تغويني المدن الجميلة ، تراودني عن مدني ، فأضيع في شوارعها الغريبة المزروعة مطرا وثلجا وعشب اخضر ، وأحلم

أتوغل في الغابة القريبة ،وأعبر طرف البحيرة ، ترمقني تلك البجعة السوداء بعين جامدة ، فأرمي لها ولطيورها فتات الخبز , وابتسم

في الصباح أغرس قدمي بطرقات الغربة ، فيتسرب صقيع الارض الغريبة ، الى قلبي الموجوع ،، وفي المساء آوي الى محارتي العجوز ، و أستدعي ذاك الحلم الذي يراودني بإلحاح من الضفة الأخرى، وأمضي

أبحث عن مدن تركتها هناك ،سماؤها غائمة ،وأرضها بلا حيطان ، وأهلها كالعصافير مطاردين في كل مكان ، على خرائط العالم بلا عنوان

أكفكف دمعي ، وألوح من هنا ، بيد واحدة ، لطيف أمي البعيد ،المشلوح هناك ، وحيدا في تلك البراري المغبرة اللون والرائحة ، وأكش كوابيسي المبحوحة الصوت التي تزورني عند الفجر

أجتهد لأتقن الخروج من ذاكرة خريف ، أتى قبل الآوان ،وأعبر بحزني دهاليز

الوقت الموغل في البعد ، وأنشج مع تلك اليمامة انكسارات القلب والروح

وفي ليالي البرد ، أنشد مراثيّٓ، وأقرأ تعويذاتي ، و أحلم كثيرا ، بيتي كان هناك ، وحارتي ، وجدائل بنت الجيران ، وخميلة الياسمين كانت هناك

وذاك الذي اصبح بعيدا في الزمن

كان هناك …