الواقع والخيال في رواية (القلادة) لحميد العقابي
خاص ألف
2016-03-05
منذ صدور رواية (القلادة) لحميد العقابي* وأنا أتصور زوبعة على شاكلة ما حصل مع (آيات شيطانية) لسلمان رشدي و(مائدة لأعشاب البحر) لحيدر حيدر. ولكن حتى الآن لم يرجمها أحد بحجر.
تتطور الرواية بعدة محاور.
إنما خلا المشهد القيامي الأخير أرى أنها رواية شخصيات. بلا أحداث. ويتخللها أحيانا نقاش إيديولوجي حافل بالشعارات والدوغما.
ولعل هذه النقطة مفصلية في خطاب الرواية. فهي تحميها من الصدمات لسببين. وتضيف حزاما واقيا حول المشكلة اللاهوتية التي يتحسس منها المتزمتون. وتساوي بين اللاهوت والناسوت.
للتوضيح إنها بقدر ما تفكك الأساس المادي للمحرّم (في الدين) تهاجم الأساس النفعي للمحظور في السياسة.
لقد لامست الرواية سيرة النبي بعدة مفاصل.
حياته الجنسية مع زوجاته. ثم علاقاته بالتجارة. وفوق ذلك مصادره المعرفية. وقد حصرتها الرواية في التعلم والقراءة. ثم بالتأمل والاجتهاد. دون أن تغفل دور الوحي.
ولكن هذه المفاصل كلها لم تستند على حقائق من التاريخ. فقد كانت بمقدار ما تشك بالمدونة وتعتبر أن المعرفة مزورة. وهي صناعة بشر. لهم ميول وخلفيات. كانت تعيد تركيب تلك الشخصيات الحقيقية والتي لم يبق منها غير اسمها. فبطل الرواية مثلا: محمد الهاشمي. اليتيم. الذي تعهده نوفل بالرعاية والتشذيب. لم يغادر مدينته (المحمدية). لقد استمر فيها بالرغم من التهديدات. وتزامن تمسكه بالأرض مع ولعه بالسفر أيضا.
وخلف هذه المفارقة توجد مساحة رمادية مخصصة للهجوم على العقل السياسي المركزي. وعلى فكرة الطغيان والفساد في الأحزاب الإشتراكية. وقل نفس الشيء عن شخصية علي وابنه الحسين وزوجته زهرة (خيال غير واضح من شخصية فاطمة الزهراء).
لم يحاول العقابي أن يؤله هذا الثالوث أو أن يؤسطره. وكانت كل عناصر التراجيديا الإسلامية غائبة أو مغيبة. فعلي لم يكن مرشحا للشهادة. وعلى العكس. أخذ صورة بلطجي لا يختلف كثيرا عن فتوات بولاق في روايات نجيب محفوظ. كان يتقن الضرب بالعصا وسلاسل الحديد ولا يعرف شيئا عن التجليات اللاشعورية لتأثير الزهد والتقوى. أصلا لم يكن زاهدا. وانغمس خلال تطوير وإنضاج شخصية محمد في المضاربات كأنه من تجار وول ستريت. وفي فرض وصايته على رموز السلطة المحلية. ص 228. وحتى أن ابنه حسين لم يكن يبدي أي شيء له معنى في خصاله. كان يعيش أسيرا لأقداره. ولا يجد طريقة للخلاص من القلادة التي حملها حول رقبته.
ورباط القلادة يذكرنا بكل صفات القيد البشري (بتعبير سومرست موم) وليس حسب متسلسلة التراجيديا الإغريقية.
فهو لا يكافح المصير. ولا يعرف شيئا عن سلطة اللامتناهي. ويكتفي بالرضوخ لمشيئة هذا العبث الذي يحاصر مدينة المحمدية طوال زمن الرواية. لقد كان حسين شخصية غير متدرجة. ولد متكاملا ولم يتطور. ولا يمكننا أن نقرأ فيه غليان الثورات العربية في عصر الصراع على السلطة. ومع ذلك أرى أنه بمثابة ندبة أساسية في جسم الرواية. فهو الإشارة الوحيدة لسقوط رسالة محمد. والنبوءة المبكرة بالنهاية الدامية للميدنة وليس العائلة فقط. أو بلغة العقابي هو الجرح الذي لا يراه الآخرون ص 572. وبلغة محمد هو موت للفكرة.
لقد كان حديثه عن حسين في مطلع القسم الثالث والأخير أشبه ما يكون بنهاية لفلسفة الشك المثمرة. وتحويلها إلى فلسفة وهمية. فهو لا يؤمن بما يشعر لأنه يراه بمرآته الداخلية أو بحدسه. ص 572. وهذه مخالفة لتفكيره الأسطوري عن المادة.
لقد كانت وعكة حسين النفسية بمثابة موت لنظريته في المعرفة. مثلما كان دفن نوفل (تصوراته عن تحولات الحقيقة) وموت بهيجة (النهاية المفجعة لعصر الوحي والمعجزات والمعارف الوضعية) بمثابة الانتقال من طور في الحضارة إلى طور في الحياة أو الواقع المعاش والمادي.
***
يحتل نوفل المرتبة الثانية في المساحة الرموزية.
إنه لا يأخذ من المشهد غير عدة صفحات. لكنه يمهد بها للحدث ولتطوير محمد. لقد كان برأي محمد نفسه هو الحامل لعصا الرموزية كما قال في إحدى مونولوجاته. والعجيب في الموضوع أنها ليست عصا بمرتبة قضيب. فهو لم يستعملها كصولجان يؤهله لاتخاذ مرتبة إله بشري. بالعكس. إنها عصا هداية. لها معنى من غير شكل.
أصلا شخصيته جوهريا للهداية. لأنه الذي تنبأ لمحمد بمستقبله وقدم له لوازم أو دوافع التحول والانتقال من طور أدنى لطور أعلى. بمعنى أنه لعب دور وسيط بين مصدر ومنبع الألوهة وبين فضاء محمد. لقد تعرف من خلاله على الحكمة. وأخذ منه إكسير تبديل وحدات السرد (بتعبير الناقد حمزة عليوي)** من اللاشعور إلى الوعي. أو من التصورات إلى الإدراك.
وكانت العلاقة المباشرة بين الإثنين تشبه الحضانة والتهيئة. ويمكن القول لو طبقنا مفردات بارت: هي نوع من التأهيل اللغوي. وإضفاء المعنى على الرموز.
وهذا إشكالي أيضا. ومجال لتدخل الرقابة. وأقصد هنا الرقابة الذاتية. فنوفل تابو. منطقة شائكة تلعب بها الظنون.
أولا له اسم ورقة بن نوفل. وثانيا كان على شاكلته كاهنا اهتم بفراغات المعرفة. أو ما نقول عنه الحضارات الميتة. ص27 . وثالثا لعب دورا في تشذيب معارف وعقل محمد. وأخيرا والأهم أنه تكهن له بالنبوة.
فإذا نقلت المدونات عن ابن نوفل قوله: والذي نفسي بيده، إنك نبي هذه الأمة. فقد قال له الشيخ في لحظة الوداع: اسمع يامحمد، أنت نبي. ص148 .
وهذا لو شئت الحقيقة ليس وداعا. بل هو رسالة تكليف. وكأن الرواية أرادت منه أن يكون أبا لمحمد وبمنزلة كاهن/إله لا يطلق النبوءات فقط ولكن يصنع الأنبياء أيضا...
***
تبقى شخصية بهيجة التي تتراوح بين جملة أطياف لا يمكن تعريفها وصور لبقايا ورواسب المدونة. أقصد السيرة النبوية كما نقلها إلينا الخطاب الرسمي.
إن بهيجة مثل محمد. تستأثر بمحور أساسي من الرواية. وتخترق بوجودها كل الأطوار ومستويات الساردة***. على الضد من حسين الذي ينكمش على نفسه في آخر برهة، أو نوفل الذي يظهر ويغيب ولا يحتل غير بؤر من عالم الظل واللايقين.
من هي هذه المرأة؟..
ظاهريا إنها هدية من نوفل لابنه بالتعميد (وهذا تعبير مجازي لأن نوفل عراب وليس أبا حقيقيا. فهو يعجز عن أن يكون إلها متكاملا. ويعيش في المدونة. ثم بموته ينقلب من إنسان بشري إلى مسخ برمائي كما ورد في أكثر من موضع).
كانت بهيجة نوعا نادرا من المخلوقات. تضع حياة محمد في المخاطر. غير أنها تقدم له الأدوات اللازمة للنجاة. ولو فحصت صفاتها المعنوية والمادية يمكنك أن تربطها باللاهوت الإسلامي بكل يسر.
إنها نتاج مخيلة فوق واقعية. وربما هي جزء من المخيال الأسطوري السابق على البعثة. ويمكن مقارنتها مع خديجة بنت خويلد.
فقد لعبت في حياة محمد نفس هذا الدور التأهيلي. كانت خيالا للمرأة الأم، من خلال توفير كل أنواع ومستلزمات الرعاية. من المصادر (النقود)، وحتى تكوين الذات (العمل). وبقراءة مبسطة: كانت بهيجة منبعا للسعادة. يعني مجرد مرسل. بغض النظر عن آليات الإرسال. هل هو التبني أم الشراكة؟..
وهذه هي أول معضلة.
فتعلق محمد بها رحماني. وانصب اهتمامه فيها على أعضاء الإرضاع، الصدر المكتنز. والثدي المتكور والنهد الكاعب وما شابه ذلك. ص 58/ ص 72 .
مع أعضاء التخصيب والحمل، وبالأخص الفرج، والماء المقدس (كما يقول عن الإفرازات المهبلية). ص 158.وهذا يجمع كلا أشكال النشاط الجنسي: فراش الزوجية وسرير الولادة..
والعلاقة كما هو واضح: سبب ونتيجة. وإنما يربط بينهما التفسير الأوديبي.
إنه لا يمكن أن يختلف إثنان أن هذه النعوت صورة للمهد. وللحضانة الأمومية. وللجنس الفموي. حتى الأثداء كانت لها صفات تذكرنا بالمائدة. فالحلمات لها هيئة تينة ذابلة، أو فقاعات على وجه الخمر (وردت باسم السلافة).ص401. أو حبة توت ص410.
ولا يفوتني هنا التذكير بالرموز القضيبية عند محمد. فقد كانت له عصا يتكئ عليها مثل عصا موسى. هذا غير الناي والشبابة وسنارة الصيد. وكلها بلا تردد جزء من الجنس الفموي. وترتبط بالفم والهضم والابتلاع.
إن عالم الرموز الليبيدوية لا يضع حدا فاصلا بين الوهم أو الخيال أو المادة. فالرموز أصلا إسقاطات لا تعترف بالمنطق الملموس ولكن بالتحويل. ولذلك يمكن أن ننظر لها على حد سواء.. أنها جزء من تفكيرنا بالضرورة كاستهلاك وليس كإنتاج، للحفاظ على الذات والنفس وليس النوع.
ولو عدت إلى الرواية، كانت أول علاقة لمحمد بهذه المرأة عن طريق المشاهدة. وأول تلامس معها عن طريق الفم والنهدين (التقبيل والارتماء على الصدر).
لقد تكررت الأدلة على أمومتها في عدة لحظات خصبة وحساسة من المشاهد العشقية.
فهي تحضر إليه ليلا. حتى أنه لا يميز هل ما يحصل جزء من نشاط الحالم أم هو جزء لا يتجزأ من الواقع؟..ص 149.
وهي شكل من أشكال الأم الأوديبية التي ترتفع فوق مصيرها وتتحول إلى إلهة. أو أم عظيمة بالمعنى الذي يعزوه أنجلز للنساء الأثريات. أو فرويد للأم الحائزة على قضيب الأب. ولذلك حلت محل الأبوين في معظم أجزاء الرواية.
كانت البديل للأب الضعيف والمهزوز والمشغول بترهات عالمه الغنوصي. ولعبت دور الأم في الرعاية وإشباع مبدأ اللذة.
لقد كانت وسيطا بين الأب الإله وابنه. أو أنها وحي. ص 180. بتعبير آخر كانت رسالة له من الغيب (ص 149) كما ورد بالحرف الواحد.
لقد اجتمعت الأسباب لتكون البديل الرمزي عن الشخصية المعروفة "خديجة بنت خويلد". وهذا هو مصدر التحسس الأساسي.
فالتفاصيل الجنسية لهذه الشخصيات تدخل في زمرة المحظورات عند المتزمتين. وعلاقة محمد مع بهيجة كانت مكشوفة جدا. مليئة بالمفردات الفاحشة والخادشة للحياء العام. فما بالك لو أوّلناها كجزء من السيرة النبوية غير المكتوبة. ولاداعي للتذكير أن جريمة سلمان رشدي من هذا النوع.. إطلاق تفسيرات ليبيدوية رخيصة على نساء النبي (وأضع هذه العبارة بين قوسين).
***
مع ذلك لا يوجد وجه مقارنة.
لم تلتزم رواية رشدي بالذاكرة الإسلامية. واستلهمت الأسماء فقط. في حين أعادت (القلادة) بناء هذه الذاكرة. ولكن حاولت أن لا توجع كثيرا.
لم تضرب على العصب الحساس. وربما في بعض الأحيان خدمت اللاهوت الإسلامي. فقد ألقت كثيرا من أخطائه المعروفة على الدين اليهودي. ورسمت صورة للزنا والغواية والعقد الجنسية والفجور وتعاطي الربا بإحالات مباشرة لقصة النبي يوسف مع زليخة زوجة عزيز مصر.
ناهيك عن القرآن الذي كتبه محمد (الخيالي).
فهو لم يكن وعظيا، ولا علاقة له بتراكيب أو إعجاز القرآن. وبلغة مباشرة كان يخلو من فلسفة الأوثان والأحجار عند عرب قريش. وبعيدا كل البعد عن العرافة والكهانة التي جاء القرآن ليتسابق معها ويهدمها. وأتحدى أن تجد إشارة واحدة لمبدأ وثني تحول باتجاه التوحيد كما هو قرآن المسلمين بحقيقته وجوهره.
بمعنى أن محمد ( بنسخة العقابي) لم يورط نفسه بلغة الوحي. ولا حتى بلغة أهل الكرامات. وكانت له فلسفة اعتزالية، تهتم بتفاصيل الواقع المادي على طريقة الجاحظ. وبلا تهكم.
إنه من العبث أن تقرأ رواية بأدوات ميكانيكية. كما فعلنا سابقا مع (أولاد حارتنا) لنجيب محفوظ. أو مع (وليمة لأعشاب البحر) لحيدر حيدر.
إنها أعمال مفتوحة على كل التفاسير والتصورات. إنما نحن من استغلها للهجوم على أعداء وهميين ولإحراج السلطات في معارك سياسية لها سيناريو مسبق.
و(القلادة) بالذات ترفد هذه القراءة المادية لذاكرتنا من اللاهوت بقراءة فابية لعجز أحزابنا عن النجاة من سعير الاحتراب المذهبي والطائفي. وتكيل ما لديها من شتائم للشيوعيين والاشتراكية الدولية. وتشبّه حياة الإنسان بإيقاع تيار الماء الجاري ولكنها تقول عن واقع الأحزاب إنها ماء راكد. ص138. وفي هذا المجال يستعمل العقابي تعابير مباشرة بعيدة عن الاستعارة. لقد تكلم عن بريق السلطة وجاذبيتها المزيفة. ص 64. وأشار لتعارض السلطة مع الحرية ص 64. ثم أكد أنه تتساوى عنده كما ورد بالحرف الواحد: فكرة السلطة المضادة والرسالة والمعجزة (ص 179).
باختصار كان حميد العقابي في هذه الرواية مهموما بإعادة تركيب سيرة الإنسان العربي. من المهد إلى اللحد. وفي فترة سقوطه وانهياره. لذك هاجم مجتمع الهزيمة وبنفس الطريقة التحليلية التي استخدها جلال صادق العظم في كتابه (النقد الذاتي بعد الهزيمة). وكان همه منصبا على تصوير نقاط الوهم والضعف تمهيدا لكشف اللعبة الساسية في مجتمعات التخلف.
إنني لا أستطيع أن أفرض على الرواية فكرة لا تريد أن تصرح بها. كما لا يمكنني أن أستبعد جزءا من فضائحية ذهن الكاتب في قراءته لتاريخنا المبكر. فاستعمال رموز تاريخية تساعد على تشخيص الفكرة. والمشكلة هي في خصوصية هذه الرموز. وكونها جزء لا يتجزأ من عالم التابو.
***
ثم ليسس بالضرورة أن يكون محمد في الرواية هو نفسه النبي. وكان يوجد قبل البعثة أكثر من إنسان ينتمي لقريش ويحمل اسم محمد أو ماخوند (أو ماهون كما في بعض الروايات). وكانوا يتسابقون على ادعاء النبوة.
وتوجد أمثلة لنفس الحالة في التاريخ المعاصر.
من ينكر أنه يوجد باسم ونستون تشرشل إثنان: روائي أمريكي بالإضافة للسياسي البريطاني المعروف ذائع الصيت. أو أنه يوجد روائي فلسطيني وآخر لبناني باسم إلياس الخوري. وكلاهما متخصص بالقضية الفلسطينية؟.
ومن لم يسمع بروايتين لهما عنوان واحد هو (المصابيح الزرق)، الأولى صدرت لحنا مينة عام 1954، والثانية لمحمود تيمور وصدرت عام 1960.
لذلك بسبب التعمية والتعتيم، الذي أحاط بولادة النبي ونشأته، لا يمكن لأحد أن يجزم أن ماخوند هو محمد نفسه؟.
ثم إن تأويل الشخصيات التاريخية المتفق عليها مسألة معروفة.
لقد رسم ساراماغو سيرة للسيد المسيح صوره فيها كشخصية تائهة وضائعة وضعيفة، لا يمكنها إنقاذ نفسها من ضلال وأوهام الذات. وفعلت سيلين سلوت نفس الشيء وشوهت تاريخ نيرودا. بالأحرى لطخت سمعته بمسائل شخصية تعود لفترة زواجه الأول المضطرب والفاشل. وكأنه نسخة محسنة من لوتريامون أو بودلير مؤلف (أزهار الشر). ولا أنسى كولون ويلسون الذي فسر حياة الرسول الجنسية بصور قريبة من الفحش والأخطاء الفرويدية المتكررة. ولم يبق إلا أن يقول إنه مثل أسلافه الوثنيين، قتل والده والتهم جثته، وإلهه مجرد وثن بديل للتكفير عن الجريمة .
إن كل الشخصيات الإشكالية تحرض الذهن لإعادة بنائها. ويدخل فيها قسط لا بأس به من الخيال. ومن الأمثلة المعروفة حالة عنترة العبسي.. أين ينتهي مفعول عقدته الطبقية (نسبه لأمه) وأين يبدأ مفعول عقدته العاطفية (حبه لعبلة)؟..
لذلك دخلت على سيرته أحداث منحولة. ولم يعد بوسعنا أن نحدد هل قصيدته (قفا نبك) من المعلقات؟. وكم يبلغ عدد أبياتها بالضبط؟..
وكيف كانت نهايته. بالاغتيال أم لأسباب طبيعية؟؟..
حتى أنه في بعض السير والتراجم تداخلت صورته مع خيالات من عروة بن الورد ودريد بن الصمة باعتبار أنهما من الشعراء الفرسان.
وعلى الأغلب أن (القلادة) تستعيد سيرة (افتراضية لماخوند) من خلال تبرير فيزيقي لخوارق تتخللها الخرافات في سيرة النبي. كانت شخصية محمد في الرواية تنمو في عالمها الخاص. وتفكر بمشكلة الإنسان مع شرط الحرية المحدودة، والصراع المفروض بين الوعي باللامتناهي والواقع.
وكانت كل أطوار حياته موزعة بين معرفة الطبيعة وأسرارها وإنتاج المعرفة وتشكيل الوعي. وهذا أضاف جانبا اجتماعيا لاتجده عند من حولوا التجريد الرسالي إلى أعمال فنية (كما في النبطي وعزازيل وآيات شيطانية).
لقد تساوت في هذه الرواية غرائب وأسرار الذات البشرية مع عجائب تطور المجتمع ، وعكست صورة التوتر والصراع، الذي يرى جون ماكوري، أنه ضرورة لبلورة الواقع الدينامي (ص 309- الوجودية).
فهي ميتا خيال. استطرادات ذهنية بناها الكاتب على أرضية أو خلفية لاوعيه الثقافي. ومنذ أول سطر نوه أن الشخصيات لم يسبق لها أن عاشت خارج النص، وتشابه الأسماء مع شخصيات موجودة في الذاكرة له أغراض فنية بحتة. ص 5.
* صدرت عن دار الجمل عام 2015 في 632 ص.
**بحث قدمه الناقد لندوة الرواية العربية في جامعة المستنصرية.
***الساردة هو الدال في بنية خطاب الرواية. ويختلف عن المسرودية التي تربط الأحداث بهيكل الرواية. بمعنى أنه ينظر للرواية كحكواتي، كسارد لفعل الرواية نفسها. وهذا يعني ضمنا أنه لدينا فكرة عن رواية تعمل على تقديم شكل ومضمون الرواية المقصودة.
شباط 2016
08-أيار-2021
مقتطفات من : كافكا في المحاكمة الأخرى بقلم : إلياس كانيتي ترجمة : |
17-نيسان-2021 |
03-تشرين الأول-2020 | |
12-أيلول-2020 | |
22-آب-2020 | |
20-حزيران-2020 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |