أنا حارسة الوردةِ الأخيرة
عايدة جاويش
خاص ألف
2017-12-16
في هذهِ المدينة لا أنام إلا حينَ أتأكد بأنَّ جميع القتلة ذهبوا إلى مضاجعهم، عندها فقط استسلمُ للنوم.
النوم ليسَ أكثر رحمة من اليقظة ولكنني في النوم أنسى ساعةَ الجدارِ المعطلة وعقربها التائه وحكمةَ أجدادي الخائبةَ وحصتي من الجاهلية أنسى حرارة آب وبردَ كانون الثاني.
في النوم أتحسسُ صوتكَ المشحون بالحب القادر على التحليق بأجنحةٍ ملونة والضحكِ بين جدرانٍ مثقوبة، زمنٌ طويل مرَّ وصوتكَ مازالَ هو هو
فكرتُ بالكتابة يومَ أيقنتُ أننا نعيشُ في الفراغ وأنَّ صوتنا ولو كان قوياً أو ضعيفاً لن يصلَ إلى أي مكان، فنحنُ محكومون بالفراغ وبنهايةِ حكايةٍ محبوكة مسبقاً
أعرفُ بأنني أمشي على خُطى دون كيشوت واتجهُ إلى مدينة الطواحين، مدينة الأوهام، مدينتا أتعلقُ بطاحونة الانتصار نصرنا ..وأسمعُ دون كيشوت يصيح في مآذن العقول يقرعُ أجراس القلوب أنا فارس الظل الحزين جئتُ لأحرركم وأعيد لكم الحياة والأمان.
في الليلِ أرى أصابعَ صوتكَ الممتدة من سماعةِ الهاتف تُحَرِرُ شَعريَ المربوطَ تُثَبِتُ أرضاً أقفُ عليها وتَتَفَقدُ الأضرارَ المادية التي لحِقت بضحكتي جراءَ انفجارٍ حصلَ بالقربِ مني
أصابعُ صوتكَ تُمسِكُ يديَّ وتصفعُ خوفي لتقولَ : أنت قويةٌ بما يكفي لنجتازَ هذهِ الحرب بسلام "أنا أعتمدُ عليك"
في النهار يختلطُ الأمر عليَّ وأعيشُ حالةَ لبْسٍ بينكَ وبينَ الله أنا أصدقُ صوتكَ بأنَّ الحياةَ جميلة وأنَّ شوارعَ هذا العالم مازالَ فيها نوافذٌ مفتوحة ومقاعد شاغرة للعشاق وحفرٌ كثيرة للوقوعِ في الحب
أديرُ ظهري وأنظر من النافذة ،فجأةً يسقطُ الله على الأرض أفرحُ وأركضُ إليه لأسأله يا الله هل وقعتَ في الحب أم أنكَ وقعتَ من الحب
لا، لا تقل لي أنكَ سقطتَ برصاصةٍ طائشة
وردَتُنا ذَبُلت ...وأنا مَازلتُ اكتبُ إليكَ كلَ يوم ، في ساعةٍ متأخرةٍ من الليل
..لأسألكَ هل وقعتَ بالحب؟
عايدة جاويش _حمص _سوريا