عند الأسود الانتصار على الشعب هو المهم
سحبان السواح
2018-03-31
في حياة النظام السوري وآل الأسد انتصاران حقيقيان فقط. والانتصاران لم يكونا ضد إسرائيل التي أخذوا شرعيتهم في الحكم من أجل محاربتها وتحرير فلسطين وإعادتها إلى أبنائها. حقيقة الأمر أنهم أعطوها مبررا للبقاء، ومبررا لقهر الفلسطينيين، وكانوا سندا لإسرائيل في كل ما فعلته ضد الفلسطينين. أسوق كلامي هذا ومن تجارب شخصية لأقول أن نظام الأسدين لم يربح سوى المعارك التي خاضها ضد شعبه وماعدا ذلك كان حافظا قويا لعدوته المعلنة إسرائيل.
المعركة الأوى التي ربحها النظام كانت حربه التي شنها على مدينة حماة والتي ثار، حينها في العام 1980، شعبها ضد ظلم حافظ الأسد وبتشجيع إسلامي محلي واستطاع حافظ الأسد أن يخرج منتصرا منها بعد أن قتل وعذب وسجن آلاف الحمويين يساعده صمت العالم فقد بدأت العملية وانتهت عام 1982 دون أن يسمع بها أحد في العالم رغم معرفة قادة العالم الحر بما يجري في سورية.
يجب أن نحتفظ في ذاكرتنا بصمت العالم في تلك الأوقات ونقارنه بصمته اليوم لنعرف كم كان نظام الأسد بنسخة الأسد الأب و بنسخة الأسد الابن متعاملا مع الغرب وإسرائيل فالأسد الابن يبدو نسخة عن أبيه وهو يقود معركته حاليا ضد الشعب السوري بكافة اطيافه مستثنين منه بعض الموالين لمصالح شخصية أو لأسباب طائفية بحتة لقد استطاع الصمود حتى الآن في وجه ثورة عارمة يقوم بها الشعب السوري ضد انتهاكاته لحقوق الإنسان وضد فساد نظامه ومطالبا في الوقت نفسه بحريته هو حتى الآن لم يستطع حسم معركته مع الشعب هذا بحد ذاته يعتبر انتصارا له.
قلت أنني سأروي تجارب شخصية كأمثلة عن تورط النظام في خيانة شعبه وبلده والتعاون مع الإسرائيليين. واسمحوا لي بأن أكتب تجارب باللهجة العامية لأني أراها في هذا المكان أقرب إلى القلب.
كنت طالب بالجامعة سنة أولى بحرب السبعاوستين وكنا متل شعلة نار بدنا نساهم بالحرب بعد ما بلشت فطلعنا مظاهرات بكلية الآداب وهتفنا ضد الصهيونية وهتفنا أننا بدنا نشارك بالحرب.. بالأول المسؤول العسكري وكان ملازم أول احتياط قالنا أنو نحنا ما مدربين ع الحرب وما ممكن ياخدونا بس نحنا ما سكتنا وبقينا نتظاهر ونطالب بأنو بدنا نساهم بالحرب. الملازم أول قام باتصالاتو وخبرنا أنو راح يسلحنا وراح نروح ع الجبهة. وبالفعل ركبنا سيارات الزيل وأخدونا ع مستودع سلاح كان فيه بواريد بس بواريد قديمة وما ممكن حدا يحارب فيها، بس حماسنا أعمانا عن هالشي وكان المهم بالنسبة إلنا كشباب صغار أنو ما بيصير تمر حرب مع عدوتنا إسرائيل وما نساهم فيها.
طلع نصيبي بارودة دك فرنسية موديل قديم كتير يعني بدها تتلقم كل طلقة مشان تطلق البعدا ومع ذلك قبلت وقلت شو ماكان ممكن بكل طلقة بروح إسرائيليي ركبونا سيارت الزيل وأخدونا ع منطقة عم تنطلق منها باصات عم تروح تنقل متطوعين ع الحرب بس كمان كان في باصين صاعقة محترفين معنا .ركبنا الباصات وانتقلنا ونحا عم نغني أغاني الحرب.. متحمسين وبدنا بس نوصل لنشوف اليهودي ونقتلو هلأ لما بفكر بهديك المشاعر بزعل من حالي كيف كان وعينا قاصر.
المهم نحنا وكل حماسنا ما حسينا بالطريق الطويل وقبل ما نوصل هاجمتنا طيارات العدو خفنا.. مين ما بيخاف من الطيارات اللي عم تمشط متل إشارة الضرب من اليمين والشمال، وسمعنا صوت الطلقات عم تخترق جسم الباصات طلب منا الملازم أول أنو بس تروح الطيارات ننزل من الباصات وننتشر منبطحا على الأراضي الملايانة سنابل قمح. وفعلا بس ماعاد سمعنا صوت الطيارت تدافعنا لننزل من الباصات وبس صرنا ع الأرض ركضنا بين القمحات وانبطحنا مالحقنا ناخد نفسنا حتى رجعت الطيارت وبلشت تقصف الباصات .. بس فجأة حسينها بلشت تمشط حقول القمح بالجنب التاني من الطريق.. فرغت حمولتا ورجعت وأجا غيرها وبلش تمشيط المنطقة اللي نحنا فيها. حسيت بالخوف مين ما بيحس بالخوف من طيارة وهوه مامعو غير بارود فرنسية موديل ال 36 فجاة حسيت الطيارة قريبة مني كتير. قلت راحت عليي. فكرت بأمي وأبي وأخواتي وقبلت الأمر الواقع فجأة حسيت بشي فات برجلي وتألمت كتير صرخت تصاوبت أنا تصاوبت زحف رفيقي لجنبي ورفع رجلي وقلي بسيطة هي يمكن باهمك منصاب .. وضحك وقال: ما بتموت يعني. بس أنا كنت خيفان.
بقي القصف شي ساعة ونص الطيارات عم تروح وتجي وكل طيارة بترمي حمولتا من الرصاص وبتروح .. لحتى مرة وقت ماعاد سمعنا صوت الطيارات صرخ الملازم أول بسرعة غيرو المكان وقد مافيكن تبعدو بعدو وقد ما فيكن تبقو بالحقل ابقو قمنا وأنا رجلي ما عم بقدر دوس عليها عطاني رفيق كتفوا وقلي يالله صرت نط ع رجل وحدة .ماعاد رجعت الطيارت وبقنا ماشيين شي ساعة وكان لازم نرتاح الملازم أول اكتشف مغارة واطية وقلنا ازحفة جواتا لبين ما تعتم شوي.. زحفنا واستقرينا رفيقي قلي حط رجلك ع رجلي مشان ما تتلوث رجلك بالتراب وفعلا حطيتها مر وقت طويل قبل ما يقلنا الملازم أول يالله نمشي لحتى نلاقي وسيلة نقل تنقلنا.. وصلنا ع الطريق العام مشينا ع أطرافة كانت سيارت الدفاع المدني من المتطوعين المدنيين عم تجي من الشام ركبونا نحنا المنصابين بالأول وأغمى عليي فتحت عيوني بمستشفى .. عرفت بعدين أنها مستشفى الجامعة والدكاترة عم يطلعولي الرصاصة من رجلي.
يتبع