يتساءل كثيرون من قراء ألف عن سبب الأصرار على نشر الأدب الإيروتيكي، وما غايتنا منه.. أقول لهؤلاء تعالوا نتفق على أن الفجوة كبيرة جدا بين المؤمنين بالعلمانية والمؤمنين بالتحرر، التحرر من كل، القيود التي تكبل الإنسان العربي وتمنعه من الانطلاق نحو الحضارة، والدخول إلى صلب القرن الحادي والعشرين، وبين رجال الدين ومن لف لفهم. وهي فجوة كبيرة جدا. فكلما أراد العلمانيون التحرريون، المسير خطوة إلى الأمام، قام الآخرون بقيادة رجال الدين ورجال السلطة متعاضدين على إعادتهم خطوات عديدة إلى الخلف . فالحلف المقدس القائم بين رجال الدين والسلطة على مساحة الوطن العربي هو سيف مسلط فوق رقابنا جميعا نحن المؤمنين بالعلمانية والتحرر. والمأساة أن هذا العدو، السلطة ، رجال الدين، هو جانب واحد من جوانب المعاناة التي يعاني منها العلمانيون. فرجال الدين الذين يشكلون حلفا مع السلطة هم غير رجال الدين السلفيين بكافة توجهاتهم حين يكونون خارج السلطة، من إرهابيين، إلى أصحاب عقول متحجرة لم تخرج من القرن الأول الهجري ، ولم تفهم المتغيرات التي حدثت في العالم، إلى الجهلة الذين يخطبون في المصلين في المساجد في العالم العربي أجمع ، ويتحدثون يأمرون وينهون يمنعون ويحلون ويحرمون كما يحلو لهم، .و يفسرون على جهلهم القرآن والحديث النبوي بالطريقة التي يريدونها. وهذا يجعلنا الجانب الضعيف في المعادلة. إذن التحدي كبير، وهو لن ولم يسر إلى الأمام أبدا. فابستثناء مراحل قصيرة ، مرت بها المنطقة، وهي مراحل لم يستطع، العلمانيون اليبراليون، تخزين كم كاف من الأكسجين ليستطيعوا الحياة، فباقي مراحل تاريخنا هي نضال مستمر ، السلطة ورجال الدين بكافة نماذجهم، باستثناءات نادرة ، معشوق الخزنوي ليس مثالا وحيدا، كانوا المنتصرين.
تقديم لابد منه للحديث عن نشرنا للإبداع الإيروتيكي ؛ فنحن حين فكرنا بذلك كنا نريد أن نخطو خطوة جريئة نواجه بها أنفسنا، فهل نحن علمانيون وليبراليون شفاهيا فقط أم عمليا، وهل نملك الجرأة على تحدي هذا الواقع المفروض حولنا، ومحاولة التقدم جزء من خطوة دون أن نعود خطوتين للوراء، كان التحدي كبيرا، ودفعنا ثمنه حجب الموقع أكثر من مرة وفي مناسبات عديدة في السعودية، ودول إسلامية أخرى. المهم حجب الموقع في بلد كالسعودية أو غيرها ليس نهاية العالم. وأعتقد أن أصدقاءنا في السعودية سيجدون الوسيلة للوصول إلينا، وللذين حجبوا الموقع أقول أن المواد تصل للسعوديين عبر الإيميل وأن الحجب هو كمن يخبئ رأسه في الرمال ويترك قفاه عاريا.
إذن نشرنا للإيروتيكا هو محاولة لنقول أن الممنوع يزيد من وسوسة الوسواس الخناس، وما هو الوسواس الخناس ، في معظم التفاسير، جاء أن الوسواس هو الشيطان، ولكن أي متمعن في الآية يكتشف أن الوسواس هنا هو الضمير، ضمير الإنسان، الذي يوسوس له لكي يقع في المعصية، أو في الخطأ حسب موقع وطبيعة الإنسان علمانيا كان أم متدينا، بكل الأحول فإن هذا الوسواس يعمل ببراعة أكثر كلما كان المنع، والحجب، ومصادرة الرأي ، والتشدد ، قابع على صدور الناس .
من هذا المنطلق ، فنحن نحاول أن نتحدث في الممنوع لكي نبتعد عن وسواسنا الخناس، عن ضميرنا الذي يوسوس لنا في التطلع إلى جارتنا، أو إلى زوجة صديقنا، أو حتى التفكير غير السليم في أي أمر هو من الطبيعي أن يكون مباحا، وأن يكون غير ممنوع. كم من مصل ، فكر وهو يصلي في امرأة رآها في الشارع قبل دخوله المسجد، فأحس أنه ارتكب إثما شنيعا؟ وكم من متدين حلم في ليله بامرأة ما واحتلم وهو نائم فقام يغتسل من احتلامه؟ ترى لو كانت تربيتنا مختلفة لو لم يكن هذا المنع والقمع الجنسي، باعتبار أننا نتحدث عن الإيروتيك ، وإلا لقلنا المنع الديني والسياسي ، والجنسي ، قلت هذا التحريم على كل ما هو طبيعي في الإنسان، الجنس، المرأة، وكل مخفياتها . لو لم يكن هذا التحريم أما كانت الأمور صحية أكثر.
الحياة لغز كبير، والإنسان مجبول على كثير من الأشياء التي يمنعها الدين، لا ليس الدين، وإنما رجال الدين المتشددين والجهلة، وهم هنا في بوتقة واحدة، لأن الدين لمن قرأه جيدا، وفسره جيدا، قد فهم هذا الإنسان، وفهم حاجاته، وفهم نزواته، ولباها له.
مادام الدين أساسيا في حياتنا لا نستطيع أن نرفضه، نحتاج إلى قراءة جديدة في الدين، نحتاج إلى رجال دين متنورين، عقولهم مفتوحة على العصر ، وكما قبلوا السيارة والطيارة ، والكومبيوتر والتلفزيون وأشياء كثيرة لا يمكن حصرها هنا، عليهم قبول كل المتغيرات الجديدة، وفهمها، وإعادة تفسير القرآن بوجهة نظر جديدة، فهو الصالح لكل زمان ومكان.
نحتاج إلى رجال دين لا يقيمون حلفا مع السلطة، أي سلطة ، دكتاتورية كانت أو غير دكتاتورية، نحتاج إلى فصل الدين عن الدولة، ومنع رجال الدين من التدخل في أي أمر سوى تعليم الناس لدينهم ولكن بشكل منفتح، وبعد قراءة جديدة متحضرة للدين.
أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...