من مذكرات جثّة مبتسمة في الطابق الرابع
أحمد بغدادي
خاص ألف
2018-03-10
المشهد "77" القناص و الشرفة ..
1/4
*القناص الحانق:
ـ منذُ أيامِ طفولتهِ وحيداً ... في الحيّ لا يحبّه أترابهُ !
في الساحاتِ وعند التلالِ منزوياً أسفلَ الطريقِ يُفكّر بالانتقاماتِ والمكائدِ والأفخاخ لكلِّ الذين ينبذونه ولا يحبذون وجودهُ معهم !
أصهب... والنمشُ في وجههِ متناثراً كقطعٍ نقدية لامعةٍ في قعرِ نهرٍ صافٍ !
إخوانهُ لا يحبونه ...!؟
أخواته ينفرنَ منه في حفلاتِ الميلاد وعند الأصدقاء وفي المدرسةِ وطاولات الطعام !.
حتى الفتاة التي عشقها في مراهقتهِ .. في الحيّ الثاني، تسخرُ منه أمام صديقاتها والجيران !
كلُّ شيءٍ أمامه أسود..
كل وردةٍ امامه سوداء ..!
وأيضاً بياض ورقةِ واجباته المدرسية ... أسود !
.................... مرةً .. في الثلاثين، وجدَ دميةً على حافة الطريق.. فمزّقها !
لا يحبّ المرايا ولا عدسات الكاميرات .. ولا حكايا الجدّات عن الحقول والنسمات الدافئة ..!
.
.
في الحرب.. وعلى شرفةِ البناء المهجور .. كان يمدّ قناصته كأفعى أمامه ويمسح عليها كأنّه يداعبُ شَعرَ حبيبته الافتراضية ...!
يبتسم بخبث وهو يتذكّر الأطفال الذين كرهوه .. الفتاة المتعجرفة .. إخوانه .. أخواته .. المرايا التي تُحدّثه عن دمامتهِ ..! ............... الورود التي تُهدى للعشاق والمرضى المدلّلين ...!
كل هذا ... أمامه الآن ..
كلُّ عابرٍ الآن هو خصمه !
حتى القطة التي تعبر الشارع بثقةٍ العارف بالدربِ واللامبالي بالخراب ! .......... خصمه !!
............. بعد قليلين وهو يحكُّ مؤخرته .. بسأم؛
يرى بين جدارين .. في السهلِ أمامه ............. حافلةٌ تسير..
بدأ بتنفيذ خطط الطفولة ...
السائق ..
الأمُ التي تحملُ الرضيع ... الرضيع .. الفارون واحداً تلو الآخر ....!
يبتسم .. ويضع ظهره إلى الجدار.. قناصته بين ركبتيه ساخنة .. ورأسه إلى الأعلى .. عيناهُ إلى السقف !
ورائحةُ العرقِ (الآدمي) ......................... تفوحُ انتصاراً !!.
***