هل كان ياسر العظمة معفّشاً ؟
حسان محمد محمود
خاص ألف
2018-06-23
(لا للتطنيش على التعفيش)
...............................
نعم، وأسس للتعفيش في الدراما، فجزءٌ من قصصه المعروضة في المسلسل التأسيسي، المهم درامياً "مرايا" كان لكتاب عالميين مثل تشيخوف وعزيز نيسين، وسواهم من السوريين الذين لم يذكر أن النص أو الفكرة التي تعكسها هذه المرآة أو تلك تعود لهم، بل اكتفى، من باب التدليس، وحفظ ماء الوجه أمام متهميه بالتعفيش بذكر عبارةٍ عامةٍ، مطاطةٍ هي (مما قرأ وسمع وشاهد). المشاهد غير القارئ أو العارف سيعجب بغرابة وعبقرية الفكرة، فينسبها بسبب جهله لياسر العظمة، فتعمّ شهرته، ويزداد إقبال الناس عليه، وبالتالي رواجه لدى المعلنين والممولين، فيرفع سعره في مفاوضاته معهم.
أما المشاهد القارئ، العارف، يستطيع إسكات احتجاجه على التعفيش قائلاً "ويحك ! لقد كتبت في الشارة أن بعض النصوص مما قرأت وسمعت وشاهدت".
فيما يتعلق (بما قرأ) ياسر العظمة المسألة لا تحتمل تأويلاً آخر، كان يمكنه، ويجب عليه، ذكر اسم الكاتب صراحةً، وهذا لن يكلفه تقنياً إلا جهداً ضئيلاً.
أما بخصوص (ما سمع) أو (ما شاهد) فحقوق الملكية الفكرية لا تعود لأبطال الحدث الحقيقيين، بل للكاتب الذي ينقل الحديث المسموع، أو الحدث إلى الورق، وإن شاء الكاتب أو ياسر العظمة يمكنهما الإشارة في متن النص أو على سطح شاشة العرض أن الحدث أو الحديث مأخوذٌ عن قصةٍ حقيقيةٍ.
كثرت ظواهر سرقة المخرجين والمؤلفين للنصوص في الدراما السورية بعد هذه الفتوى التعفيشية لياسر العظمة، ومن يقرأ يعثر ببساطةٍ على وفرةٍ من حالات السرقة هذه، وهذا خطيرٌ ومهم، لأنه فضلاً عن البعد الأخلاقي، ومدلولات هذا التصرف على مستوى القيم الناظمة لسلوك العاملين في مجال الفن في سوريا، تشير حالة التعفيش هذه إلى مشكلةٍ من أهم المشاكل التي تواجه الإبداع بشتى فروعه وصنوفه، هي الهدر الجزئي أو الكلي لحقوق المبدع، المادية والمعنوية، وهي حقوقٌ توافرها شرطٌ جوهريٌّ كي يكتفي المبدعون، ويطمئنوا، ويتفرغوا لمشاريعهم. المفارقة المؤلمة، هي أن الممثل عائده المالي أكبر بما لا يقاس من عائد الكاتب، أما حقوقه المعنوية فمحفوظةٌ، بحكم ظهوره الشخصي وظهور اسمه على الشاشة. إزاء هذا التفاوت المالي، لا يبقى للكاتب المسكين إلا حقوقه المعنوية معقداً للرجاء في أن تعيد بعض التوازن بينه وبين الممثل. ياسر العظمة، حتى هذا الرجاء أهدره، عبر إغفاله وتجاهله اسم الكاتب.
يمكن لياسر العظمة أن يصحح جزئياً ما أسس له من تعفيشٍ، بأن تعكس إحدى مراياه القادمة ما فعله على هذا الصعيد، مشفوعةً باعتذارٍ صريحٍ، وهذا أقل الواجب، وقد يكون مناسباً عنواناً للمرآة التي تتناول ما سلف ( لا للتطنيش على التعفيش).