قضية حرف الطباعة الصغير/ جاك ديلاني ترجمة
خاص ألف
2016-02-06
في صبيحة يوم بارد من أيلول دخلت إلى مكتبي كنسمة خفيفة. كنت أستمتع بكوب ساخن من ستاربك عالي الجودة و أتصفح الإنترنت بحثا عن آخر الأخبار. و اكتشفت أن عالم القواميس المشهور الأستاذ إدغار نيتيلستون قد وجد ميتا، بطلقة رصاص في الرأس. و قررت الشرطة أنه انتحار.
مدت يدها الممشوقة و هي تطير باتجاهي و لمحت فيها خاتم زواج مرصعا بحجرة كريمة لها حجم فستق إم& إم.
قالت:" أنا إديث نيتليستون".
"آسف لما جرى مع الرجل المحترم".
"أنا لست آسفة. لقد أحبني لكنه كان يعشق الكلمات أكثر مني. سأختصر. كان زوجي مشغولا ببحث سيحطم أساس علم دلالة الكلمات. وتوقع أن يجني منه ثروة لو قام برحلة لإلقاء محاضرات حوله. غير أن أحدا لا يجد أثرا للبحث. و أعتقد أن رسالة الانتحار تركت إشارة لمكانه".
و أخرجت قصاصة ورق من بلوزتها.
قرأت فيها ما يلي:" إديث. أنا لن أنوح فقد عشت حياة سعيدة. و كسبت ثروة و كنت سعيدا بعملي في التدريس، و بيع المعرفة. و لكن رأيت في النهاية أنني مكتئب و فاقد للأمل... و لذلك اخترت ساعة اختفائي و طريقة الرحيل. لقد أسأت التعامل معك. كنت أجبرك على صبغ شعرك البني بلون أشقر. و خيل لي أنه بمقدوري أن أشتريك بينما يجب أن أربح حبك. و أطلقت عليك اسم الساحرة. وكنت أشتكي دائما: أين المرأة التي تزوجتها؟. و تذمرت لأنك تأكلين أكثر مما يجب. و لو أردت التغيير، كان بمقدوري استعمال سياسة الجزرة و ليس العصا. هذا ربما لأنك رغبت أن تطوقي عنقي بالسلاسل، سامحيني. ووداعا".
قالت:" كل الرسالة مكتوبة بحروف طباعية صغيرة. كان زوجي صارما في قواعد الكتابة الصحيحة. و أرفض أن أقبل أنه لا يريد أن يعني شيئا".
قلت لها: " أعتقد أنه بمقدوري مساعدتك يا سيدة نيتليستون. توجد بعض الملاحظات الغريبة في هذه الرسالة. أولا، كما ترين، إنها مكتوبة بحروف صغيرة. و السيد نيتيليستون معروف أنه عالم دلالة عالمي و مشهور، و ليس كاتب رسائل حب مراهق.
ثانيا، في الرسالة جناس أكثر من اللازم، حيث لكل كلمة ما يوازيها بنفس الصوت و لكن مع اختلاف في الإملاء و المعنى. حينما تتعاملين مع عالم كلمات يتأكد لك أن هذا التصرف ليس صدفة. لو قرأنا هذه الكلمات بالترتيب، سيكون لدينا: نواح، بائع، ساعة، أسلوب. و لو ترجمناها بتحويلها إلى ما يقابلها صوتيا ستصبح: نبيذ، قبو، خاصتنا، بيت المزرعة".
بعد عدة ساعات، وصلنا إلى بيت آل نيتيليستون الريفي و فورا توجهنا إلى القبو. و بضغطة زر على قابس الكهرباء انفتح أمامنا سلسلة أنفاق مملوءة بصفوف من الزجاجات الداكنة.
قالت: " أين هو؟ نحتاج لسنوات للبحث في هذا المكان".
" لا تستعجلي يا سيدة نيتيليستون. أولا يجب أن أسألك: كم يبلغ حجم ألماسة خاتم زواجك؟".
" ثمانية قيراطات. و لم يتوقف إدغار عن التباهي به".
سحبت مسدسي الذي أتسلح به و قلت:" وهذا هو ما يقلقني. لقد كنت تكرهينه و تمقتين كلماته. لقد فكرت أن تقتليه و تحتفظي بالنقود التي يجنيها من بحثه لنفسك. و أجبرته على كتابة رسالة الانتحار. متوقعة أنك تعرفين أين سيضع البحث. و لكنه اشتبه بك و خبأها، و لكن كانت لديه مفاجأة أخرى: بقية الرسالة، إنها لا تقتصر على مكان البحث و لكن على هوية القاتل أيضا. الجناس الأخير في كلامه هو: مصبوغة، اشترى، ربح، ساحرة، حيث أكلت، الجزرة، الخاتم".
عندما غادر الشرطة مع السيدة نيتيليستون قمت بنزهة في متاهة السراديب. و لم أستغرق وقتا طويلا لأحدد المكان. كان النبيذ غير مرصوص على الرفوف و لكنه ازدحم في زاوية واحدة و في علبتين، إحداهما فوق الأخرى. و بحذر فتحت العلبة الأصغر في الأسفل.
جاك ديلاني Jack Delany: كاتب قصص بوليسية و خيال علمي.
08-أيار-2021
مقتطفات من : كافكا في المحاكمة الأخرى بقلم : إلياس كانيتي ترجمة : |
17-نيسان-2021 |
03-تشرين الأول-2020 | |
12-أيلول-2020 | |
22-آب-2020 | |
20-حزيران-2020 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |