معهم عدد من رجال العصابات التاريخيين الذين يحملون خصائص نوع من الأساطير الحضرية الغريبة على العالم الإسلامي السابق للحداثة، و أعتقد أن هذا واضح في أحداث و بنية عدد من حكايات ١٠٠١ ليلة. إن هذه القصص تقدم سيرة حياة مفصلة، و تتطور ضمن مستويات من قاع المجتمع، و يمكن تصنيفها في نوع أسميه 'حكايات الجرائم. و تجد وصفا لها في دراسات و نقد الأدب العربي الشعبي ( الفولكلور)، و أرى أن لهذه الشخصيات علاقة وثيقة بالشخصيات التاريخية المعروفة. فكل شخصية سردية تحيل لشخصية واقعية ورد ذكرها في سجلات التاريخ.
ومع أن أحدا لم ينتبه لتلك الحكايات لا بد من التركيز على الخلفيات الثقافية التي نشأت منها. و السؤال الآن: لماذا نحن نحكي حكايات عن فنانين صعاليك، و لصوص و رجال عصابات و فناني كاراتيه و قاطعي طريق؟. لماذا هذه الحكايات تقترب من موضوعات لا تجدها إلا في الأساطير؟. بل ماذا تربح هذه الحكايات من وصف العراك و استخدام الأيدي و الأقدام و الرفسات في المعارك و بالأخص عند الأبطال الملحميين؟.
وهل هؤلاء أبطال أصلا؟.
لقد قارنت الحكايات الصينية الشفاهية مع الخيال العربي لتعميق معنى هذه الحكايات القادمة من ١٠٠١ ليلة، وآمل أن أستخلص منها، و كذلك من الرؤية النقدية لها، بعض الأفكار التي تساعد على التفكير بكامل كتلة الحكايات العربية و لا سيما انها لم تحصل على دراسة نقدية واعية.
و لكن أنوه هنا أن السرد الصيني الشعبي كان مهمشا بنفس الطريقة و لم يحصل على اهتمام القانون الأدبي حتى الوقت الحاضر، ولكن عالم الفرسان الصينيين معروف و شائع بين أفراد الطبقة المتوسطة الصينية و المتعلمين الذين يقرأون حاليا هذا النوع الأدبي بكثير من الاهتمام.
وين جين أويان wen chin ouyang : أستاذة الأدب العربي و المقارن في جامعة لندن. و الترجمة بالاتفاق معها.
08-أيار-2021
مقتطفات من : كافكا في المحاكمة الأخرى بقلم : إلياس كانيتي ترجمة : |
17-نيسان-2021 |
03-تشرين الأول-2020 | |
12-أيلول-2020 | |
22-آب-2020 | |
20-حزيران-2020 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |