زيارة من سانت نيكولاس / جيمس ثوربير ترجمة :
صالح الرزوق
خاص ألف
2016-01-16
كانت ليلة عيد الميلاد. والبيت هادئا جدا. ولا يوجد مخلوق يتحرك. و لا حتى أي جرذ يتحرك. الجوارب الطويلة الشفافة معلقة بحذر على المدخنة. و الأولاد يأملون بمجيء سانت نيكولاس ليسليهم.
كان الأولاد في أسرتهم. و الأسرة في الغرفة المجاورة. وكنت أنا و الوالدة في سريرينا. الوالدة ترتدي منديلا. بينما أنا أضع القبعة. وبمقدوري أن أستمع لحركة الاولاد. نحن لم نتحرك قيد أنملة. و أردنا أن يعتقد الأولاد أننا نغط بالنوم.
نادى الأولاد:"أبانا".
ولم يصدر رد. لا بد أنه هناك على ما يرام. هكذا تبادر لأذهانهم.
نادوا مجددا"يا أبتي" و بدأوا يدقون على الأسرة.
سألت:" ماذا تريدون؟".
قال الأولاد:" انتابتنا رؤية عن غزل البنات".
قالت الوالدة:" اذهبوا إلى النوم".
قال الأولاد:" لا يمكننا أن ننام". و توقفوا عن الكلام. و لكن كنت أستطيع الاستماع لحركاتهم. و صدرت عنهم أصوات.
سأل الأولاد:" هل يمكنك النوم؟".
قلت لهم:"كلا".
"ولكن يجب أن تنام".
"أعلم أنه يجب أن أنام".
" هل بوسعنا الحصول على غزل البنات؟".
قالت الوالدة:"لا يمكنكم الحصول على غزل البنات".
"ولكن نريد القليل منه".
مرت فترة صمت طويلة، و أصبح بإمكاني أن أسمع حركة الأولاد مجددا.
سأل الأولاد:" هل سانت نيكولاس ينام؟".
قالت الوالدة:" كلا. الزموا الهدوء".
سألت:" بحق الجحيم هل يمكنه أن ينام الليلة؟".
قال الأولاد:"ربما".
قلت:" كلا، لا يمكنه أن يفعل".
قالت الوالدة:" فلنحاول جميعا أن ننام".
حل السلام على البيت مرة أخرى. و كنت أسمع صوت تقلب الأولاد كلما تحركوا في أسرتهم.
وفي الخارج تصاعد حفيف فوق العشب. غادرت السرير و اقتربت من النافذة. و فتحت غطاء النافذة. ثم دفعت الغربال. كان القمر يلمع على الثلوج.منح القمر الأشياء في الثلج لمعان منتصف اليوم. رأيت زحافة مصغرة في الثلج. و ثمانية وعول ناعمة. كان رجل يقودها. كان رشيقا و سريعا. أطلق صفيره و صاح بالوعول و ناداها بأسمائها. كانت تدعى داشير ودانسير و برانسي و فيكسين و كوميت و كيوبيد و دوندير و بليتزين.
وطلب منها أن تسرع لتصل إلى أعلى الشرفة، ثم طلب منها أن تسرع حتى تقفز فوق الجدار. و نفذت طلباته. كانت الزحافة مزدحمة بالألعاب.
سألت الوالدة:"من هذا؟".
قلت لها:" شخص ما. شخص صغير".
سحبت رأسي من النافذة و أصخت السمع. و سمعت الوعول تطرطق على السطح. كنت أستطيع الاستماع لحوافرها و هي تضرب على السطح. قالت الوالدة:" أغلق النافذة". فوقفت صامتا و شحذت أذني.
"على ماذا تستمع؟".
قلت"وعل". و أغلقت النافذة و تجولت في الغرفة. كانت باردة. نهضت الوالدة في السرير و نظرت لي.
سألت الوالدة:" كيف يمكنها أن تصل إلى السطح؟".
"بالطيران".
"الزم فراشك. و إلا أصابك البرد".
استلقت الوالدة في الفراش. و لكن لم أدخل في فراشي. و تابعت التجول.
سألت الوالدة:" ماذا تعني أنها طارت؟".
"طارت. هذا كل شيء".
استدارت الوالدة نحو الجدار. و لم تقل شيئا.
وغادرت إلى غرفة المدخنة. هبط الرجل الصغير في المدخنة و تقدم من وسط الغرفة. كان يرتدي الفراء. و ثيابه مكسوة بالرماد و الهباب من المدخنة. و على ظهره جعبة مثل جعبات ركاب الدراجات. وفيها دمى. بينما وجنتاه و أنفه محمرة و كانت له غمازتان. لمعت عيناه. كان فمه صغيرا. مثل قوس. و لحيته شديدة البياض. و بين أسنانه غليون. والدخان يتوج رأسه بحلقات. ضحك و اهتزت بطنه. اهتزت مثل إناء من الجيلي الأحمر. وغمز بعينيه، ثم مال برأسه. و لم يقل شيئا.
واستدار نحو المدخنة و ملأ الجوارب الطويلة ثم ابتعد عنها. وضع أصبعه قرب أنفه، و أشار برأسه. ثم صعد في المدخنة. اقتربت من المدخنة و نظرت نحو الأعلى. ورأيته يركب الزحافة. و يصفر لوعوله فطار الطاقم كله. انطلقت المجموعة مثل هبوط أشواك ناعمة في الهواء. و صاح هذا السائق الغريب:"عيد ميلاد سعيد و ليلة طيبة".
فقفلت عائدا إلى فراشي.
سألت الوالدة:" ماذا رأيت. سانت نيكولاس؟". و رسمت ابتسامة.
قلت:" نعم".
فتنهدت و استدارت في فراشها.
قلت:"أايته بأم عيني".
"بالتأكيد".
"لقد رأيته".
" بالتأكيد أنك قابلته" و استدارت بعيدا نحو الجدار.
قال الأولاد:"يا أبتي".
قالت الوالدة:" لقد بدأنا. أنت ووعولك".
قلت:"هيا ناموا".
سأل الأولاد:" هل يمكننا رؤية سانت نيكولاس حينما يصل؟".
قلت:" يجب أن تناموا. ستكونون نائمين حينما يأتي. لا يمكنكم رؤيته إلا إذا كنتم تغطون بالرقاد العميق".
قالت الوالدة:" الأب يعرف كل شيء".
سحبت الغطاء فوق وجهي. كان الجو دافئا تحت الأغطية. و ما أن هبطت بالنوم حتى سألت نفسي هل الوالدة محقة فيما تعتقد.
الترجمة عن النيويوركير. عدد ٢٤ كانون الثاني. ١٩٢٧.
جيمس ثوربير JAMES THURBER: (١٨٩٤- ١٩٦١) كاتب و صحافي و فنان كاريكاتير أمريكي.