أفكار من أجل سورية الجديدة
سحبان السواح
2016-01-30
أعتقد أن علينا جميعا، دون استثناء، تغيير أسلوب تفكيرنا لينسجم مع عظمة الثورة الشعبية، كما علينا أن نتعلم من تلك الثورة كل الدروس الممكنة لنقدر على مجاراتها، ونكون جديرين بها.
ومن هذا المنطلق يقتضي التفكير في كيفية التعامل مع القوى السياسية السورية المتواجدة في الداخل والخارج بعيدا عن الحراك الشعبي الثوري الذي لا يحمل أيا من قيم ومبادئ تلك الأحزاب والتنظيمات، فقد أوجد قيمه الخاصة به كشعب ثائر ضد نظام مستبد. من هذا المنطلق وحتى لا تسرق تلك الأحزاب بقيمها البالية وأفكارها الملتبسة مع أفكار حزب البعث البالية، والتي وعبر زمن طويل استمر لأكثر من أربعين عاما، انطبعت تلك الأحزاب بطابع حزب البعث، وصارت كما يتداول السوريون أحزابا لصاحبها حزب البعث.
وحين نفكر بالأحزاب الدينية من أخوان مسلمين معتدلين، وصولا إلى المتشددين السلفيين، مرورا بما بينهما يطرح السؤال نفسه، كيف يمكن لتلك الأحزاب أن تغيير من نفسها وهي المرتبطة ارتباطا وثيقا بدستورها القرآن.. وكيف سيقبلون بدولة علمانية حضارية
وكذلك حين نفكر بالأحزاب الدينية الماركسية التي لا تختلف كثير عن الأخوان المسلمين.. فطريقة ارتباطهما بالفكر واحدة. لذلك أرى أن من أنه لا من أن تغيير تلك الأحزاب طريقة تفكيرها، ومنطلقاتها النظرية.
وأيضا الأحزاب القومية التي تتشدد للعروبة في بلد يحوي الكثير من الجنسيات.
ولابد من الإشارة إلى الأحزاب الناصرية التي تشبه الأحزاب القومية من جانب وتختلف معها في أنها تؤمن بدكتاتورية الفرد، فما دامت تسمي نفسها باسم شخص كان أول من جاء بالدكتاتورية إلى منطقتنا بعد الاستقلال
كلها أمور تستحق الوقوف عندها والتفكير بها حن نفكر في كيفية التعامل مع مستقبل هذا البلد.. فما كان مقبولا قبل أربعين عاما من الثورة، وبعد أن فرضت الثورة مفاهيمها الجديدة، لم يعد مقبولا أسلوب التفكير الذي نشأت عليه تلك الأحزاب. وأعتقد أن على تلك الأحزاب إما حل نفسها، وإعادة تأسيس تلك الأحزاب من منطلقات نظرية جديدة كل الجدة عما كانت عليه.
فدكتاتورية الطبقة العاملة، وحكمها، و استبدادها في الحكم ما عاد مقبولا، كما أنه لم تعد مقبولة أفكار الناصريين والقوميين العرب بشكل من الأشكال. فنحن حين نتحدث عما بعد الثورة علينا أن نكون في مستوى تلك الثورة العظيمة التي ستدخل التاريخ من أوسع أبوابه، وسيتذكرها العالم أجمع كنقطة علام في تاريخ ثورات الشعوب.
الحرية.. العدالة.. الديمقراطية ستكون العناوين العريض للمرحلة القادمة، وكل ما عدا ذلك هي تنويعات على ذلك العنوان.. ومن لا يقدر على تغيير نفسه علينا أن نبعده بالحسنى والحسنى فقط.. بالحوار الجاد الهادئ. هي أحزاب بكل الأحوال مهترئة، وستجد نفسها في سورية الجديدة خارج التاريخ وستنسحب تلقائيا، وإذا لم تفعل فذلك يعني أن عليها أن تخلع ثوبها وتتخلى عنه لتلبس لبوسا جديدا، وسيكون هذا من واجب شباب تلك التنظيمات لا من عجائزها.
التحديات التي ستواجهها الثورة كبيرة، وكبيرة جدا. وما لم نكن في مستوى التحدي لا يمكن أن نقدر على أن نجاري الأفكار التي أنتجتها تلك الثورة.
مما لا شك فيه أن شباب الثورة سيكون لهم الدور الكبير في سورية القادمة، ولكن كيف؟؟؟ كيف سنجعل مقاتلا ضحى بنفسه وبحياته، وشاهد رفاقه يقتلون أمامه من قبل جنود الطاغية، أن يسلم تلك الثورة لأي كان ما لم يقتنع بأن هذه الثورة ستكون بأيد أمينة.
كيف نجعل من الماركسيين الذين يؤمنون بدكتاتورية الطبقة العاملة ولو أنهم أعلنوا أنها ما عادت تشكل منهجا لهم.. كيف نقنعهم بأن كل أنواع الدكتاتورية مرفوض، وأن الفكرة كانت من أساسها فكرة سخيفة وساذجة، وقاتلة.
وكيف سنجعل ذلك المؤمن بالله وبالشهادة يقتنع بأن الدولة يجب أن تكون دولة علمانية لا دينية؟
كيف يمكن أن نحول ملايين الموظفين في الدولة والعمال والمستخدمين الذين اعتادوا على الرشوة، وبيع الضمائر، والاستفادة من المناصب، بأن سورية الجديدة لا تقبل ذلك لا الآن ولا في المستقبل.
هو جيل كامل تربى على مقولة دبر راسك، فكيف نغير كل ذلك؟؟
قد يولد النقاش حول ما سلف، الكثير من الأفكار الجديدة التي قد تساهم في تحول طفيف نحو سورية جديدة.