ثقافة العانة / إعداد وترجمة:
خاص ألف
2017-11-11
كان أفراد الطبقة الراقية في القرن الثامن عشر والذي مهد للعصر الفكتوري في بريطانيا يحتفظون بشعر عانة المحبوبة على سبيل الذكرى. وعلى سبيل المثال، كان الشعر المجدول منها يستعمل كزينة في قبعات الرجال، كما لو أنها طلسم، وأحيانا يتم تبادل شعر العانة بين المحبين كدليل على العاطفة. وفي متحف جامعة سانت أندرو في إسكوتلاندا صندوق محشو بشعر عانة إحدى محظيات الملك جورج الرابع، وعلى الأرجح هي عانة إليزابيث كونينغهام، وقد تبرع به أحد أعضاء العائلة المالكة المشهورين بسلوك سادي مخيف إلى نادي فيف Fife للجنس، أو ما يسمى بنادي "مستعطف بينيسون".
وفي المجتمعات الغربية، وبعد انتشار المسيحية، لم يكن كشف جلد المرأة العاري للعيان ما بين الكاحل والخصر مقبولا ثقافيا. ولكن تم التساهل بشأن تعرية الجزء العلوي من الجسم في غرب أوروبا باستخدام الصدارات المعروفة وذلك بين القرن الخامس عشر وحتى بواكير العشرين، انتشار الأثواب العريضة من الأسفل والضيقة من الأعلى والتي تبرز مفاتن المرأة، ولم يعترض أحد على ذلك حتى في المرتفعات التي تنتشر فيها شعوب محافظة وكانت النساء ترتدين القمصان التي تسمح بمشاهدة الكتفين والعنق والذراعين والتي تكشف أيضا عن شعر نصف الجسم العلوي، وقد تقبل المجتمع بكل طبقاته هذه الظاهرة لكنه منع تعرية شعر أعضاء الجنس، وحض على إخفائها.
وتنظر العديد من المجتمعات إلى كشف شعر العانة على أنه سلوك محرج. وربما يعتبر غير أخلاقي وأحيانا بذيء. في كل الأحوال، لا توجد عوامل محددة في أوروبا الغربية بهذا الخصوص، ولا سيما في مناطق واسعة من وسط أوروبا، حتى انتشار البروتستانتية في القرن السادس عشر واحتجاجها على الأزياء الأكثر تحررا سابقا.
لكن لم تكن هناك في غرب أوروبا وفي شمال إسكندنافيا موانع لكشف شعر العانة علنا، فعادة الاستحمام والساونا في أماكن عامة سهل قبول العري الكامل. ومع دخول الشواطئ والمسابح المعدة للاستجمام في كل من غرب أوروبا وحوض المتوسط في القرن العشرين، وبعد اختصار حجم وعدد قطع ثياب الاستحمام عند الإناث والذكور، ولا سيما بعد ازدهار صناعة الأزياء وتنامي شعبية البكيني منذ الأربعينات وما بعد، أصبح من الضروري حلاقة أو إزالة شعر العانة بالشمع وبالأخص عند خطوط أطراف الثياب حتى أصبحت هذه العادة من التقاليد الجمالية.
التعبير الفني عن العانة
في العصور الحديثة، و بعد دخول الرقابة على صناعة الأفلام وسن تعليمات وقوانين ، بدأت العارضات والممثلات اللواتي اعتدن على التعري في المسارح والأفلام والتصوير الضوئي بإخفاء مقدمة منطقة العضو الجنسي باتخاذ أوضاع تساعد على إخفائه أو بوضع الساق أمامه. وهناك أساليب مغايرة منها زاوية التصوير وسوى ذلك. ولكن بعد الستينات أصبح من الشائع للإناث الناضجات المشتغلات بصناعة الترفيه وغير ذلك من الفنون أن تتخذن أوضاعا أمامية يظهر بها كامل الجسد العاري للكاميرا أو لعين المشاهد. وفي الفن المصري القديم، كان الفنانون يرسمون في مكان شعر عانة المرأة مثلثات. وفي الفن القروسطي والأوروبي الكلاسيكي، كان تصوير أو وصف شعر العانة نادرا جدا، أما شعر عانة الذكور كان غالبا عرضة للإهمال إنما هناك استثناءات. وأحيانا يمكن تصويره مع لمسات فنية، كما هو الحال في فن الغرافيك الإغريقي. وهذا هو الحال في معظم الفنون الهندية وسواها من فنون التعري الشرقية. وفي جنوب أوروبا في القرن السادس عشر ترك لنا مايكل أنجلو تحفته الفنية المسماة دافيد، وفيها أبرز شعر العانة، أما الاجسام المؤنثة فقد كان الفنانون يحرصون على تصويرها بلا شعر باستثناء شعر الرأس. مع ذلك، إن التعري في لوحة "سقف الكنيسة البابوية" لمايكل أنجلو قد صورت الذكور بلا شعر عانة. وفي شمال أوروبا، وخلال عصور النهضة، كان شعر العانة على الأغلب مسموحا بعكس الجنوب، ولا إذا اللوحة عن الذكور، لكن كان هناك حياء بخصوص الإناث، ونادرا ما يحصل تصوير شعر عانة المرأة.
وحسب ما ورد في كتاب ماري ليوتاينيس إن جون راسكين الكاتب المعروف والفنان والناقد كان لا يعترف إلا بالفن العاري الذي لا يكسوه الشعر، ولو أن هذا غير واقعي، لأنه لم يشاهد امرأة عارية قبيل ليلة زفافه. وقد صدمه اكتشاف شعر عانة زوجته إيفي واعترض عليها فورا، وتم إلغاء هذا الزواج قانونيا. وافترض أن زوجته متوحشة ومشوهة. ووافق المؤلفون في وقت لاحق على ما ورد في كتاب ليوتاينيس وكرروا تفسيرها للأحداث. على سبيل المثال، كتب جين فينغارتين في كتابه "كنت مع غبي- 2004" أن "راسكين أنهى زواجه لأنه خاف أن يكون في عروسه غرفة من الشعر الخشن والضار، والذي يشبه شعر الرجال. واعتقد أنها حيوان مفترس". ولكن ليس لدينا دليل على ذلك، وبعض المؤرخين لا يوافقون على هذا الكلام.
ويقول بيتر فولير في كتابه "النظرية: الفن وغياب البهاء:"إنه خاف في ليلة زفافه من مشهد شعر عانة زوجته، وعلى الأغلب، قلق من دم حيضها". ويعتقد تيم هيلتون وجون باتشيلور كاتبا سيرة راسكين أن الحيض هو التفسير الأقرب للصواب لإلغاء الزواج.
وتعتبر لوحة "ماغا العارية، 1797" لفرانسيسكو غويا أول لوحة أوروبية تعرض عانة المرأة، مع أن اللوحات السابقة كانت تلمح لها. واعتبرت هذه اللوحة في وقتها بورنوغرافية مائة بالمائة.
ورأى غوستاف كوربي في كتابه (أصل العالم، 1866، L'Origine du mond) أن تصوير طبقة سميكة من شعر العانة فضيحة أكبر من كشف أعضاء الجماع عند المرأة.
وفي أواخر القرن الثامن عشر تم عرض شعر عانة الإناث بطريقة الشونغا اليابانية (إيروتيكا يابانية)، وبالأخص باتباع تقاليد اليوكيو إي. وفي لوحة حلم زوجة الصياد (1814) لهوكيوساي، والتي تمثل امرأة في فانتازيا إيروتيكية، مثال مشهور ومعروف. وفي الرسومات اليابانية، مثل هينتاي، غالبا ما كانت عانة المرأة تحذف، لأنه من فترة طويلة كان عرض شعر العانة غير قانوني. ولكن بعد تلك الفترة أصبح تأويل القانون والتشريعات الدستورية مختلفا.
ومع ذلك حتى بعد استقلال أمريكا كانت المكارثية تتحفظ على الفن الصريح و الذي يتناول الأعضاء الجنسية عند الرجل و المرأة بلا قيود. و نتيجة ذلك هرب هنري ميلر إلى فرنسا لينشر أعماله المختلف عليها، و لم يتم توطينه في أمريكا إلا بعد سنوات طويلة من التجوال.
ومثال عانة عشيق الليدي شاترلي التي يشبهها لورنس بلون غروب الشمس من الأمثلة الشهيرة التي تسببت بضجة قاننونية منعت خلالها الرواية ثم صدرت بطبعة مهذبة. و لم يشاهد النص الكامل النور إلا عام 1961 وفي أعقاب مرور ثلاثة عقود تقريبا على المنع.
جدلا، لقد تغيرت مع الوقت نظرة المجتمع للشعر الذي يغطي الجسم، وبالأخص شعر العانة. وعند منعطف القرن العشرين عري المرأة انتقل من التصوير الواقعي لحواء الأسطورية، إلى الوصف الجنسي لعري النساء، وهذا أثر في طريقة فهمنا للعمل الفني. ومع استمرارا تبدل الثقافة، سيكون من المفيد أن نرى سيعبر الفن عنها. وسيسمح لنا ذلك بإعادة النظر في قناعاتنا عن الموقف الذي يجب أن نتخذه من الفنون البصرية.
*الإعداد من عدة مصادر
08-أيار-2021
مقتطفات من : كافكا في المحاكمة الأخرى بقلم : إلياس كانيتي ترجمة : |
17-نيسان-2021 |
03-تشرين الأول-2020 | |
12-أيلول-2020 | |
22-آب-2020 | |
20-حزيران-2020 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |