ابني الجميل .... أحبّكَ قبل أن تولد ... وكنتُ أريد أن أخبركَ أيضاً .. أنّني وأمّكَ لم نتزوج ولم تسنح لنا الفرصةُ أن نحبّ بعضنا كما يجب، أو تعشقني كما يحلو لها ! لكنني أجزمُ أنّك ستكون جميلاً ... أنا سأعطيكَ اللون الأزرق من عينيَّ والقليل من العنادِ والصبر .. ولا أدري أمّكَ ماذا ستمنحكَ غير اسمكَ.. كونها اختارت اسمكَ قبل أن تأتي، وأنا وافقتُ عليه دون اعتراض... ؛ وعندما تنبتُ لكَ أول سنٍ يا صغيري .... أعدكّ يا حبيبي بعدما تغادرُ أمكَ المنزل إلى العمل، سآخذكَ إلى الحدائق الواسعة وأشتري لكَ بالونات ملوّنة وحلوى، وأغطيكَ بقلبي من حرارة الشمسِ أو من لسع البرد ....! كوني سأكون في إجازةٍ من أجلكَ يا حبيبي ... / ــ حبيبي ... يا ولدي .. أنتَ لم تأتِ كي ترى الحربَ والأطفال القتلى والأمهات والنواح والدموع والآباء المكسورين ... يا ولدي هذا صعبٌ ومؤلم جداً يا ولدي ! نعم يا صغيري ... لقد خانتنا الأعرابُ ! والشعوبُ في ملهاةٍ عنّا .. كلّها يا ولدي ...... يحصون قتلانا مع رشفات الشاي والأطعمة الجاهزة والمعلبات .. ويقولون : يا حرام ؟! .... كلّهم يا ولدي أشرار ... كلّهم يا حبيبي خونة ..... !! / ... صغيري .. هل تعرف أن أباكَ يحبّكَ ويحبّ أمكَ ؟ لكن يا ولدي ماذا سأقول ! أنتَ لم تولد بعد كي تبكي في منتصف الليل عندما تراني أبكي وحدي دونكَ ! وأنتَ أيضاً، لم تفطمكَ أمكَ حتى تبكي في منتصف الليل أيضاً لأنزلَ هائماً على قلبي أبحثُ عن ضوءٍ بعيد كي أشتري لكَ "الشوكلاتة" المعجونة بجوز الهند التي تحبّها أمكَ، أو أشتري لكَ بسكويتاً وحليباً اصطناعياً أو دميةً مبتسمة كجثّتي.. .... اسمع يا ولدي ... الحياةُ هنا قاسية كما الحب .. ولا أتمنى شيئاً في هذه اللحظات سوى أن أسندَ قلبي إليكَ وأقولُ لأمّكَ: " لماذا لم ترتّب لكَ سريركَ الصغير " ... / هل تذكر يا حبيبي عندما وضعتكَ على الأرجوحة وكدّتَ أن تقعَ ؟ وقتها ... صرخت أمّكَ وارتجفت .. وبكتْ بعد أن احتضنتكَ بدفءٍ ووبّختني بقسوةِ الجنرالات ! لكنّكَ لم تولد يا ولدي لترى هذا المشهد، وتقول لأمّكَ رفقاً بأبي، رفقاً.. كان يريد أن يسعدني، فأنا أحبّ السماء يا أمي... أحبّ أن ألمسها بإصبعي .. هذه الأرجوحة هي التي تأخذني إليها يا أمي ! *** هل تذكر يا حبيبي ....؟ عندما كانت أمّكَ تضعُ الزنبقَ في المزهرية وترتّبُ أسماءَ الزهور حوله ؟! صباحاً .. إن لم تنسَ هذا يا ولدي ... كان يوماً ممطراً، وكنتَ أنتَ في سريركَ الخشبي تركلُ بقدميكَ الأجراسَ المُعلّقة والدمى الصغيرة وتبكي بصوتٍ خفيض .. ... كانت أمّك تقول لي: ( ضع له الحليبَ وهدّهدّهُ قليلاً كي ينام ) .... كنتُ أنا أقرأ الفصلَ الأخير من رواية الحديقة الوحيدة .. لم أكن أنانيّاً ... قمتُ واحتضنتكَ وسرتُ بكَ إلى الشرفة لأريكَ المطرَ والديكة، مُلصقاً خدّكَ الدافئ إلى خدي ... ...... يا ولدي ... الحياةُ هنا قاسية كما الحب .. غداً يا ولدي عندما تولد من أبٍ غيري ... قل لأمّكَ .. قل لها إنّ أبي الذي لم تتزوجيه يا أمي ... كان يحبّكِ .. / وعندما تخرجُ إلى الحديقة يا ولدي مع أمّكَ كي تلعب ... اركض .. ابتعد عنها وهي شاردة كما شردت عنكَ وعني ! ودون أن تراك ... تعال إلى آخر الحديقة.. يا ولدي هنالك أرجوحة ... إلى جانبها تماماً، إلى الشمال ؛ ثمّة وردة اقطفها يا ولدي واحتفظ بها ... هذا قلبي يا حبيبي ..... إنه لكَ ... ولا ضير تستطيع أن تريه لأمّكَ كل ليلةٍ قبل أن تناما .... . . .
أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...