الحق أقول لكم.. لقد تعبت من الكتابة عن آل الأسد, سئمت من الكتابة عن خياناتهم وجرائمهم، و سفالاتهم... سئمت من كل ما يمت إليهم بصلة. قد تستغربون كلمة جرائم على حاكم حكم سورية ردحا طويلا من الزمن، حكمها بالحديد والنار وحاز على ألقاب لا يمكن حصرها من أمثال القائد البطل، الملهم، قائد المسيرة، محرر الجولان، وألقاب أخرى كثيرة لامجال لذكرها هنا فجميع السوريون يذكرونها بأسى بالغ وكراهية عميقة لهذا الرجل.
سأكتفي اليوم بما سقته من صفات وهي كثيرة جدا لأدخل في الموضوع الأساسي لهذه الفاتحة والتي تحمل في طياتها الكثير من الأسئلة التي نحاول الإجابة عنها قدر ما نستطيع. وأولها من هو حافظ الأسد أقتبس عن باتريك سيل:
"حافظ الاسد ابن للاجئ يدعى سليمان الوحش قدم إلى قرية القرداحة لا أحد يعرفه من سكانها قبل قدومه إليها. أشفق عليه سكان القرية وسمحوا له بالإقامة بينهم في قريته الصغيرة التي يقول عنها باتريك سيل في كتابه المعروف أسد.. معضلة الشرق الوسط سورية ان القرداحة كانت عبارة عن طريق يقع في نهايته مكب للأوساخ" #
أليس في هذا القول دليلا واضحا أن حافظ الأسد يهودي صهيوني بامتياز، جهز قبل عشرات السنين؟ ثم أليس في إعدام كوهين تأكيدا على ذلك. فقد طلب من حافظ الأسد تصفيته حتى لا يظلون تحت رحمة كوهين في عملية هي الأكبر في تاريخ الجاسوسية.
"تزوج الوالد مرتين خلال حياته.. وقرر اسكان زوجتيه كل على حدة في غرفتين منفصلتين في ذلك البيت الصغير المبني بالحجر في القرداحة... فيما كان العالم العربي قد خرج توًا من الاحتلال العثماني الى احتلال فرنسي او بريطاني بعد ان نجح الغربيون في الحصول على ثقة العرب لينقلبوا عليهم في الواقع ويرث الاحتلال احتلالاً اخر."#
ويتابع سيل الحديث عن سورية في تلك الفترة فيقول
"كان الشعب السوري شعبًا يعشق الحديث عن السياسة.. وكان صدى اتفاقية سايس بيكو قد تحولت الى تراث يتناقله السوريون خصوصًا والعرب عمومًا حيث نجح البريطانيون والفرنسيون في تقسيم اراضي العرب فيما بينهم "#
ويهتم باتريك سيل بالتدقيق في بواطن الأمور فيقول:
وخلال هذه المرحلة انضم الأسد الى حزب البعث العربي الذي تشكل حديثًا والذي كان يدعو الى بعث المجد والانجازات العربية القديمة.. كان الاسد نشطًا في دراسته الثانوية.. فاختير رئيسًا للجنة شؤون الطلبة وخلال ترأسه لهذه اللجنة كان الاسد يسمح للطلبة المنتمين الى الاحزاب القومية بتنظيم تظاهرات في المدرسة ضد بقية الاحزاب وضد الحكومة وهو الحق الذي لم يمنحه للطلبة المنتمين الى بقية الاحزاب.. وتقول بعض المصادر ان الاسد ارتقى الى مراتب اهم من ذلك حينما وصل الى رئيس لاتحاد الطلبة في سوريا...
"وجد الفرنسيون في العلويين... حلفاء محتملين... ولذلك قرروا ان يفتحوا عددًا من المدارس الفرنسية في قرية القرادحة.. ولم تقتصر مثل هذه (المكارم الاستعمارية) على الطائفة العلوية بل جميع الطوائف الصغيرة التي شكلت ذلك البلد وكان حافظ من بين الاوائل الذين درسوا هناك بالطبع."#
إذن، حافظ الأسد ابن شخص مجهول الهوية، التجأ إلى قرية بسيطة أهلها أميون مهتمون بتأمين لقمة عيشهم: بسطاء لن يسألوه من أين جاء فهو قد جاء ليحتمي بهم وقد أعطوه الأمان فعاش بينهم فلاحا عاديا يفلح ويزرع ويتزوج وينجب. أليس هذا الشخص مثالا للجاسوس الإسرائيلي بامتياز. أليس سليمان الوحش بجاسوس إسرائيلي يفوق كوهين بمراحل كبيرة. وبالتالي أليس حافظ الأسد أهم جاسوس في العصر الحديث.
وعلى هذا الأساس أليس مجيء كوهين إلى سورية في تلك الفترة كان لينسق مع حافظ الأسد ترتيب الأمور وكيف سيتواصل الأسد مع المخابرات الإسرائيلية منذ ذلك اليوم. ألم يكن إعدام كوهين كان ضروريا ، ليبقى سر الأسد مخفيا إلى الأبد.
هذه هي بداية ظهور الأسد، جاسوس لم يسبق له مثيل، قتل مربيه كوهين ليحافظ على سره ومن يومها لم يتوقف عن القتل. بل انتقل من القتل الإفرادي إلى القتل الجماعي فأعطى الأوامر بإبادة مدينة حماه الني ثارت ضده في ثمانينات القرن الماضي.. فكان أهم جاسوس دربته المخابرات الإسرائيلية.. وليستطيع أن يحفظ الحكم في عائلته كان عليه أن يجعله وراثيا فهيأ ابنه باسل لهذا المنصب. ولكن أولاده لم يعرفوا بحقيقته تلك الفترة وحين عرفوها تغيرت مجريات الأمور.
يتبع
# المصدر هؤلاء حكموا سورية