تحمّل سلطة الانتداب الروسي والنظام السوري المسؤولية القانونية والأخلاقية عن ترحيل عدة مئات من متطوعي الخوذ البيضاء، مع عائلاتهم من جنوب سورية، نحو الخارج. وسواء تم تطبيق قوانين الحرب أو السلم، فإن حياة هؤلاء المتطوعين الإنسانيين كان يجب احترامها والحفاظ عليها، وهم الذين لم يحملوا السلاح، وأجمع العالم على دورهم في إنقاذ حياة عشرات الآلاف في عموم سورية، ونالوا عليه التكريم من مؤسساتٍ دولية. لا تزال المعلومات متضاربةً بشأن ظروف ترحيل 800 متطوع من درعا والقنيطرة نحو الأردن، برفقة عائلاتهم تحت غطاء الأمم المتحدة، وبقرار من الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا، لكن أبواق الممانعة ارتفعت للتنديد بهم، وتم وصفهم متعاونين مع إسرائيل. وزاد في الأمر أن إسرائيل استغلت عملية تأمين مرورهم نحو الأردن لتبييض صورتها، واستفادت جيدا من الخدمة التي أداها لها النظام السوري. في هذا الأسبوع، قامت إسرائيل بعدة جرائم، وأرادتها أن تمر من دون أضواء إعلامية. الجريمة الأولى إقرار الكنيست قانون يهودية الدولة التي صارت بموجب ذلك دولة الشعب اليهودي، وبذلك أعطت نفسها الحق لتشطب ربع سكان الدولة العبرية من فلسطينيي 1948، وتلغي حق العودة الفلسطيني. والثانية مواصلة عمليات ترحيل سكان منطقة الخان الأحمر قرب القدس. والثالثة إطباق الحصار على غزة، بإغلاق معبر كفر أبو سالم، ومنع دخول البضائع إلى القطاع ومواصلة القصف يوميا. وبدلا من أن يركز الإعلام والرأي العام والأمم المتحدة على بلطجة إسرائيل وحكامها الذين بلغوا من العنف والعنصرية مستوىً خطيرا، فإنه أوْلى الاهتمام بترحيل ذوي الخوذ البيضاء، وقدّر لإسرائيل "تدخلها في مناطق العمليات العسكرية لإنقاذ أرواح عائلات سورية". إنقاذ حياة 800 متطوع سوري مبادرة إنسانية تستحق التقدير، لكنها ناقصة، لأن الولايات المتحدة كانت تستطيع ذلك بإبقائهم في بلدهم من خلال الضغط على سلطات الانتداب الروسي، وكان في وسع القوى العظمى أن توقف عربدة الروس في سورية، وتمنع التهجير نحو إدلب التي تحولت إلى قلعة لجبهة النصرة. إن استقالة المجتمع الدولي من مسؤوليته في سورية، وتخليه عن السوريين بهذا الشكل، هو بمثابة رميهم إلى "داعش" وجبهة النصرة وبشار الأسد، من دون أي خيار آخر. وذلك في وقت تبقى خرافة أمن إسرائيل أولوية كل الأطراف. وليس مصادفةً أن إسرائيل بدأت منذ عدة أشهر تحرّكا لدى الأوساط المؤثرة في الإدارة الأميركية من أجل إلحاق الجولان نهائيا بها، وانعقد لهذا الغرض مؤتمر في مجلس النواب الأميركي، الأسبوع الماضي، بمبادرة من رئيس المركز "الأورشليمي" الإسرائيلي لشؤون الدولة والمجتمع، دوري غولد، المقرب من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وعضو الكونغرس عن الحزب الجمهوري، رون ديسانتس، وطالب المشاركون فيه الإدارة الأميركية بـ"الاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان". وجاء هذا المؤتمر في إطار النشاطات التي يبذلها اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة لهذه الغاية، من خلال التأكيد على "ضرورة تعزيز أمن إسرائيل". وقال دوري غولد، في كلمته، إن وجود إدارة في واشنطن تتفهم احتياجات إسرائيل الأمنية، يستدعي توجيه رسالةٍ إلى العرب والعالم، مفادها أن الولايات المتحدة تقف إلى جانب إسرائيل، وتعزيز مكانتها الإقليمية. فيما قال ديسانتس إنه بعد ما جرى في سورية في السنوات السبع الأخيرة "يكون من الجنون تصوّر أن تعود هضبة الجولان إلى سيطرة الرئيس بشار الأسد". في هذا الوقت، تتوالى أخبار قتل الناشطين السلميين في سجون الأسد. ولا يخلو التوقيت من دلالة، خصوصا أن كل الذين يعلن النظام عنهم هم شباب التنسيقيات السلمية الذين عرفوا باسم ناشطي الورد، مثل يحيى شربجي وشقيقه معن، اللذين تلقت عائلتهما خبر موتهما تحت التعذيب يوم الإثنين الماضي.
أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...