شعر / تقاسيم آسيوية
2006-11-04
خاص ألف
إلى جميل حتمل
ربما فات الأوان
غافياً كنتُ
قبل دخول القصيدةِ
عاريةً
في السرير القصيِّ
سريري.
إذن سوف ترتعش الآن
حرّية هي لي.
سأصارحها
أنني كنت منذ قليلٍ
تشيِّعني ظلمة تدَّعي
أن للطير أسئلةً
لا يراها السجين
وأجنحة لا تراه...
فأيقظَني زغبٌ مطمئنٌّ
أصارحها أنَّ روحي بنفسجةٌ
كفكفتها الفراشات
لكنني يا نواقيس
لو ذاتَ ولولةٍ تستعيرين
صوتي
فقد أنهكتني الغيابات
واشتقت أن أستحمَّ
بلى...
غافياً كنتُ قبل دخول القصيدةِ
عاريةً كي تراني
إلى آخر الكلمات النبيَّةِ
للشاعر الآن ظلان:
أيامه وقصيدتهُ
ساحلان:
الإياب الذي لا يؤوب وأحلامهُ...
أيُّ أرجوحةٍ
تصل الأفق بالأفقِ
فنجان صمتي رهيف الإشارةِ
والأبجديةُ هيفاء
مرصودة لأمير الكلامْ.
هل أقول سريري يسيل
وأهلي مواعيدُ مؤمنةٌ بضَياع المحبِّين؟!
أماه...
أصفى من الدمع
نيَّة هذا الغريب
ولكنَّ حكمته مُرَّةٌ
ودليلُ براءته الهاءُ
وابنتُهُ
وروائحُ أعدائهِ
أيها الشيخ
يا شيخ
رُدَّ صلاتك عني
فإن دمي لا يَضِلُّ
ومسرايَ أقصرُ من قبلةٍ
بين طيرين
يكتشفان الفضاء مصادفةً
ثم يستكملان غموضهما بالغمامْ.
وأنا.. طائرٌ موشكٌ
بين حرفٍ وحرفٍ
أجاهد أقصى السقوط
إلى لذةٍ لا قرار لها
ثم أنسى
ولكنني من جديدٍ
أجاهدُ أقصى الصعود
إلى خيبة الأنبياء
وأنسى
فمن يقطف الحلم
عن شجر النوم قرب القصيدةِِ؟
لمَّ الأسيرُ كوابيسهُ
وهْوَ يُضمرُ منفى
ولمَّ صديقي أساريرهُ
من عيادات باريس
وهو يَعدُّ احتمالاتهِ
أتكون الحياة قراراً رخيماً
يردُّ الغطاءَ عليه جوابٌ
من الموت؟!
هذا سؤال القصيدة لي
عن سؤال سيأتي
ولكنني أرجئ الآن كأسي
وأكمل ما لا سبيل إليه...
أمامي
سراب يراودني عن صهيل الخيول
وخلفي
سراب يراودني عن هديل الحمامْ.
قلتُ: أنزفُ أغنيةً
يشتهيها الخرابُ وتؤنسني
آسيااااااااا آسيا...
نفد اليأس والآس
ليس لهذا النشيج الذي قطَّع الريح
معنى
وليس لعرَّافةٍ
أو دليلٍ من الرمل
غيرُ الذي كان.
لا ترعوي آسيا!!
وأنا ليس لي
غيرُ ما لا أريد
ومقبرتي داخلي
كلَّ يوم أوسِّعها لصديقٍ
يباغتني دمهُ...
لكأني سواي!!
فلا تنكري صورتي يا ابنتي
حين أترك لحمي لهم
ثم أمضي إليّ
فهذي القصيدة أيضاً
ستصبح بعدي سواها
وتنـزفُ...
قلتُ: هوىً
تفتحُ الظلَّ وردتُهُ
قيل: بل طعنةٌ
تغلق الوردةَ المشتهاة
ويبكي النديم الأخير.
إلى أين يفضي الجنون؟!
أفي البدء كان
أم الليلُ
يدرأ شبهتَهُ بالضحى
والفضيحةَ بالصلوات
وبالعلم الوطني الرجيم؟!
إلى أين يفضي الأذان
المواويل
معنى الطريدة
أهلي؟!
سؤالٌ شهيدٌ
يوزِّع أشواكه شامتاً
ثم يلقي
علينا
الشآمْ.
سجن صيدنايا- آب
1993
تقاسيم آسيوية
(( ترجيعات ))
إلى جميل حتمل مرة ثانية
لم يكن ثمة خيار آخر بين المنفى والسجن.
قال لي: لا أظنك ترضى أن تدفعني إلى موت عاجل؟!
قلتُ: بلى... فأنا أخاف عليك من موت أعجل.
وافقني ومضى باتجاه المصير الأول.
كان يبكي وهو يراني أنزلق بإحكام
على شفرة المصير الثاني.
* * *
لا تَنَمْ
يا بقية كأسي
فبين زمانين أعمى وأطرشَ
هذا المكانُ
يرنُّ على صخرة الموت
ثم يكفكف أصداءه جثثاً
وينامْ.
* * *
لا تنم
يا بقية يأسي وحريتي
لا تَدَعْني إليّ
فبين مكانين
لا يبصران
ولا يسمعان
يرنُّ الزمان على أفُقٍ غامضٍ...
ليس هذا خريفكَ
لا يا قرير الهواجسِ
يا راعف الصوت...
قُلْ غير هذي القصيدةِ
يا ابن مراثيك
قل زنبقاً فارهَ الحزنِ
قُلني
فقد أذِن الله لي بدمائي
وأغمضَ عينيه كي لا أراه
فتكسره صورتي فيهِ
قل غير هذي الفضيحةِ
قل بعضها...
من سيشهد أن المناديل
تخفق مثل الحمام
وأن الحمام يرش على روحنا ريشَهُ
ويكحِّل عزبتنا بالحنينْ؟
عَتَبي!!
كيف تخذلني؟!
ضفتان لنهر الغياب الذي
يشهق الآن:
سجني ومنفاك
والنهر يجري طويلاً طويلاً
يقولون
والنهر يجري قتيلاً قتيلاً
تقولُ
وتدلف نحو السرير الأخير
بماذا أغطيك؟!
لم تُبقِ لي غيرَ أسئلتي
هل جميع الغِيابات
من أجل هذي الصلاة الضريرةِ؟!
لا...
لا تنم يا براءة ظنّي
أيكفي حريرٌ من الدمع
يا لا بلادكَ
لا أنبياءكَ
لا قاتليك؟!
بماذا أغطيك؟!
ما حيلتي
غير هذا القميص المطرَّز بالشوك،
هذا الوشاح المشلشلِ بين دمي
والظلامْ؟!
* * *
عشتَ أبعدَ مما نرى الحبَّ
أبعد مما تضيء الكتابةُ
لكنك الآن أبعدَ
أبعد...
فالموت أوَّلُ حرية ترتديكَ
وآخر حرية ترتديها
وتبحر في زورق الصمت والذكريات.
* * *
لا يسيل الردى
لا يسيل السراب.
ولكنَّ هذا دمٌ خالصٌ
أتراه...؟
دم يهمز الغيبَ
والبرقُ يجرح عتمتنا
فتسيل...
إلى أين تمضي
وتترك معناك لي؟!
كنتُ أطهو قيودي
على مَهَلٍ
كنت أقرأ ما تكتب الريح
خارج زنزانتي
وأصلِّي عليك غياباً غياباً
لئلاّ تجرِّدني منكَ...
قلتُ انتظر نجمةً
نجمتين
سنبني سماء بزرقة عينيك
أَرجئْ حنينَكَ بضعَ قصائدَ أخرى
ونبكي معاً
هكذا...
دونما سببٍ لو أردتَ
سنـزرع قمحاً
ونبكي.
سنكتب أحلامنا
بمناقير أحلى الطيور
ونبكي.
سندعو الذين تبقوا من الأصدقاء
ونرفع نخب الأمان ونبكي.
تُراني سألتك معجزةً لا سبيل إليها
سوى الموت؟!
حسناً
إمضِ بي.
إن أقصى الجسارةِ
أن لا تَردَّ القصيدةَ عن وِردها.
لا يُضِرْكَ
على جهةِ الدمِ
أم جهةِ الدمعِ
كن شاهداً
وشهيداً
وبينهما.
كن أمير الذهاب
أمير النهايات
لا يبدأ المرء حراً
ولكنه في الطريق إلى نفسهِ
في الطريق إلى يأسهِ
في الطريق إلى غير هذا الطريق
الذي ينتهي.
في الطريقْ...!
آهِ يا امرأةً يستحمُّ الأذان بأسمائها
يستحم الأذانْ.
سامحيه إذا أسلَمَتْه النبوَّاتُ
سيفاً لسيف...
وألوى بطائرهِ
لُهْلُهٌ لا سؤالَ له غيرُهُ
لا سؤالْ.
تعِبَ الظلُّ في الهاجرةْ.
تعبتْ نخلتي ألفَ عامْ.
نم قليلاً إذن
سأغطِّيك بالريح والذاكرةْ.
نم... ودعني
لعلي أحاول شيئاً
بهذا الحطامْ.
08-أيار-2021
28-تشرين الثاني-2020 | |
08-آب-2020 | |
18-نيسان-2020 | |
07-آذار-2020 | |
16-شباط-2019 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |