الشرير الذي يلبس لبوس الله أحيانا
سحبان السواح
2018-01-27
في الصف الأول الثانوي، وكنا نسميه الصف العاشر حينها، دخلت بنقاش استغرق نصف الزمن الدراسي للحصة بيني وبين أستاذ الديانة في ثانوية عبد الحميد الزهراوي في حمص عبد الحكيم بحلاق. وللأمانة كان الأستاذ ليرحمه الله حيا أو ميتا فأنا لم أعد أعرف عنه شيئا من وقتها بعد أن يئس مني وأعفاني من حضور درسه دون أن يسجلني غيبا، وكنت أمضي تلك ال45 دقيقة أدخن مع أبناء آدو الذين استغلوا وقت الفراغ وعلموني التدخين.
لأكون صادقا مع نفسي ومعكم، لا أتذكر ما ناقشناه، ولكن الذي ظل في ذهني حتى الآن أن وجهتي نظرنا عن الله كانتا مختلفتين. فمنذ تلك الفترة المبكرة من حياتي كان الله هو ذاته الله الذي أحدثكم عن علاقتي به بين الفينة والأخرى.. فهو الطيب الحليم.. المهذب، الخجول، والذي يتعامل مع أمثالي بتواضع ودون أن يشعرني بأنه أعلى مني أو أنني أدنى منه.
ورثت علاقتي بالله، وحبي له، ومعرفتي بحقيقته، التي لاعلاقة بالصفات التي ذكرها اسلام إلا بلقليل منها، ومن جدتي أم يوسف، التي كانت تصلي حين يروق لها أن تصلي، وكان كتابها المستطرف من كل فن مستظرف هو كتابها المفضا، والتي كانت تضعه بجانب القرآن التيب نادرا ما كانت تقرأ فيه.ورغم أن أولادها ورثوه ايضا عنها، إلا أنني تميزت عنهم بتلك الصداقة المتينة التي ربطت بيني وبينه. وبتلك الأحاديث التي تدور بيني وبينه.
كنا، أنا والله، من حينها وإلى اليوم صديقين مقربين. لم أعتبره يوما على علاقة بعزرائيل والحزن الذي يسببه لنا حين يقبض روح أحد المقربين منا، كما أنه لم يفرض علينا الصلاة له، فمن هوه بالنسبة لنفسه؟؟؟ حتى يجعل ملايين الناس يسجدون له!!!! ومن هو حتى يتسبب بالكوارث الطبيعية التي يمكن أن تتسبب في موت آلاف البشر الذين يحتاجون إلى مائة ألف عزرائيل ليستطيع قبض أرواحهم في اللحظة ذاتها.
وهو، صديقي الله، هو إله محمد الذي نطق باسمه دون أن يكلفه الله بذلك، ولكنه كان يستمع لما يقول يؤيد بعضا منه ، ويستهجن الكثير الآخر مما يقوله، أو مما نقل عنه مما لم يقله. لن أطيل في هذا الحديث لأنني لو أردت ذلك لما وصلت إلى ما أريد الوصول إليه من مقدمتي هذه، والتي تبرر لي كل ماكتبته عن علاقتي مع الله منذ ما يقارب السنة وحتى الآن.. عن لقاءاتي به في قاسيون وزياراته لي في منزلي بعض الأحيان.
الله لم يكن سفاحا، ولم يأمر بقتل أحد دون سبب، ولا حتى بسبب، دون محاكمة عادلة تثبت أنه يستحق الموت لأنه تسبب بموت روح لم يأن أوان موتها، وهنا لن أتحدث عن القدر الذي لا يؤمن به الله ذاته.. فالقدر موضوع آخر ليس أوان بحثه الآن.
وهو متواضع لدرجة أنه لا يمكن أن يأمر عبادة بالركوع والسجود له خمس مرات في اليوم وترك أعمالهم والتوجه للمساجد ليشكروه. بالنسبة له على ماذا هو يستحق الشكر، لأنه أوجدهم؟؟؟ وهل يستحق وجودهم تصديقا منه لكلامهم بأنه هو من خلقهم، وليس التطور الطبيعي، كل هذا الشكر.. "على ماذا؟" قالها لي مرة ساخرا من الحالة.
ـ على ماذا يسجدون لي شاكرين خلقي لهم، ولم أفعل، على هذا العذاب والحياة التي يعيشونها بلا سعادة وبلا تسامح، وبلا روح.. أية منة أطلبها منة على وجودهم أساسا.
وهو رحيم ودمعته سخية يحزن لأحزاننا، ويفرح لأفراحنا..
لذلك ومن هذا المنطلق أعلن أن كل ماجرى وما يجري باسم الإسلام من قتل ونهب وتدمير وذبح ونكاح جهاد، ليس إلا اختراعا بشريا نابعا من قذارة النفس البشرية، ولا يمكن أن يكون الله قذرا ليخلق نفوسا بشرية قذرة كتلك التي نشاهدها كل يوم على شاشات التلفزيون والتي تغطي مساحة شرقنا الأوسط وأفريقيا. هم يتحدثون عن إله شرير، شبق، عدواني، يحب رؤية المذابح، ويستمتع بموت الآخرين. الله الذي أعرفه، كما كانت جدتي أم يوسف تعرفه.. لا يحمل هذه الطبيعة. وهو الله الحقيقي وكل ما عداه مزيف.
لكل الذي لم يتورط بعد، لكل من يمكن أن يشغل عقله ولو قليلا أتوجه بهذا الكلام لعلني أنقذه من السقوط في براثن جيوش الشرير .. الشرير الذي يلبس لبوس الله أحيانا.